التفاوض هو عمليه ديناميكية كثيرا
ما تحدث فى حياتنا اليومية وهو سلوك طبيعي يحدث عند تفاعل الانسان مع البيئة المحيطة
به، فهو موقف يتبارى فيه طرفان أو اكثر حول موضوع من الموضوعات المشتركة، ويتم فيه
عرض مطالب كل طرف وتبادل الآراء، وتقريب وجهات النظر، ومواءمة الحلول المقترحة،
واللجوء إلى كافة أساليب الإقناع المتاحة لكل طرف لإجبار الطرف الأخر على القبول
بما يقدمه من حلول أو اقتراحات، تنتهي باتفاق يكون ملزماً لجميع الاطراف اتجاه
أنفسهم وتجاه الغير.
ومع الأهمية المتزايدة للتفاوض
واستمراريه هذه العملية تطلب منا الامر اتقانها مما يتيح لنا القدرة على اقناع
الطرف الاخر بما نريده.
وعلم التفاوض ليس بجديد علينا انما
هو قد نشأ منذ القدم فقد اقر القرأن الكريم بالتفاوض كأفضل اسلوب للأقناع حيث قال
تعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن
"
وقال ايضا "لا إكراه في
الدين".
وقد تطور هذا العلم على مر العصور
وأصبح في الوقت الراهن ضرورة حتمية خاصه ونحن في عصر العلم والتكنولوجيا والتعدد
في أوجه الاتصال البشرى إعلامياً وتكنولوجياً عبر الوسائل المستحدثة مثل شبكة
الإنترنت والاقمار الصناعية، وبهذا تصبح المعرفة نشاطاً جماعياً مشتركاً بين
الجميع ومن شأن ذلك أن يسهل مهمة الباحثين عن الحوار او التفاوض حول شتى القضايا
ذات الأهمية بين الطرفين، ومن المستحيل تجاهل هذا التطور الهائل وعدم الأخذ به في
عمليات التفاوض.
- استراتيجيات التفاوض تتوقف على
انواع المتفاوضين
وتتعدد استراتيجيات التفاوض بتعدد
انواع المفاوضين فمنهم المفاوض الذى يحاول الوصول للنفع الكامل ،و المفاوض الذى
يكون على استعداد للتنازل عن كل ما يطلب منه وأيضا المفاوض الذى يحاول تجنب
التفاوض ومشاكله ،ومن يحاول الوصول الى نقطه فى منتصف الطريق، والمفاوض الذى يحاول
الوصول للفائدة القصوى للأطراف المتفاوضة عن طريق توسيع دائرة الفائدة وادخال
عناصر جديده لا حداث التوازن المطلوب وزياده المنفعة لكلا الطرف.
وكل نوع منهم يلجأ لاستخدام الاستراتيجية
التي تناسبه فهناك مثلا استراتيجية التفاوض للحصول على الفائدة الكاملة،
واستراتيجية التفاوض عن طريق توسيع دائرة التفاوض لتحقيق المصلحة العامة، وكذلك استراتيجية
التفاوض عن طريق توسيع دائرة التفاوض لتحقيق مصالح خاصه.
وقد اخذت عمليه التفاوض عده مسارات
اخذت على شكل نظريات وهى المسار الكلاسيكي والذى يدافع فيه كل مفاوض عن رأيه بشتى
الطرق ،والمسار التفاوضي المنظم والذى ويعتمد فيه المفاوضين على الوصول لاتفاق
حكيم ومرضى يحقق المصالح المشتركة لكل الاطراف مع عدم اغفال محيط العمل والقوى
الاخرى.
- السير على خطوات محدده يصل بنا
الى عمليه الاقناع
ويرى البعض ان عمليه الاقناع شبه مستحيلة
خاصه مع عدم معرفتنا بمن حولنا لا بآرائهم ولا أفكارهم ولا بما يقنعهم
ولكن التفكير فى المستحيل وأشباهه
يصل بنا فى النهاية الى فقدان الامل ومن ثم الفشل فى كل ما نريده ونفكر فيه، فاذا
رغبنا ان نقنع من حولنا بفكره او موضوع ما علينا ان نفكر اولا ونسير على عده خطوات
وهى:-
أولا: حدد هدفك وأفكارك وابحث
عن كل الحقائق المتعلقة بالموضوع الذى تريد اقناع الاخرين به.
ثانيا : لابد أن تكون مقتنعا
جدا من الفكرة التي تسعى لنشرها ، لأن أي مستوى من التذبذب سيكون كفيلا أن يحول
بينك وبين توصيل افكارك للغير.
ثالثا: استخدم الكلمات ذات
المعاني المحصورة والمحددة مثل : بما أن ، إذن ، وحينما يكون .. الخ ، فهذه
الألفاظ فيها شيء من حصر المعنى وتحديد الفكرة ، ولتحذر كل الحذر من التعميمات
البراقة التي لا تفهم أو ذات معاني واسعة.
رابعا: ترك الجدل العقيم الذي
يقود إلى الخصام يقول أحدهم ( إذا أردت أن تكون موطأ الأكناف ودودا تألف وتؤلف
لطيف المدخل إلى النفوس ، فلا تقحم نفسك في الجدل وإلا فأنت الخاسر ، فإنك إن أقمت
الحجة وكسبت الجولة وأفحمت الطرف الآخر فإنه لن يكون سعيدا بذلك وسيسرها في نفسه
وبذلك تخسر صديقا او تخسر اكتساب صديق ، أيضا سوف يتجنبك الآخرون خشية نفس النتيجة
.. ).
خامسا : حلل حوارك إلى عنصرين
أساسيين هما :-
1- المقدمات المنطقية وهي تلك
البيانات أو الحقائق أو الأسباب التي تستند إليها النتيجة وتفضي إليها .
2- النتيجة وهي ما يرمي الوصول
إليها المحاور أو المجادل ، مثال على ذلك : المواطنون الذين ساهموا بأموالهم في
تأسيس الجمعية هم الذين لهم حق الإدلاء بأصواتهم فقط ، وأنت لم تساهم في الجمعية
ولذلك لا يمكنك أن تدلي بصوتك ..
سادساً: اختيار العبارة اللينة
الهينة ، والابتعاد عن الشدة الإرهاب والضغوط وفرض الرأي .
سابعاً : احرص على ربط بداية حديثك
بنهاية حديث المتلقي لأن هذا سيشعره بأهمية كلامه لديك وأنك تحترمه وتهتم بكلامه ،
ثم بعد ذلك قدم له الحقائق والأرقام التي تشعره كذلك بقوة معلوماتك وأهميتها
وواقعية حديثك ومصداقيته .
ثامناً : أظهر فرحك الحقيقي –
غير المصطنع - بكل حق يظهر على لسان الطرف الآخر ، وأظهر له بحثك عن الحقيقة لأن
ردك لحقائق ظاهرة ناصعة يشعر الطرف الآخر أنك تبحث عن الجدل وانتصار نفسك.
- لغه الجسد وحركه العين اساس
عمليه الاقناع
فهناك عده مقومات شخصيه يجب ان
يتسم بها الفرد لتكون لديه القدرة على الاقناع ومنها مثلا أن يفهم الرسائل الغير
لفظيه أو لغة الجسد وأن يستخدم هذه المهارات لا أن يفهمها فقط, فلغة الجسد مهمة في
فهم شخصية المتلقي من جهة, وفي عكس شخصية القائم بالاتصال من جهة أخرى. فلتعبيرات
الوجه مثلاً أهمية كبيرة في العملية الاتصالية, فملامح الوجه تعتبر أكبر مصدر
للاتصال غير اللفظي, لأنها تنقل لنا مشاعر الآخرين أو عواطفهم تجاهنا وتكشف عن
عواطفنا تجاههم في آن واحد.
لذا يجب أن يركز القائم بالاتصال
على استخدام تعبيرات وجهه المختلفة لإقناع المتلقين بمضمون رسالته, كأن تظهر
البشاشة على وجهه أثناء لقاءه بهم, مما يساعد على تقبلهم له والاستجابة له بشكل
أكثر فعالية, ويذكر بعض العلماء فى هذا المجال, أن الابتسامة مؤشر على الترحيب
والقبول للمتلقي كما أنها تزوده بتغذية راجعة للتعبير عن مشاعره وانفعالاته وحركة
الرأس أيضاً يمكن أن تشجع المتلقي على الاستمرار في حديثه, وتنقل له بأن المرسل
منتبه له ومهتم بما يقوله.
ولحركة العين أيضاً أهمية كبيرة في
سير العملية الاقناعيه حيث ترسل العينان وتستقبل العديد من الرسائل الاتصالية في
آن واحد. ويرى المتخصصين فى ذلك أن النظر في وجه المتلقي أثناء الكلام يمكن أن
يستخدم للحصول على تغذية راجعة سريعة من خلال ردود أفعال المتلقي, وكما يؤكد أيضاً
على أن النظرة يمكن أن تستخدم كرمز للألفة بين القائم بالاتصال والمتلقي. ويروا
أيضا أن النظرة الثابتة على وجه المرسل يمكن أن تحرج المتلقي, وتشعره بالذنب مما
يؤدي إلى أن تتضاءل صراحته, لذا لا بد أن تكون نظرة القائم بالاتصال نظرة مرنة,
بحيث يوجه نظره في بعض الأحيان إلى ما يحيط بالمتلقي كي لا يحرجه ويقلل من تفاعله.
ويرى العلماء أن حركات العينين
تعكس القدرة الاستيعابية المتلقي, أي مقدار ما فهم وتقبل من المتحدث, فالشخص الذي
تتحرك عيناه كثيرا يعطي ايحاء بأنه يشعر بالملل أو أنه متوتر او غير مقتنع
بالحوار.
ويرى أن العين يمكن أن تحمل معاني
كثيرة مثل الخجل, والصدق والكذب, والثقة, والشك, والحب, والكره.
وتمثل حركات اليدين اتصالاً غير
لفظي, يحمل معان عديدة حيث تعكس حركات اليدين الحالة النفسية للفرد, فارتعاش
اليدين قد يدل على القلق والتوتر, ويشير فتح اليدين أثناء الحديث إلى الاندماج
والرغبة في التفاعل, لذا فلا بد للفرد أن يدرك المعاني المختلفة لحركات اليدين
ويستغل هذه المهارة, في نقل أفكاره ومشاعره وآرائه ومعلوماته ليقنع بها الاخرين.
- عاملي جذب الانتباه: المظهر
اللائق الثقة بالنفس
ونتحول بعد ذلك الى نقطه اخرى لا
تقل فى اهميتها عن سابقتها انما قد تزيد حيث ان الفرد اذا فشل فى تحقيقها ستفشل
عمليه الاقناع بأسرها منذ البداية وهى كيفيه جذب انتباه الشخص الموجود امامنا لما
نقوله ونحاول اقناعه به ويتم ذلك من خلال :-
اولا:- المظهر اللائق:-
حيث يرفع المظهر اللائق من رصيدك
ويعزز حضورك عند قيامك بعرض قضيتك ما أو طرح أفكارك أمام الناس حيث ان الافراد
يميلون دائما إلى الحكم على الآخرين في بادئ الأمر اعتماداً على مظهرهم.
ثانيا:-اكتساب الثقة:-
وتتسم هذه العملية بكونها غير
مباشرة. فلو أنك شخص واثق من نفسك, فسوف يراك الناس بهذا الشكل مما سيزيد اقتناعهم
بقبول حججك وبراهينك وفى تلك الحين فلا شك أن ثقتك بنفسك سوف تزداد . ومن الجدير
بالذكر أن نغمة صوتك تلعب دورا اساسيا فى عملية الاقناع حيث يزيد تأثيرها خمسة
أضعاف تأثير المضمون الذى تتحدث فيه, وايضا لغة الجسد التي تزيد الاقناع ثماني
مرات، لذلك فعلينا التركيز على تنميه الثقة بالنفس ولغة الجسد بنفس درجه اهتمامنا
بمحتوى الموضوع الذى نريد اقناع الاخر به.
وعلى المتحدث كذلك الإسراع بتصحيح
أي خطأ قد يقع فيه وذلك ليدرك الطرف الاخر مدى المصداقية التي يتمتع بها المتحدث
مما يزيد من فرص الاقناع.
وهناك عده اساليب يمكن الاستعانة
بها من اجل التأثير على الطرف الاخر ومحاوله اقناعه ومنها على سبيل المثال:
1-اسلوب الضغط وقد يكون الضغط عن
طريق الالحاح والتكرار او من خلال الترهيب او التخويف.
2-اسلوب المقايضة او المبادلة ويأتي
من خلاله الاقناع عن طريق اقتناع الفرد بفكرتى او رأيى او ما اقدمه له فى مقابل شيء
اخر اقوم انا بتقديمه.
3- الحصول على استحسان الآخرين
ويأتى من خلال ترك انطباعات إيجابية عن المتحدث في نفوس الآخرين من خلال قدرته على
اجتذاب الآخرين له ومصادقتهم وخطب ودهم.
4- الحصول على قبول الآخرين
بالإيحاء لهم بذلك ويتم ذلك من خلال استخدم اللغة الرمزية والمشحونة للعب على وتر
المستمعين من خلال استهداف ولائهم او انتمائهم او تدينهم الى غير ذلك.
5- الإقناع العقلي ويكون من خلال
استخدم البراهين والحقائق المنطقية لإقناع الآخرين ،ويعد هذا الاسلوب هو الافضل
خاصه عند مناقشه موضوعات ذات طبيعة علميه.
- من المحظورات فى عمليه الاقناع
وهناك عده اشياء يجب ان يتجنبها
المتفاوض لضمان اقناع الشخص الأخر بما يقوله ومنها مثلا:-
1-المبالغه بالحديث عن طريق
استخدام كلمات والفاظ مبالغ فيها او اقوى مما يتم التحدث فيه مما قد يعطى الطرف
الاخر الشعور بعدم صحه ما نعنيه مما يقلل من فرص الاقتناع.
2-اخفاء جوانب الضعف عما يتم
الحديث عنه سواء رأى أو فكره أو منتج مما يقلل من المصداقية.
3-اختيار اسلوب صعب ومعقد مع
التكرار مما يؤدى الى صعوبة فهم الموضوع.
4-أستخدام اسلوب غير ملائم لما
نتحدث عنه كالحديث بأسلوب عاطفي فى موقف علمي والعكس فأغلب المواقف تتطلب التفكير
الجيد قبل استخدام اسلوب معين مع احتماليه الدمج بين اكثر من اسلوب.
5-عدم الاقتناع من الاساس بما
نتحدث عنه مما يصل للمستمع بشكل او بأخر فلا يقتنع هو الاخر بما نتحدث عنه.
6-عدم الاهتمام بسماع الطرف الاخر
عند حديثه مما يفقدنا جانب كبير من المعلومات التي قد نعيد استخدامها عند الاقناع
او ينفر الطرف الاخر من الحديث لعدم شعوره باحترام واهميه ما يقول.
7-المكابره فى الخطأ حتى بعد معرفه
الصواب مما يفقد الطرف المتحدث المصداقية الثقة وتستحيل معه عمليه الاقناع.
8-التعصب للرأي حيث ان التعصب يجعل
الطرف الاخر ينفر من الحديث ويرفض فى بعض الاحيان استمراريته.
- مفاتيح التفاوض والاقناع:-
وفى النهاية فإن عليك كمتفاوض تبغى
الناجح و ترغب بالفعل فى اقناع من امامك الا تنسى ما يلى:
1-ان الحوار والنقاش الهادف البناء
هو اكثر ما يوصل للأقناع وتحقيق الاهداف وهو ما حث عليه الله تعالى .
2-ان تحدد ما تريده بدقه وما ترغب
فى توصيله واقناع الاخرين به فى النهاية.
3-الاستعانه فى حوارك بالأدلة
والبراهين والحجج كلما أمكن ذلك.
4-ان تكون محاورا متعقلا ولا تكن
مجادلا او مهاجما
5-أن احترامك لآراء الغير وعدم
مهاجمتهم بأسلوب سيء يجعلهم يحترمون ارائك وقد يقتنعون بها.
6-لا تفقد اعصابك اذا حاول احد
انتقادك ولا تغضب فتفقد قدرتك الاقناعيه وتفقد حقك، أهدأ وفكر كيف يمكنك ان ترد
انتقاده بطريقه هادئة متعقلة.
7-حاول بدأ كلامك بما تراه ليس
مصدر خلاف بينك وبين من حولك فحاول البدا بما تراه أرضيه مشتركه بينكم.
8-لا تظهر بمظهر الشخص الأناني
الذى يبحث فقط عن مصلحته واهتماماته ويتجنب مصالح واهتمامات الاخرين.
9-حاول بأن لا يصنفك الاخرون
بتصنيف معين كأن يقولوا انك تنتمى لحزب ما او فكر معين.
10-هاجم ما ترفضه فى رأى الشخص
الموجود امامك لكن لا تهاجم الشخص نفسه مهما كنت تختلف معه.
أطل علينا القرن الحادي والعشرون
قرن العولمة بكل ما يحمله من انفتاح وتواصل واندماج بين مختلف المجتمعات وذلك عبر
الأقمار الصناعية و الإنترنت ،وسواء شئنا ام ابينا فقد اصبحنا جزء لا يتجزء من هذا
الواقع واصبح علينا أن نتعايش معه نتجنب سلبياته ونستثمر ايجابيات، ولعل لغة
التفاوض ومحاولات الاقناع هي سبيلنا الوحيد لتحقيق ذلك للنجاح في معايشة الآخر خاصه مع تعدد أوجه
النشاط الإنساني و تعدد الثقافات والحضارات والمرجعيات والأديان والألوان وأنماط
الحياة وذلك فى محاوله منا للتأكيد على انتمائنا وقوة عقيدتنا و حضارتنا في مواجهة
تحديات العصر و تطوراته.
ربنا يوفق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق