الثلاثاء، 17 يوليو 2012

تمكين العاملين فى المنظمات العربية


ما المقصود بالتمكين
أن تفهم ما المقصود بالتمكين، ومعرفة مختلف نماذج التمكين وخطوات التنفيذ تعتبر الخطوة الأساسية الاولى في الطريق للتمكين الحقيقى. ولا يختلف مفهوم التمكين عن غيره من المفاهيم الادارية الحديثة حيث تزخر الأدبيات بالعديد من التعاريف ( Conger, and Caning, 1988; Wilkinson, 1998). عرف Murrel and Meredith (2000) التمكين بأنة عندما يتم تمكين شخص ما ليتولى القيام بمسؤوليات أكبر وسلطة من خلال التدريب والثقة والدعم العاطفي. كما عرف Ginnodo ( 1997)التمكين بأنة عندما يقوم كل من المديرين والموظفين بحل مشاكل كانت تقليدياً مقصورة على المستويات العليا في المنظمة. بينما عرف Shackletor ( 1995:130) التمكين " فلسفة إعطاء مزيد من المسؤوليات وسلطة اتخاذ القرار بدرجة اكبر للأفراد في المستويات الدنيا " وقارن الكاتب بين التمكين والتفويض. فالتفويض عندما يقرر المدير أن يحول بعض صلاحيات عملة لشخص آخر لأسباب محددة، على سبيل المثال، المساعدة في تطوير المرؤوس، أو تفويض الأعمال ذات المخاطر المنخفضة. أما التمكين فيعنى توسيع المسؤوليات المتعلقة بالمهام الحالية دون الحاجة لتغييرها.
من خلال أدبيات التمكين، حدد اتجاهان عامان للتمكين في بيئة العمل: الاتجاه الاتصالى والاتجاة التحفيزى. ويقصد بالاتجاه الاتصالى في أدبيات التمكين العملية التي تتم من أعلى إلى أسفل ( Conunger, and Kanungo, 1988). ويعتقد أن التمكين يتم عندما تشارك المستويات العليا في الهيكل التنظيمي المستويات الدنيا في السلطة ( Spreizer, 1995; Wilkinson, 1999). وبالتالي، يتضمن التمكين ممارسات كإثراء الوظيفة، فرق الإدارة الذاتية، واستقلالية فرق العمل.
أما النموذج التحفيزى فيركز على اتجاه العاملين نحو التمكين ، التي تظهر في الكفاية، الثقة في القدرة على اداء المهام، الشعور بالقدرة على التأثير في العمل، حرية الاختيار في كيفية اداء المهام، الشعور بمعنى للعمل (Conunger and Kanungo, 1988).
أبعاد التمكين

حددLashely and McGoldrick (1994) أربع أبعاد للتمكين يمكن أن توفر وسيلة لوصف أو تحديد هيئة التمكين المستخدم في إي منظمة. وفيما يلي عرضاً لهذه الأبعاد باختصار:
البعد الأول : المهمة ( Task)
يهتم البعد الأول بحرية التصرف التي تسمح للفرد الذي تم تمكينة من اداء المهام التي وظف من أجلها. إلى إي مدى يسمح للفرد المكن من تفسير الجوانب الملموسة وغير الملموسة في المنظمة كرضا العاملين على سبيل المثال.
البعد الثاني: تحديد المهمة ( Task allocation)
البعد الثاني يأخذ بعين الاعتبار كمية الاستقلالية المسؤول عنها الموظف أو مجموعة الموظفين للقيام بمهام عملهم. إلى إي مدى يتم توجيههم، أو يحتاجون للحصول على إذن لإنجاز المهام التي يقومون بها؟ إلى إي درجة توضح سياسات وإجراءات المنظمة ما يجب القيام به، ومن ثم تدرك الموظفين يقومون بانجاز المهام؟ إلى إي مدى هناك تضارب بين مسؤولية الاستقلالية والأهداف المرسومة من قبل المديرين لتحقيق الأداء الفعال ؟
البعد الثالث: القوة ( Power)
يأخذ بعين الاعتبار الشعور بالقوة الشخصية التي يمتلكها الأفراد نتيجة تمكينهم. ما المهام التي يقوم بها الأفراد الممكنين؟ إلى إي مدى السلطة التي يمتلكها الفرد محددة في المهام؟ إلى إي مدى تقوم الإدارة بجهود لمشاركة العاملين في السلطة وتعزيز شعورهم بالتمكين؟
البعد الرابع: الالتزام (Commitment)
يأخذ بعين الاعتبار اكتشاف الافتراضات عن مصادر التزام الأفراد والاذعان التنظيمى لأسلوب محدد للتمكين.
البعد الخامس: الثقافة ( Culture)
بعد الثقافة يبحث إلى إي مدى ثقافة المنظمة تعزز الشعور بالتمكين. إلى إي مدى يمكن وصف الثقافة كبيروقراطية، موجة للمهمة، الأدوار، أو التحكم.
نماذج التمكين

لبلوغ أو الاقتراب من التمكين تحتاج كل منظمة أن تتفهم التمكين وفقاً لظروفها ومحيط البيئة الداخلية والخارجية. وتظهر مراجعة للأدبيات أمثلة لمختلف نماذج التمكين والتي يمكن أن تساعد على تحليل وفهم مفهوم التمكين. سوف يعرض الباحث أهم النماذج التي تفسر التمكين، ومنها:
نموذج Conger and Kanungo (1988 )

عرف Conger and Kanungo التمكين كمفهوم تحفيزى للفاعلية الذاتية. وتبنى الكاتبان نموذج التحفيز الفردي للتمكين حيث تم تعريف التمكين " كعملية لتعزيز الشعور بالفاعلية الذاتية للعاملين من خلال التعرف على الظروف التي تعزز الشعور الضعف والعمل على إزالتها والتغلب عليها بواسطة الممارسات التنظيمية الرسمية والوسائل الغير رسمية التي تعتمد على تقديم معلومات عن الفاعلية الذاتية". واقترح الكاتبان أن التمكين مماثل لمفهوم القوة حيث يمكن النظر له من زاويتين. أولاً: يمكن النظر للتمكين كمركب اتصالي – فالتمكين يدل ضمناً على تفويض القوة. ويمكن النظر للتمكين أيضا كمركب تحفيزى. فالتمكين يدل ضمناً وبكل بساطة على اكثر من معنى المشاركة في القوة أو السلطة، ويظهر ذلك جلياً في التعريف الذي تبناه الكاتبان. ولتقرير مستوى التمكين في إي منظمة، حدد Conger and Kanungo خمس مراحل لعملية التمكين، وتتضمن:
المرحلة الأولى: تشخيص الظروف داخل المنظمة التي تسبب في الشعور بفقدان القوة بين العاملين. ويمكن تصنيف هذه العناصر إلى عوامل تنظيمية كالتغيرات التنظيمية الرئيسية، المناخ البيروقراطي، الضغوط التنافسية، ضعف نظام الاتصالات، والمركزية العالية في توزيع للموارد. أما عناصر أسلوب الأشراف ونظام المكافآت فتشمل التسلط، السلبية، التحديد الاعتباطي للمكأفات، ضعف قيم التحفيز، وغياب الإبداع. وتشمل عناصر تصميم العمل غياب وضوح الدور، ضعف أو غياب التدريب والدعم الفني، نقص السلطة المناسبة، عدم التحديد المناسب للموارد، الأهداف الغير واقعية، محدودية الاتصال بين القيادات الادارية والعاملين، الروتين الشديد في العمل، وضعف التنوع في العمل ( Conger, and Kanungo, 1988).
أن الحاجة لتبنى التمكين تكون ضرورية عندما يشعر العاملين بضعفهم وعجزهم داخل التنظيم. ولهذا لابد أن تعمل الإدارة على التقصي والتعرف على الأسباب التي أدت إلى ذلك الشعور. وعندما يتم التعرف على تلك الظروف يمكن للمنظمة أن تتبنى استراتيجية للتمكين لازلة تلك الظروف.
المرحلة الثانية: استخدام أساليب إدارية مثل الإدارة بالمشاركة ومتطلباته كتحديد الهدف، إثراء الوظيفة، والمكافات المرتبطة بالآداء. ويجب أن يكون الهدف من استخدام تلك الاستراتيجيات ليس فقط لاأزلة الظروف والعوامل الخارجية المسببة لشعور العاملين ولكن يجب استخدامها أيضاً وبشكل رئيس في تزويد المرؤوسين بمعلومات عن فعاليتهم الذاتية.
المرحلة الثالثة: تقديم معلومات عن الفاعلية الذاتية للعاملين وذلك باستخدام أربع مصادر: المكاسب الغير فعالة، التجارب المنجزة، الإقناع اللفظي، والاستثارة العاطفية.
المرحلة الرابعة: ونتيجة لاستقبال المرؤوسين لتلك المعلومات سيشعر المرؤوسين بالتمكين من خلال الزيادة في الجهد المبذول، وتوقعات الأداء، والاعتقاد بفعاليته الذاتية.
المرحلة الخامسة: التغيير في السلوك من خلال إصرار ومبادأة المرؤوسين لإنجاز أهداف المهمة المعطاة.
اختصاراً، يرى الكاتبان التمكين" العملية التي من خلالها يعتقد الفرد أن فاعليته الذاتية تتحسن". أن تمكن تعنى أن تسعى على تقوية اعتقاد الفرد بفاعليته الذاتية أو تعمل على أضعاف أو التقليل من اعتقاد الفرد بفقدانة للقوة( Conger and Kanungo, 1988).
نموذج Thomas and Velthouse ( 1990 )

قام Thomas and Velthouse بإكمال العمل الذي أنجزه Conger and Kanungo فبنى نموذج التمكين الادراكى cognitive. وعرفا التمكين كزيادة في تحفيز المهام الداخلية والتي " تتضمن الظروف العامة للفرد التي تعود بصفة مباشر للمهمة التي يقوم بها التي بدورها تنتج الرضا والتحفيز" . وأشارا إلى أن التمكين يجب أن يبدأ من الذات ونظام المتعقدات. ويتضمن نظام المتقدات كيفية النظرة للعالم الخارجي ومفهوم الذات الذي يشجع السلوكيات الهادفة وربطها مع أهداف ومنهجيات التمكين التي تطبق في المنظمة. وحدد الكاتبان أربع أبعاد نفسية للتمكين حيث شعرا أنها تمثل أساساً لتمكين العاملين.
Sense of impact التأثير الحسي أو الادراكى. ويقصد بالتأثير الحسي" الدرجة التي ينظر للسلوك " على انه يمكن أن تعمل اختلافا" فيما يتعلق بانجاز الهدف او المهمة التي بدورها تحدث التأثير المقصود في بيئة الفرد". ويقيم التأثير بالاعتقاد بأن الفرد يمكن أن يؤثر في عمل الآخرين وكذلك القرارات التي يمكن أن تتخذ على كل المستويات.
Competence الكفاية. " ويقصد بها إلى إي درجة يمكن للفرد أداء تلك الأنشطة بمهارة عالية عندما يقوم/تقوم بالمحاولة". فالأفراد الذين يتمتعون بالكفاءة يشعرون بأنهم يجيدون المهام التي يقومون بها ويعرفون جيداً بأنهم يمكن أن يؤدوا تلك المهام بأتقان أن هم بذلوا جهداً. فالكفاية شعور الفرد بالإنجاز عند ادائة أنشطة المهام التي اختارها بمهارة. والشعور بالكفاية يتضمن الإحساس بأداء المهام بشكل جيد، والجودة في أداء المهام.
meaningfulness إعطاء معنى للعمل. " تهتم بقيم الهدف أو المهام التي يتم الحكم عليها من خلال معايير أو أفكار الفرد". ويشمل إعطاء معنى للعمل مقارنة بين متطلبات دور العمل ومعتقدات الفرد كاعتقاد الفرد مثلاً أن المهام التي يقوم بها ذات قيمة لة. فإعطاء معنى للعمل تعنى أن يشعر الفرد بالفرصة بممارسته مهام لإغراض نبيلة . فالشعور بالمعنى للعمل يمثل إحساسا أن الفرد في طريق يستحق جهده ووقتة، وأنة يؤدى رسالة ذات قيمة.
Choice " تتضمن المسؤولية المسببة لتصرفات الفرد". الاختيار أن يشعر الفرد بالفرصة في اختيار المهام ذات المعنى له وأدائها بطريقة تبدو ملائمة. وهذا الشعور بالاختيار يوفر شعوراُ أن الفرد حراً في اختياره، والإحساس بأنة قادراً على استخدام حكمة الشخصى والتصرف من خلال تفهمة للمهمة التي يقوم بها.

للإدارة الحديثة أساليب وأوجه متعددة، ركزت في مجملها على طرح مفاهيم متطورة للتعامل ضمن منظومة العمل الإداري. ومن هذه المفاهيم الحديثة، مفهوم التمكين " Empowerment"، وهو مفهوم بدأ طرحه منذ فترة، إذ بدأ ينتشر لتعزيز جهود الجودة الشاملة في المؤسسات.
وهذا المفهوم مشتق من كلمة power، أي القوة، وإذا ترجمناها إلى العربية، فنحن نعني التمكين، وعندما نعرف التمكين كمفهوم إداري، فغالبية التعاريف تتفق على أن التمكين يختص بمنح الموظف السلطة المتعلقة بالأعمال والموضوعات ضمن تخصصه الوظيفي، وتحريره من الضبط المحدد عن طريق التعليمات، ومنحه الحرية لتحمل مسئولية آرائه، وقراراته، وتطبيقاته.
وهذه القوة تتخذ عدة أشكال على حسب التخصص الذي تطبق فيه، وفي علم الإدارة، هناك مجموعة من العناصر التي يمكن أن تعتبر جوانب قوة تمكن الموظف من أداء عمله بشكل أفضل، مثل الصلاحية، المسئولية، المعرفة، المظهر، التكنولوجيا، العلاقات، المال، وسمة الشخصية.
لكن عملية التمكين هي أبعد من عملية إعطاء الموظف الصلاحية، إذ انها تشمل دائرة أوسع تضم المعرفة والمستوى التقني والثقة بالذات، وهذه المهارات الذاتية من شأنها إذا وضعت في القالب الصحيح أن تعطي الموظف أفضل النتائج على صعيد عمله.
وكل مؤسسة ترغب في النجاح وتضع أمامها أهدافها المنشودة، يجب أن تنتشر هذه الأهداف بين جميع العاملين فيها، وتتجنب حصر بناء الأهداف وتحقيقها في شخص واحد، وبالتالي تستطيع المؤسسة أيا كانت صناعية، أو خدماتية، أن تصعد سلم التطور بخطوات أكبر. فقد أظهرت التجربة أن احتكار السلطة واتخاذ القرار لدى جهة واحدة، يؤثر بشكل كبير على المنتج النهائي للمؤسسة وعلى خدماتها، ومن ثم على قناعة زبائنها.
قلنا إن أساس التمكين هو تذويب احتكار السلطة في العمل الجماعي، إلا أننا يجب أن ننوه إلى نقطة أساسية، وهي أن التمكين لا يعني التنازل عن الصلاحيات الأساسية للإدارة، إذ من المألوف أن يرى المديرون التقليديون التمكين على أنه نوع من أنواع التنازل أو التخلي عن سلطاتهم التي تخولهم بها مراكزهم.
وهذا يبدو جليا عندما يطبق التمكين، فأول تحد يواجه عملية التمكين هو فهم الإدارة لأبعاد هذه العملية، إذ يخشى المدير أن يتخلى عن بعض صلاحياته، إذ من البديهي أن يرى المشاركة على أنها تسليم قيادة المؤسسة للموظفين، أو للخطوط التي هي أدنى منه.
والحقيقة أن المديرين لا يتنازلون عن مسئولياتهم باتباع مبدأ التمكين، فهم بذلك يزيدون من فرص اتخاذ قرارات أفضل، إذ إنه يفتح لهم مجالا للقيام بمسئولياتهم بشكل اكثر فاعلية. فالتمكين يدعم موظفي الخطوط الأولى، ما يفرغ المدير لعملية التخطيط لاتخاذ القرارات الرئيسية لعملية التطوير، وعملية دعم هؤلاء العاملين على اختلاف مستوياتهم.
ومن المردودات الإيجابية للتمكين، أنه بمشاركة الجميع في عملية التطوير وخدمة المؤسسة تزيد قوة الاحتمال بأن المعلومات التي يبني عليها أصحاب القرار قراراتهم هي معلومات مفهومة وصحيحة، وهذا يظهر الفرق بين القرار الجيد و القرار المتميز، لأن وجود التمكين يوصل القرار إلى أفضل درجاته من التميز.

الثقافة التنظيمية والتمكين
جوهرياً، فالتنفيذ الفعال للتمكين يتطلب ثقافة تنظيمية جديدة. وثقافة المنظمة تأخذ بعين الاعتبار اتجاهات الفرد، سلوكياته، والممارسات التنظيمية كعناصر ترتبط بحياة المنظمة Martin, 1992)). ويقصد بثقافة المنظمة " أنماط من الافتراضات الأساسية الذي ابتدعته أو اكتشفته أو طورته مجموعة معينة خلال مراحل تعلمها كيفية التصدى للمشاكل الناشئة في بيئتها والتى اثبت نجاحها فاعتبرتها صحيحة وفعالة في جميع الأحوال وتصلح لأن تنتقل بطريقة التعلم إلى الاعضاء الجدد في هذه الجماعة كأسلوب ومنهج صحيح للتفكير والإحساس والادارك في كل ما له علاقة بهذه المشاكل "( Schein, 1984:3). وبالتالي، تحدد ثقافة المنظمة الإطار المرجعي للأفراد داخل التنظيم التي يتم توضيحها وتنظيمها من خلال الغايات التنظيمية، السياسات، الأساطير، الحكايات والطقوس .(Schrivastava, and .Schneider, 1984) . وجزء Hofstede, et. Al (1990) معنى الثقافة التنظيمية إلى ممارسات مثل الرموز، الأبطال، الطقوس، وقيم مثل الجيد/والشرير، والجميل/والقبيح، العقلاني/ وغير العقلاني. وفقاً Hofstede et al. (1990) يتم تحديد جانب القيم من الثقافة التنظيمية بالثقافة الوطنية، أما جانب الممارسات فيتم تحديدها من قبل المنظمة كوسيلة للتكيف مع المتطلبات البيئية للتغيير. فالثقافة الوطنية أو الثقافة المشتركة للمجتمع تاثر على ثقافة المنظمة، وبالتالى تأثر على عملية التمكين. هذا، يقود مفهوم الثقافة العديد من الأسئلة حول تنفيذ برنامج للتمكين، هل تحتاج المنظمات لتغيير كل من جوانب القيم والممارسة للثقافة التنظيمية؟ واذا كان هناك حاجة لتغيير كل من جوانب القيم والممارسة، كيف يمكن تغيير جوانب القيم؟
وجد Hofstede (1990) أن المجتمعات تتألف من ثقافات متعددة الأبعاد:
• التفاوت في السلطة
• تجنب الغموض
• الفردية/الجماعية
• الذكورية/الأنوثة
سنتطرق لبعدين أساسين من تصنيف Hofstede et al لأهميتهما في عملية التمكين: التفاوت في السلطة، وتجنب الغموض.
التفاوت في السلطة

يشكل التفاوت في السلطة أحد الابعاد الثقافية التي حظيت بأهتمام العديد من الباحثين، ويقصد بتفاوت السلطة إلى إي مدى يتوقع ويقبل الأفراد ان القوة موزعة بشكل متباين بين مختلف مستويات الهيكل التنظيمى .(Hofstede, 1984, 1994) كما يعكس مدى احترام الأفراد لهيكل السلطة والترتيب في المنظمة. فالأفراد في المجتمعات ذات الثقافة المنخفضة في التفاوت في السلطة، يعتقدون في المشاركة في لسلطة بين الرئيس والمرؤوس. أما الأفراد في المجتمعات ذات الثقافة العالية في تفاوت السلطة، فيعتقدون انه يجب على المرؤوس أن يلعب دور الفرد الذي يتبع أوامر وتعليمات رئيسة. ويشير مفهوم تركيز السلطة إلى أن المجتمعات ذات التفاوت الكبير في السلطة تفضل المركزية في الهياكل التنظيمية والمستويات الادارية المتعددة في التنظيم.
وفقاً لتصنيف Hofsted (1980, 1994) فالمنظمات في المجتمعات ذات الثقافة العالية في التفاوت في السلطة مثل الفلبين، المكسيك، فنزويلا، سنغافورة، وبعض الدول الاسلامية، الأكثر ترجيحاً أن يتم تفضيل أسلوب المركزية في اتخاذ القرار، المركزية في الهياكل التنظيمية وتعدد المستويات الادارية، والثقافة الموجهة نحو التحكم والتوجيه. ويشكل إحداث تغييرات أساسية في فلسفة وثقافة المنظمة فيما يتعلق بالسلطة والقوة أمرا جوهرياً لتبنى ونجاح التمكين. فالمديرين في تلك المنظمات قد يشعرون بعدم ارتياحهم في حالة تبنى التمكين لأنة قد يؤدى إلى غياب الاحترام للسلطة الرسمية للمديرين. أما الموظفين قد يشعرون بعدم الارتياح في اتخاذ قرارات دون الرجوع إلى المديرين والحصول على أذن. وهذا الشعور قد يوجد ظروف وبيئة لا تسمح بإيجاد بيئة ممكنة وبالتالي فشل التمكين.
أما المنظمات في المجتمعات ذات الثقافة المنخفضة في التفاوت في السلطة كالنمسا، السويد، استراليا، الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا ( Hofstede, 1984, 1994)، فالأغلب ترجيحاً أن تتبنى المنظمات الأسلوب المركزى وتمكين العاملين.
تجنب الغموض

بعد تجنب الغموض يتعامل مع إلى إي مدى يشعر الأفراد بالحاجة لتجنب المواقف الغامضة والى إي مدى يمكن للأفراد إدارة تلك المواقف من خلال التزود بأنظمة وتعليمات واضحة ورفض الأفكار الجديدة. ففي المجتمعات التي تأتى في مرتبة عالية من تجنب الغموض مثل اليونان، البرتغال، اليابان، والأرجنتين،تشيلي، بلجيكا، وبعض الدول الإسلامية ( Hofestede, 1984, 1994)، يشعر الأفراد بعدم الارتياح في ظل غياب الهياكل والسياسات والاجراءات. ولا يرغب الأفراد في الحصول على درجة عالية من الصلاحيات. وهذا بدورة قد يؤدى أن تتبنى المنظمات في تلك المجتمعات نظام قيم موجهة نحو التحكم والتوجيه وبناء تنظيمي ميكانيكي جامد وبالتالي قد لا يساعد على إيجاد بيئة مناسبة لتبنى التمكين.
أما في المجتمعات التي تأتى في مرتبة متدنية من حيث تجنب الغموض كسنغافورة، هونج كونج، السويد، الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، فان الأفراد يشعرون بعدم الارتياح من النظام الذي يركز على السياسات الصارمة. ويرغب الأفراد في الحصول على التمكين والمرونة في اتخاذ القرارات بأنفسهم. فالمنظمات في تلك المجتمعات على الأرجح أن تتبنى هياكل تنظيمية مرنة، ولديها فرص أكبر لتنفيذ برامج للتمكين.
الاعتقاد البارز أن التمكين كممارسة إدارية يمكن أن تتطابق مع القيم الثقافية لبعض المجتمعات مقارنة مع مجتمعات اخرى.
هل المنظمات العربية جاهزة لتبنى أو تطبيق مفهوم التمكين؟
• في ظل هياكل تنظيمية جامدة.
• في ظل قيادة إدارية تؤمن بالسلطة والقوة.

التمكين كإستراتيجية إدارية
يجب على المنظمات التي تسعى لادخال ثقافة التمكين أن تتبنى أسلوب لبناء نظم وعمليات التي تطلق قدرات وأمكانيات العاملين، ويمكن لاى منظمة أن تحقق ذلك من خلال:

• التركيز على السلوك المرغوب من قبل المنظمة.
• تغيير البناء التنظيمي التقليدي للحصول على السلوك المرغوب.
• بناء مناخ من الثقة بين الإدارة والعاملين.
• فتح قنوات الاتصال في جميع الاتجاهات.
• تشجيع العاملين على التعلم والتطوير الذاتي.
• أيجاد فرق الإدارة الذاتية.
• دعم مشاركة العاملين في اتخاذ القرار.
• التعامل مع الصراع التنظيمي بفاعلية وكفاءة.
ولتحقيق ذلك لابد من إحداث تحول في فكر واستراتيجية الإدارة. وتعتمد ثقافة التمكين على اندماج ومشاركة الجميع كل من الإدارة والعاملين على حداً سواء لتحقيق النجاح. فالالتزام ومشاركة القيادات الادارية شرط أساسي لإيجاد ثقافة شاملة للتمكين. وتمكين العاملين لا يعنى بحال من الأحوال سحب البساط من المديرين ولكن التركيز بدلاً من ذلك على توفير الوقت والجهد للمديرين للعمل بكفاءة.
وقد وصف Nixon (1994) استراتيجية لتمكين العاملين من خمس نقاط، وتتضمن:
1. بناء الرؤية.
2. تحديد الأولويات.
3. بناء وتطوير علاقات مع زملاء العمل.
4. توسيع شبكة العمل.
5. استخدام دعم المجموعات الداخلية والخارجية.
ولخص Cook (1994) الخطوات الأساسية لعملية التمكين في الخطوات التالية:
• إيجاد وبناء الرؤية.
• القيم.
• دور المديرين.
• تكوين فرق العمل.
• التدريب.
• تحسين العمليات.
• المتابعة.
إيجاد وبناء الرؤية

يجب أن يتم دعم رسالة المنظمة بالقيم الاساسية التي تؤمن بها المنظمة. وتتضمن هذه الخطوة إعطاء العاملين حيز ومتسع للقيام بالعمل وإعطائهم كذلك الثقة اللازمة لاتخاذ القرارات. وقد تمثل هذه الرؤية تحد حقيقي نظراً لطبيعة النظرة التقليدية التي تعمل بها كثيراً من المنظمات. ولكي يكتب لعملية التمكين النجاح لابد أن تولية الإدارة الاهتمام والتفكير الكافيين وتعمل على ربط برنامج التمكين بأهداف وقيم المنظمة. ويرى Block ( 1987) كذلك أن بناء الرؤية تمثل الخطوة الأولى نحو التمكين. فالرؤية تزود الموظفين بالإحساس " ما الذي سنقوم به لاحقاً"، وبالتالي تقودهم للابداع ، وتسمح لهم بأتخاذ قرارات تصب في الاتجاة الذي تعتقد القيادة الادارية بانة صحيح.
دور المديرين

أحد التغييرات الاساسية التي ستحدث من جراء تبنى برنامج التمكين ستكون بالطبع دور المديرين، فالمديرن بحاجة لتغيير الادوارالتقليدية التي كانوا يقومون بها في السابق. فخلال عملية التمكين يحتاج المديرين أن يلعبوا دور المسهل والمدرب للعاملين. فوجود المدير كمدرب جزء أساسي من عملية التمكين. والهدف من وجود المدير كمدرب تحسين أداء العمل من خلال زيادة قدرات الموظفين لادارتهم لأدائهم. فالمدرب شخص يهتم بكرامة الفرد الإنسانية ونموه الروحي ( Jones, 1995). بالإضافة لذلك يشكل المدرب قيمة مضافة للمنظمة من خلال مساعدة العاملين على التعلم والتطور والنمو ( Phillips, 1995 ). فالمدرب يهيئ البيئة الصحية حيث يشعر الأفراد بقدرتهم على اتخاذ قرارات لأنفسهم عن طريق تطوير الثقة بالنفس وبالآخرين. فالمدرب لا يخبر الموظفين بما يجب أن يقوموا به، ولكن بدلاً من ذلك يقوم على مساعدتهم ليصبحوا في وضع أفضل من السابق Brown,1997)). أحد أدوار المدير الرئيسة التأكد أن الأفراد الممكنين يحصلون ليس فقط على السلطة، ولكن يمكنهم الوصول للمصادر المطلوبة لاتخاذ وتنفيذ القرار. وبالتالي، يصبح دور المدير تسهيل الوصول للموارد وليس فقط الاحتفاظ بها دون أسباب مقنعة. أن التغيير في دور ومسؤوليات المدير في البيئة التي توصف بالتمكين يتطلب تغيير مماثل في أسلوب وسلوك القيادة الادارية.
أن تنفيذ برنامج لتمكين العاملين ليست بالعملية السهلة، وإنما هي عملية متشابكة في عناصرها متداخلة في مكوناتها وأبعادها ويعتمد نجاحها بالدرجة الأولى على الثقة في الأفراد، وتقبل عدم التأكد.

ابعاد ونماذج ادارة التمكين
اتسمت الســنوات الماضية بتطورات وتحديات هائلة كان لها انعكاساتها الإيجابية على إدارة الموارد البشرية. فمنذ بداية 1980م ومفهوم التمكين يحظى باهتمام متزايد من قبل الأكاديميين والممارسين المهتمين بقضية الموارد البشرية. وفى ظل المتغيرات المتسارعة في بيئة الأعمال والضغوط المرافقة للمنافسة العالمية تولى المنظمات الاهتمام لتبنى المفاهيم الإدارية الحديثة لتحقيق الميزة التنافسية. وبالتالي ليست مفاجائة أن تلجا العديد من المنظمات للاهتمام بمواردها البشرية عن طريق تبنى مفهوم التمكين. ومفهوم التمكين يهتم بشكل رئيس على إقامة وتكوين الثقة بين الإدارة والعاملين وتحفيزهم ومشاركتهم في اتخاذ القرار وكسر الحدود الإدارية والتنظيمية الداخلية بين الإدارة والعاملين ، أو كما يطلق علية في أدبيات الإدارة " هم " مقابل "نحن". فالشركات والمؤسسات الرائدة تدرك أن الاهتمام بالعنصر البشرى هو السبيل للمنافسة وتحقيق التميز. ولا شك أن الاهتمام بمفهوم تمكين العاملين يشكل عنصراً أساسياً للمؤسسات والشركات في العالم العربي خصوصاً في ظل التحديات والتغيرات المتسارعة. وفقا لذلك فان قطاع الأعمال في العالم العربي في حاجة ماسة للتغيير وتبنى ممارسات وسياسات تتلاءم مع المتطلبات والتطورات المعاصرة.
ويعتبر موضوع دراسة تمكين العاملين من الموضوعات الإدارية الحديثة والتي لم تحظى حتى الآن باهتمام الدارسين والباحثين. وعلى الرغم من شعبية تمكين العاملين إلا أن أدبيات التمكين تنزع إلى وجه نظر شاملة فيما يتعلق بالمفهوم على انه " ملائم لجميع المنظمات في مختلف الظروف" (Wilkinson, 1998:40). حيث تنحى تلك الأدبيات لتبنى وجه نظرAnglo-Saxon بالرغم من تزايد الاتجاه نحو عالمية الإدارة. ترجح أهمية الموضوع الذي تناقشه الورقة إلى أنة خطوة على الطريق للتعرف على مفهوم تمكين العاملين والتحديات إلى قد تواجه تطبيق هذا المفهوم في بيئة الأعمال العربية.

بيئة التمكين
يعتمد نجاح استراتيجية التمكين على بيئة المنظمة وأسلوب تنفيذها لعملية التمكين(Conger and Kanungo, 1988; Hardy and Lieba-O'Sullivan,1998 ). فإذا تم إدارة بيئة المنظمة وأسلوب تنفيذ التمكين بقدرة وفاعلية فأن التمكين سيعزز تحسين الإنتاجية، الجودة، تقليل التكاليف، تحقيق المرونة في العمل، ورفع مستوى الرضا الوظيفى Swenson, 1997; Nykodym et al., 1991; Wellinset al.,1991 )).

أما الإدارة السيئة أو الضعيفة لاستراتيجيات التمكين فأنها تزعزع الثقة داخل المنظمة (Robinson, 1997)، الذي بدورة قد يؤدى أن يسخر الموظفين من مبادرة الإدارة (Cunningham et al., 1996). وبالتالي، لا يمكننا النظر إلى عملية تنفيذ التمكين بمعزل عن البيئة الداخلية للمنظمة.
وقد أشار Mallak and Kurstedt (1996) أن مستوى التمكين يرتبط بقوة ثقافة المنظمة. ويعتقد الباحثان أن مفهوم التمكين دفع إلى الأمام الإدارة بالمشاركة خطوة أبعد لأنها تتطلب أن يندمج الفرد في ثقافة المنظمة ويتخذ قرارات تتميز بالاستقلالية. لذا يرى Honold (1997) أن مستوى التمكين سيتفاوت من منظمة لأخرى وسيعتمد على مدى تشجيع وتسهيل ثقافة المنظمة وبنائها التنظيمي لعملية التمكين. ويؤيد Foster-Fishman and Keys (1995) ذلك حيث يؤكد أنة ما لم تكون ثقافة المنظمة ملائمة، فأن جهود تمكين العاملين سيحكم عليها بالفشل. حيث يجب أن تكون الإدارة على استعداد للسماح بزيادة تحكم العاملين في عملهم، والسماح لهم كذلك الوصول بشكل أكبر للمصادر ( الوقت، الاموال، الأفراد، والتكنلوجيا) ، وتملكهم لصلاحيات أختيار اسلوب القيام العمل. وينبغي على الإدارة كذلك أن توفر بيئة تسود فيها الثقة، وتحمل المخاطرة. هذا ويقترح الكاتبان استحالة تطبيق التمكين في كل المنظمات، ولكن يمكن تطبيقه عندما تتطابق الاحتياجات الداخلية والخارجية وعندما يكون لدى الأفراد والنظام الاستعداد لتقبل التغيير. ويمكن تحديد تلك الاستعدادات من خلال النظر إلى مواضيع التحكم والقوة، الثقة، وأخذ وتقبل المخاطرة المتمثلة حالياً في المنظمة. أن مبادرات التغيير يرجح لها النجاح وبشكل كبير عندما تتلاءم والثقافة التنظيمية الحالية .(Schein, 1985) وبالتالي، فأن مبادرة التغيير يرجح أن يكتب لها النجاح بشكل أكبر عندما تتغير ثقافة المنظمة لخلق الظروف المناسبة للتمكين .( Spreitzer, 1995) وتلك الظروف يمكن أن تتضمن اتجاهات وسلوكيات الأفراد وكذلك الممارسات الحالية للتنظيم.

القيادة والتمكين
لافتراض الرئيس في فكرة التمكين أن سلطة اتخاذ القرار يجب أن يتم تفويضها للموظفين في الصفوف الأمامية لكي يمكن تمكينهم للاستجابة بصورة مباشرة لطلبات العملاء ومشاكلهم واحتياجاتهم. ويتضح أن فكرة التمكين تتطلب التخلي عن النموذج التقليدي للقيادة الذي يركز على التوجيه إلى قيادة تؤمن بالمشاركة والتشاور. وهذا بدورة يتطلب تغيير جذري في أدوار العمل ومن ثم العلاقة بين المدير والمرؤوسين. بالنسبة لدور المدير يتطلب التحول من التحكم والتوجيه إلى الثقة والتفويض، أما بالنسبة لدور المرؤوسين فيتطلب التحول من أتباع التعليمات والقواعد إلى المشاركة في اتخاذ القرارات. ويبرز دور القيادة التحويلية حيث يمثل تمكين العاملين أحد الخصائص التي تميز القيادة التحويلة عن القيادة التبادلية. حيث يتميز القيادة التحويلة بأتباع أساليب وسلوكيات تشجع على تمكين العاملين كتفويض المسؤوليات، تعزيز قدرات المرؤوسين على التفكير بمفردهم، وتشجيعهم لطرح أفكار جديدة وإبداعية Dvir et. Al., 2002)). ويرى Bennis and Nanus ( 1985) أن القائد العظيم يعمل على تمكين الآخرين لمساعدتهم على تحويل رؤيتهم إلى حقيقة المحافظة عليها. حيث يؤكد الكاتبان أن القادة الذين يتمتعون بسلوك تحويلي لديهم القدرة على إمداد مرؤ وسيهم بالطاقة والإلهام لتمكينهم من التصرف عن طريق إمدادهم برؤية للمستقبل بدلاً من الاعتماد على أسلوب العقاب والمكأفات. فالقيادات التي تملك الرؤية يمكن أن تخلق مناخ المشاركة وتهيؤ الظروف المساعدة للتمكين التي عن طريقها يستطيع الموظفين أن يأخذوا على عاتقهم السلطة لاتخاذ القرارات التي تعمل على تحقيق الرؤية. وبجانب إمداد الموظفين بالرؤية، فالقيادة التحويلة تتميز بقدرتها على خلق السلوك الإلهامي الذي يعزز الفاعلية الذاتية للعاملين للوصول إلى الهدف ( Bassand Avolio,1993). وتتميز القيادات التي لديها توقعات وطموحات عالية بقدرتها على تعزيز الفاعلية الذاتية للموظفين وتحفيزهم لبناء المبادرة الفردية لتحقيق الهدف ( Eden, 1992 ). وقد قدمت دراسة Quinn and Spreitzr (1997) رؤية متعمقة لكيفية تغيير سلوك القيادة لكي يمكن للتمكين أن يضرب بجذور في المنظمة. حيث طرحا مجموعتين من الأسئلة التي تحتاج من كل مدير أو مشرف أن يجد إجابة لها:
المجموعة الأولى: بعض الأسئلة الصعبة
• إذا كان الشعور بوضوح الرؤية الاستراتيجية احد الخصائص الرئيسة للبيئة الممكنة، هل أعمل بصورة مستمرة لتوضيح ادرا ك الأفراد الذين يعملون تحت قيادتي بالاتجاة الاستراتيجى ؟
• إذا كان الانفتاح وفرق العمل من خصائص البيئة الممكنة، هل اعمل جاهداً وبصورة مستمرة لمشاركة واندماج الأفراد الذين يعملون تحت قيادتي؟
• إذا كان النظام والتحكم من خصائص البيئة الممكنة، هل اعمل بصورة مستمرة لتوضيح التوقعات المتعلقة بالأهداف والمهام وخطوط السلطة للأفراد الذين يعملون تحت قيادتي؟
• إذا كان الدعم والآمان من خصائص البيئة الممكنة، هل عملت بصورة مستمرة على حل النزاعات والصراعات فيما بين الأفراد الذين يعملون تحت قيادتي؟
المجموعة الثانية: بعض الأسئلة الصعبة
• إلى إي مدى لدى شعور بمعنى العمل الذي اقوم به، وما يجب على ان اقوم به لزيادته؟
• إلى إي مدى لدى إحساس بالقدرة على التأثير والقوة، وما يجب على أن أقوم به لزيادته؟
• إلى إي مدى لدى شعور بالكفاية والثقة للقيام بتنفيذ عملي، وما يجب على أن أقوم به لزيادته؟
• إلى إي مدى لدى شعور بالاستقلالية والقدرة على الاختيار، وما يجب على أن أقوم به لزيادته؟
وتظهر هذه الأسئلة أنة قبل أن نبدأ بالعمل على أيجاد بيئة عمل يمكن من خلالها تمكين الآخرين، يجب أن نبدأ أولا بتمكين أنفسنا. حيث يجب على القيادة الادارية أن تكون مثلاً يحتذي به من قبل العاملين، وتبدأ بعملية التغيير الذاتية. وهناك بعض الأعمال التي يمكن أن يقوم بها القائد ليصبح نموذجاً إيجابيا يقتدي به العاملين كأن يعلن قيم واضحة ويدعمها بالسلوك والممارسة، وأن يكون مثالاً يحتذى به.
السؤال، ما مواصفات القيادات الادارية التي تدير منظماتنا في الوطن العربي، وهل تلك القيادات على استعداد لتقبل مفهوم التمكين؟
• في ظل عدم ثقتها بقدراتها.
• في ظل عدم وجود رؤية واضحة.
• في ظل غياب القدوة الادارية.
• في ظل غياب القدرة على الاختيار.
التدريب والتمكين
لكي يمكن تنفيذ برنامج لتمكين العاملين، تحتاج المنظمة أن تبذل جهود حثيثة ومكثفة لتدريب المديرين والموظفين. ونوة Bowen and Lawler (1995: 80) على أهمية التدريب الذي يحقق للموظف الإطلاع الشامل على أنشطة الوظيفة التي يقوم بها. وأوضح Byhan (1997:28:30) أن من بين خصائص المنظمات الممكنة " التدريب على قيادة التمكين... التدريب على الوظيفة والمهارات الفنية... التدريب على مهارات الاتصال وحل المشاكل". وذكر Gandz (1990:76) أيضا " أن التدريب الفنى، مهارات اتخاذ القرار، مهارات التعامل مع فرق العمل متطلبات أساسية لتقبل التمكين وللحصول على النتائج المأمولة".

وأكد Jones et al (1996) الحاجة للتحول من مفهوم المراقبة والتحكم إلى مفهوم التمكين لكي يمكن للعاملين المساهمة وإنجاز العمل بشكل أفضل. وذلك يتطلب بحسب Jones et al تأكيد مهارات جديدة للمديرين لتعظيم جهود العاملين. وهذه المهارات تتعلق بالأشراف، التسهيل والتيسير،الالتزام والثقة، تقدير التعلم وتملك العاملين، الاندماج مع قيم المنظمة، التفويض، والثقة الذاتية للأفراد التي تمثل صفة أساسية لمشاركة العاملين ( Potter, 1994). وقد أقترح Nicholls (1995) برنامج تدريبي للمديرين من ثلاث مراحل. في المرحلة الأولى، يتم تحليل القدرات الحالية، ومساعدة العاملين للعمل بأقصى طاقاتهم وقدراتهم. في المرحلة الثانية، المديرين بحاجة لاستخدام أساليب المدرب لجعل العاملين يبذلون جهد أكبر من قدراتهم الحالية. أما في المرحلة الثالثة، فيتم الحصول على التزام العاملين من خلال مشاركتهم في الرؤية والقيم. وعند الانتهاء من المرحلة الثالثة بشكل نهائي يتم تحقيق التمكين الكامل.

خطوات لتنفيذ تمكين العاملين
المنظمات التي تفكر في تنفيذ برنامج لتمكين العاملين تحتاج أن تتفهم تبنى التمكين ليست بحال من الأحوال أختيار سهل. وقد أوضح عدد من الكتاب أن تمكين العاملين عملية يجب أن تنفذ على مراحل. وحدد Bowen and Lawler ( 1992) ثلاث مستويات من التمكين في المنظمات تتراوح من التوجة للتحكم إلى التوجة للاندماج. وأوضح Caudron (1995:30) " أن الأسلوب التدريجي أفضل الطرق لتمكين فرق العمل.. فالمسؤوليات للإدارة الذاتية واتخاذ القرار يجب أن تعهد للموظفين بعد التأكد من حسن أعدادهم". وأوصى Ford and Fottler (1995:26) أيضا بالتنفيذ التدريجى لتمكين العاملين " فألاسلوب التدريجى يركز أولا على محتوى الوظيفة ومن ثم يتم لاحقاً أشراك الموظفين الممكنين في اتخاذ القرارات المتعلقة ببيئة الوظيفة". وخلال مرحلة التمكين يمكن للادارة متابعة تقدم الموظفين لتقييم أستعدادهم ومستوى ارتياح المديرين لتخلى عن السلطة. ونقترح الخطوات التالية لتنفيذ عملية تمكين العاملين:
الخطوة الأولى: تحديد أسباب الحاجة للتغيير
أول خطوة يجب أن يقرر المدير لماذا يريد أن يتبنى برنامج لتمكين العاملين. وضح السبب أو الأسباب من وراء تبنى التمكين. لتبنى التمكين أسباب مختلفة.هل السبب:
• تحسين خدمة العملاء.
• رفع مستوى الجودة.
• زيادة الإنتاجية.
• تنمية قدرات ومهارات المرؤوسين.
• تخفيف عب العمل عن المدير.
وأيا كان السبب أو الأسباب، فأن شرح وتوضيح ذلك للمرؤوسين يساعد في الحد من درجة الغموض وعدم التأكد. ويبدأ المرؤوسين في التعرف على توقعات الإدارة نحوهم، وما المتوقع منهم. ويجب على المديرين أيضاً شرح الهيئة والشكل الذي سيكون علية التمكين. يحتاج المديرين لتقديم أمثلة واضحة ومحددة للموظفين ما يتضمنه المستوى الجديدة للسلطات. حيث لابد أن يحدد المدير بشكل دقيق المسؤوليات التي ستعهد للموظفين من جراء التمكين.

الخطوة الثانية: التغيير في سلوك المديرين
أحد التحديات الهائلة التي يجب أن يتغلب عليها المديرين لايجاد بيئة عمل ممكنة تتصل بتعلم كيفية التخلى. قبل المضي قدماً وبشكل جدي في تنفيذ برنامج للتمكين هناك حاجة ماسة للحصول على التزام ودعم المديرين. فقد أشار Kizilos (1990) أن العديد من المديرين قد أمضى العديد من السنوات للحصول على القوة والسلطة وفى الغالب يكون غير راغب في التخلي أو التنازل عنها. وبالتالي يشكل تغيير سلوكيات المديرين للتخلي عن بعض السلطات للمرؤوسين خطوة جوهرية نحو تنفيذ التمكين.

الخطوة الثالثة: تحديد القرارات يشارك فيها للمرؤوسين
أن تحديد نوع القرارات التي سيتخلى عنها المديرين للمرؤوسين تشكل أحد أفضل الوسائل بالنسبة للمديرين والعاملين للتعرف على متطلبات التغيير في سلوكهم. فالمديرين عادة لا يحبذون التخلي عن السلطة والقوة التي اكتسبوها خلال فترة بقائهم في السلطة. لذا يفضل أن تحدد الإدارة طبيعة القرارات التي يمكن أن يشارك فيها المرؤوسين بشكل تدريجي. يجب تقييم نوعية القرارات التي تتم بشكل يومي حتى يمكن للمديرين والمرؤوسين تحديد نوعية القرارات التي يمكن أن يشارك فيها المرؤوسين بشكل مباشر.

الخطوة الرابعة: تكوين فرق العمل
بكل تأكيد لابد أن تتضمن جهود التمكين أستخدام أسلوب الفريق. وحتى يكون للمرؤوسين القدرة على إبداء الرأي فيما يتعلق بوظائفهم يجب أن يكونوا على وعى وتفهم بكيفية تأثير وظائفهم على غيرهم من العاملين والمنظمة ككل. وأفضل الوسائل لتكوين ذلك الإدراك أن يعمل المرؤوسين بشكل مباشر مع أفراد آخرين. فالموظفين الذين يعملون بشكل جماعي تكون أفكارهم وقراراتهم أفضل من الفرد الذي يعمل منفرداً. وبما أن فرق العمل جزء أساسي من عملية تمكين العاملين فأن المنظمة يجب أن تعمل على إعادة تصميم العمل حتى يمكن لفرق العمل أن تبرز بشكل طبيعى.

الخطوة الخامسة: المشاركة في المعلومات
لكي يمكن للمرؤوسين من اتخاذ قرارات أفضل للمنظمة فأنهم يحتاجون لمعلومات عن وظائفهم والمنظمة ككل. يجب أن يتوفر للموظفين الممكنين فرصة الوصول للمعلومات التي تساعدهم على تفهم كيفية أن وظائفهم وفرق العمل التي يشتركوا فيها تقدم مساهمة لنجاح المنظمة. فكلما توفرت معلوما ت للمرؤوسين عن طريقة أداء عملهم كلما زادت مساهمتهم.

الخطوة السادسة: اختيار الأفراد المناسبين
يجب على المديرين اختيار الأفراد الذين يمتلكون القدرات والمهارات للعمل مع الاخرين بشكل جماعى. وبالتالي يفضل أن تتوافر للمنظمة معايير واضحة ومحددة لكيفية اختيار الأفراد المتقدمين للعمل.

الخطوة السابعة: توفير التدريب
التدريب أحد المكونات الأساسية لجهود تمكين العاملين. حيث يجب أن تتضمن جهود المنظمة توفير برامج مواد تدريبية كحل المشاكل، الاتصال، إدارة الصراع، العمل مع فرق العمل، التحفيز لرفع المستوى المهارى والفنى للعاملين.

الخطوة الثامنة: الاتصال لتوصيل التوقعات
يجب أن يتم شرح وتوضيح ما المقصود بالتمكين، وماذا يمكن أن يعنى التمكين للعاملين فيما يتعلق بواجبات ومتطلبات وظائفهم. ويمكن أن تستخدم خطة عمل الإدارة وأداء العاملين كوسائل لتوصيل توقعات الإدارة للموظفين. حيث يحدد المديرين للمرؤوسين أهداف يجب تحقيقها كل سنة، وتلك الأهداف يمكن أن تتعلق بأداء العمل أو التعلم والتطوير.

الخطوة التاسعة: وضع برنامج للمكافآت والتقدير
لكي يكتب لجهود التمكين النجاح يجب أن يتم ربط المكافآت والتقدير التي يحصل عليها الموظفين بأهداف المنظمة. يجب أن تقوم المنظمة بتصميم نظام للمكافآت يتلاءم واتجاهها نحو تفضيل أداء العمل في خلال فرق العمل.

الخطوة العاشرة: عدم استعجال النتائج
لا يكمن تغيير بيئة العمل في يوم وليلة. يجب الحذر من مقاومة التغيير حيث سيقاوم الموظفين أى محاولة لايجاد برنامج يمكن أن يضيف على عاتقهم مسؤوليات جديدة. وبما أن تبنى برنامج للتمكين سيتضمن تغيير، فأننا نتوقع أن تأخذ الإدارة والموظفين وقتهم لإجادة المتطلبات الجديدة لبرنامج التمكين. وبالتالي يجب على الإدارة عدم استعجال الحصول على نتائج سريعة. فالتمكين عملية شاملة وتأخذ وقتاً وتتضمن جميع الأطراف في المنظمة.

معوقات تطبيق التمكين
قد تواجه المنظمات العربية بعض المعوقات التي قد تحد من قدرتها على تطبيق تمكين العاملين، ومن تلك المعوقات، ما يلى:
• البناء التنظيمي الهرمي.
• المركزية الشديدة في سلطة اتخاذ القرارت.
• خوف الإدارة العليا من فقدان السلطة.
• عدم الرغبة في التغيير.
• خوف الإدارة الوسطى من فقدان وظائفهم والسلطة.
• خوف العاملين من تحمل السلطة والمسألة.
• الأنظمة والاجراءت الصارمة التي لا تشجع على المباداة والابتكار.
• السرية في تبادل المعلومات.
• ضعف نظام التحفيز.
• تفضيل بأسلوب القيادة الادارية التقليدية.
• ضعف التدريب والتطوير الذاتي.
• عدم الثقة الادارية.
• عدم ملاءمة نظام المكافآت.
• اختلاف في أهداف كل من الإدارة والعاملين.
الاقتراحات

ولإنجاح عملية التمكين في بيئة المنظمات العربية، نقترح ما يلى:
• تطبيق الإدارة العقائدية.
• الاتجاه نحو البناء التنظيمي المرن.
• التحول لتطبيق مفهوم القيادة التحويلية.
• بناء المنظمة التي تشجع على التعلم الذاتي.
• السماح بتداول المعلومات.
• التحول من نظام الأشراف القائم على التوجية والتحكم.
• إعادة النظر في نظام المكافآت.
• توفر التدريب الملائم للقيادات الادارية.

ربنا يوفق




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق