السبت، 23 مارس 2013

السلوك التنظيمي والإتجاهات


(إن حياتك الخارجية هي انعكاس لما بداخلك، فهناك تطابق مباشر بين الطريقة التي تفكر، وتشعر بها داخليًا، وبين طريقة تصرفك وتجاربك خارجيًا)

ما هي الاتجاهات؟
الإتجاه هو ميل مستقر إلى حد كبير للإستجابة بطريقة متسقة لبعض الأشياء، والمواقف، والأفراد، أو مجموعة معينة من الأفراد، وتتضمن الإتجاهات مجموعة من المشاعر والعواطف موجهة لأهداف معينة، فعندما نسأل فرد عن إتجاهه ناحية رئيسه في العمل، فأول ما يفكر فيه، هو مدى تفضيله أو حبه لرئيسه.

ويفسر هذا الجانب العاطفي للإتجاهات، فإن الإتجاهات تعد أكثر خصوصية عن القيم، والتي تملي فقط تفضيلات عامة، فعلى سبيل المثال، قد تعطي قيمة عالية للعمل، ولكنك في نفس الوقت، قد لا تحب الوظيفة التي تؤديها.

وينطوي تعريف الإتجاهات على الإستقرار النسبي، ففي ظل الظروف الطبيعية، فإذا كنت حقيقة لا تحب رئيسك في العمل اليوم، فمن المرجح ألا تحبه غدًا.

وهذا لا يعني أن الإتجاهات جميعها لها نفس القوة، ولكن بعض الإتجاهات تكون أقل قوة عن غيرها، ومن ثم يمكن أن تكون قابلة للتغيير، فإذا كان إتجاهك سلبيًا تجاه رئيسك فقط،  نتيجة موقف معين تعرضت له معه، فإنه من المحتمل أن يتغير هذا الإتجاه، إذا ما زادت قوة علاقتك مع رئيسك في مواقف أخرى طيبة.

أيضًا، فإن تعريف الإتجاهات ينطوي على كونها ميول للإستجابة لهدف معين (شيء، فرد، جماعة)، لذلك فإن الإتجاهات تؤثر على سلوك الفرد تجاه هذا الشيء، أو الفرد، أو الجماعة.

وهذا ليس غريبًا؛ لأن إذا كان الفرد لا يحب نوع معين من الطعام (إتجاه)، فإنه لن يأكل كل هذا النوع (السلوك)، وبنفس الطريقة، إذا كان الفرد لا يحب رئيسه في العمل، فلن نسمعه يتحدث بصورة طيبة معه.

ما هي المكونات الأساسية للإتجاهات؟

       تتكون الإتجاهات من ثلاثة مكونات رئيسية كالآتي:

1.   العنصر أو المكون القيمي:
وهو يعني ذلك الجزء من الإتجاهات الذي يتعلق بمشاعر الفرد تجاه شيء، أو فرد، أو جماعة معينة، وهو يشير إلى ما يحبه أو لا يحبه الفرد، مثلما يكوّن الفرد شعورًا إيجابيًا، أو سلبيًا تجاه رئيسه.

2.   المكون الوجداني:
فالإتجاه ينطوي على أكثر من مجرد المشاعر والأحاسيس، أي أنه يتضمن المعرفة، أي معتقدات الفرد عن شيء معين، فمثلًا، قد يعتقد الفرد أن رئيسه لا يعرف شيء عن العمل، أو قد يعتقد أن زميله يحصل على أجر أعلى منه.
وبغض النظر عن مدى صحة هذه المعتقدات، إلا أنها تكون الجزء المعرفي، أو الوجداني للإتجاه.

3.   المكون السلوكي:
فقد يعتقد الفرد أن رئيسه في العمل يهدر أموال الشركة، ومن ثم فإن لديه شعور بأنه لا يحب أن يعمل تحت رئاسته، هذا الاعتقاد، وهذا الشعور له أثرًا على الطريقة التي يتصرف بها الفرد، أو التي ينوي أن يتصرف بها؛ لأنه في بعض الأحيان توجد قيود على السلوك الفعلي للفرد.

ففي المثال السابق، قد يرغب الفرد فعلًا في ترك العمل بالشركة، ولكن لعدم وجود فرص عمل متاحة، قد يستمر في العمل، مع بقاء نيته لترك العمل موجودة، إذا ما أتيحت له الفرصة.

إذًا خلاصة القول، أن هناك ثلاث جوانب للإتجاه وهي المشاعر، والمعتقدات، والنية لسلوك معين.

وعندما نتحدث عن إتجاهات العمل، فنحن نتحدث عن تلك المشاعر والمعتقدات والميول السلوكية تجاه الجوانب المختلفة للعمل أو الوظيفية، أو المكان الذي نعمل به، أو الأفراد الذين نتعامل معهم، فالإتجاهات المرتبطة بالعمل، مثل الرضا عن العمل ترتبط بعديد من الجوانب الهامة للسلوك التنظيمي، مثل أداء العمل، الغياب عن العمل، ترك العمل.

تغيير الإتجاهات:
وإذا كنا قد تناولنا الحديث عن كيفية تكوين الإتجاهات، فإنه أيضًا من الضروري أن نتناول الكيفية التي تتغير بها هذه الإتجاهات، فنتيجة تغير الظروف البيئية أو الداخلية، قد تكون المنظمة في موقف يتطلب ضرورة تغيير إتجاهات العاملين، ومن بعض الأمثلة للحالات التي ترغب الإدارة، من خلالها تغيير الإتجاهات:
1.   الإتجاهات ناحية تنوع العمالة.
2.   الإتجاهات ناحية الممارسات الأخلاقية في العمل.
3.   الإتجاهات ناحية توقع التغيير، مثل تقديم تكنولوجيا جديدة.

العوامل المؤثرة في تغيير الإتجاهات:

الموصل الفعال:
أشارت نتائج بعض الأبحاث، إلى أن الفرد القادر على الإتصال الفعال مع الأفراد المراد تغيير إتجاهاتهم، يتميز بمصداقيته، وعادة ما يعتبر هذا الفرد ذو مصداقية عالية، إذا ما اتصف بعدة خصائص:

1.   الخبرة.
2.   عدم التحيز.
3.   محبوب من قبل الآخرين.

بعض الأساليب لتغيير الإتجاهات:
1.   الإقناع وجهًا لوجه:
فالمواجهة والإقناع وجهًا لوجه، من المحتمل أن يكون لها تأثيرًا وقدرة أكبر على تغيير الإتجاهات، وهذا أكثر من الإحتمالات التي يمكن أن يحققها الإتصال غيرالمباشر، متمثلًا في الخطابات، والملصقات، وتتحقق قدرة وتأثير المقابلة وجهًا لوجه من خلال المرونة، والقدرة على جذب الإنتباه، وتقديم الفرصة للأفراد، بأن يكونوا أكثر تأكدًا من مصداقية المصدر.

2.   تحقيق درجة معتدلة من التغيير:
فمثلًا، عند تغيير إتجاهات رجال البيع، نحو إتجاه أكبر لممارسات بيع أخلاقية، عندما يقوم الفرد القائم بالتغيير بمطالبة رجال البيع، بممارسة هذه الأساليب الأخلاقية في البيع، لن يحقق نتائج كبيرة، ولكن إذا أوضح له الممارسات الأخلاقية للبيع تحقق مبيعات أفضل، وتجذب عملاء أكثر، قد يحقق نتائج أفضل في تغيير إتجاهات الأفراد.

3.   عرض وجهات النظر المختلفة:
عندما يكون الأفراد المراد تغيير إتجاهاتهم، ليس لديهم الفرصة لمناقشة وجهات نظرهم، فإنه من المحتمل أن تغير إتجاهاتهم، من خلال تقديم وجهة النظر، أو الإتجاه الجديد فقط، أما في حالة إذا ما كان هؤلاء الأفراد لديهم الفرصة لمناقشة وجهات نظرهم، فإنه من الضروري تقديم وجهتي النظر المؤيدة والمعارضة، حتى يناقشونها.

تغيير السلوك لتغيير الإتجاهات:
 (إذا فعلت الأشياء الصحيحة بالطريقة الصحيحة، سوف تحصل على النتائج التي ترغبها)

بريان تراسي
اعتمدت المناقشة السابقة، على تغيير القيم والمعتقدات أولًا لتغيير الإتجاهات، ثم تغيير السلوك.

وفي الواقع أن هذا هو النموذج التقليدي، الذي تم استخدامه في مجال تغيير الإتجاهات التنظيمية، ومع ذلك، فإن هناك مدخلًا بديلًا لتغيير الإتجاهات، ويتمثل هذا المدخل في تغيير السلوك أولًا، مفترضًا بذلك، أن الفرد سوف يوحد إتجاهاته لتدعم السلوك، فوفقًا لنظرية عدم التوافق الوجداني، فإن إرتباط الفرد بسلوك معين، لا تدعمه إتجاهات الفرد، فإن هذا ممكن أن يؤدي به إلى تغيير الإتجاهات، لتخفيض التوتر الناتج من عدم التوافق، ويمكن تحقيق هذا من خلال تمثيل الأدوار للأفراد، الذين نريد تغيير إتجاهاتهم.

وقد جادل الباحثان، جولد سيتن وسورتر، بأن وجهة النظر التقليدية في تغيير الإتجاهات لم تثبت فعاليتها بصفة دائمة في المجال التنظيمي، ويقترح هذان الباحثان أن استخدام الإقناع في تغيير المعتقدات والقيم، غالبًا ما يفشل في تغيير الإتجاهات؛ لأن الأفراد المراد تغيير إتجاهاتهم يكونوا غير قادرين على رؤية، أو إدراك الكيفية التي يمكن من خلالها، تحويل المعتقدات الجديدة إلى تطبيق فعلي في مجال السلوك في المنظمات.

فمثلًا، قد يتعلم بعض المتدربين من خلال برنامج تدريبي، أن الأفراد الذين لديهم خلفيات أخلاقية مختلفة يكون لديهم أنماطًا مختلفة للإتصال، وبالرغم من معرفتهم هذه، لا يكون لديهم الفهم الكافي للكيفية، التي يمكن أن يطبقون بها هذه المعرفة، في تعاملاتهم مع الأفراد الآخرين داخل العمل.

وللتعامل مع هذه المشكلة، فإن المدخل الجديد لتغيير الإتجاهات، يقترح ضرورة تعلم الفرد لسلوكيات خاصة يمكن تطبيقها، وممارستها في مجال العمل، تتوافق مع التغيير المطلوب في الإتجاهات، فعندما يجد المتدرب أن هذه السلوكيات ناجحة في تحقيق أنشطتهم اليومية، فإن نظرية عدم التوافق تقترح أن الإتجاهات سوف تتغير، لتستجيب مع السلوكيات الجديدة، التي تعلمها الفرد، ووفقًا لهذا المدخل المعدل لتغيير الإتجاهات، فإن هناك ثلاثة أساليب، يمكن استخدامها لتغيير السلوك:

1.   نمذجة السلوكيات الصحيحة، ويمكن تحقيق هذا، من خلال شرائط فيديو توضح السلوك المطلوب.

2. تمثيل الأدوار للسلوكيات الصحيحة يقوم بها المتدربون، وبهذه الطريقة يمكن إعطاء فرصة للمتدربين، للممارسة الفعلية للسلوكيات المطلوبة.

3. التدعيم للسلوك التمثيلي، وفي هذا المجال يقدم المدرب التدعيم (وعادة ما يكون مدحًا) للسلوك التمثيلي الصحيح.

وقد تم تطبيق هذا النموذج المعدل، في شركات كبيرة بالولايات المتحدة الأمريكية، مثل أي. بي. إم.، وجنرال إلكتريك، وأثبت نجاحه، مما يشير إلى إمكانية تطبيقه في مجالات أخرى.

وختامًا:
يقول بروس بارتون: (لا شيء عظيم تم تحقيقه على الإطلاق إلا لهؤلاء الذين يجرءون على الإيمان بأن شيئًا ما بداخلهم أسمى وأعظم من الظروف).
 
ربنا يوفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق