الأحد، 16 يونيو 2013

مفاهيم إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية

أساسيات الإدارة الاستراتيجية
تمثل الإدارة الاستراتيجية منهجية فكرية متطورة توجه عمليات الإدارة وفعالياتها بأسلوب منظم سعياً لتحقيق الأهداف والغايات التي قامت المنظمة من أجلها. ويتطلب تطبيق منهجية الإدارة الاستراتيجية وجود بناء استراتيجي متكامل يضم العناصر الرئيسية التالية:
-       آلية واضحة لتحديد الأهداف والنتائج المرغوبة ومتابعة تحقيقها وتعديلها وتطويرها في ضوء المتغيرات الداخلية الخارجية.
-       آلية مرنة لإعداد وتفعيل مجموعة السياسات التي ترشد وتوجه العمل في مختلف المجالات، وتوفر قواعد للاحتكام واتخاذ القرارات، وتضمن حالة من التناسق والتناغم بين متخذي القرارات في جميع قطاعات المنظمة.
-       هيكل تنظيمي يتميز بالبساطة والفعالية والتوافق مع مقتضى الحال في المنظمة، يوضح الأدوار والمهام الأساسية ويرسم العلاقات التنظيمية في ضوء تدفقات العمليات وتداخلاتها.
-       نظم وإجراءات تنفيذية لتوجيه الأداء في مختلف العمليات، تتسم بالمرونة والفعالية، وتستهدف تحقيق النتائج.
-       أفراد تم اختيارهم بعناية، يتمتعون بالصفات والقدرات المناسبة لأنواع العمل، وعلى استعداد لقبول التغيير، أي من أهم صفاتهم المرونة.
-       صلاحيات محددة جيداً، وموزعة بين الأفراد بما يتناسب ومسئولياتهم مع وضوح معايير المحاسبة والمساءلة وتقييم الأداء والثواب والعقاب.
-       نظم وإجراءات ومعايير لاتخاذ القرارات تتناسب مع أهميات المشاكل وتتطور مع تغير الأوضاع.
-       نظم لاستثمار وتنمية طاقات الموارد البشرية وتوجيه العلاقات الوظيفية تتناسب مع نوعية المورد البشري ومستواه الفكري ومدى الندرة فيه، كما تتوافق مع الظروف العامة الخارجية وتتسم بالمرونة.
-       نظم معلومات وقنوات للاتصال الفعال تحقق التواصل بين أجزاء المنظمة وفيما بينها وبين العالم الخارجي، وتحقق المعرفة الآنية لمجريات الأداء والظروف المحيطة.
-       تجهيزات ومعدات وموارد مادية تم اختيارها وتوظيفها بعناية لتحقيق أقصى عائد ممكن منها في ظل الظروف السائدة والمتوقعة.
-       تقنيات مناسبة في مجالات النشاط المختلفة.

محركات التوجه نحو الإدارة الاستراتيجية
·       أثر المنافسة
كان توجه الإدارة المعاصرة نحو الأخذ بمنهجية الإدارة الاستراتيجية وتطبيقها في مجال إدارة الموارد البشرية نتيجة مهمة لحركة متغيرات أساسية مثلت قوى للضغط على الإدارة يأتي ف مقدمتها المنافسة باعتبارها القوة المحركة الأساسية نحو إعمال مفاهيم الإدارة الاستراتيجية. فقد اتجهت الإدارة المعاصرة بتأثير التنافسية الشديدة والمتصاعدة أن تضع لنفسها "استراتيجية تنافسية" تحاول من خلالها تفعيل قدراتها المحورية واستثمار رأس المال البشري المتميز لديها للحصول على مركز تنافسي قوي في السوق.

وقد تبينت الإدارة المعاصرة أهمية المنافسة وتعدد مصادرها، والمنافسين ليسوا فقط المؤسسات الأخرى التي تتعامل في نفس السوق وتنتج وتطرح ذات المنتجات أو الخدمات وتحاول اقتطاع شريحة العملاء الذين اعتادوا التعامل مع المنشأة، ولكن المنافسين هم كل من يناطح المنظمة ويحاول أن يقتطع جانباً من أرباحها [أو فرصها لتحقيق الربح].


تواجه المنظمات فئات المنافسين التالية:
1.   المنافسون الحاليون العاملون في نفس الصناعة.
2.   المنافسون المحتملون للدخول في الصناعة.
3.   كبار الموردين الذين تتعامل معهم المنظمة.
4.   كبار العملاء والمشترين الذين يتعاملون مع المنظمة.
5.   منتجوا السلع والخدمات البديلة لمنتجات المنظمة.

هؤلاء المنافسين يعملون جميعاً وبطرق مختلفة على تحدي وتهديد المنظمة للسحب من حصتها في السوق واحتلال مكانها لدى العملاء. فالمنافسون في نفس الصناعة يقدمون للسوق نفس المنتجات وينافسون على الجودة، السعر، الخدمات، أو عليها جميعاً. والموردون يساومون لرفع أسعار ما يبيعونه للمنظمة وبالتالي يقللون ما كان يمكن لها أن تحققه من أرباح أي ينازعون الإدارة في إنجازها ويشاركون في إنتاجيتها. والمشترون يساومون لتخفيض أسعار ما يشترونه، وزيادة الخدمات التي يحصلون عليها، وبالتالي يسهمون أيضاً في تصعيب مهمة الإدارة وتقليل العائد الصافي من نشاطها. أما منتجو السلع البديلة فهم مصدر تهديد لسحب المشترين بل والموردين أيضاً من التعامل مع المنظمة، وبالتالي عدم إمكانها تحقيق أو المحافظة على مبيعاتها وأرباحها. ثم يأتي المنافسون المحتملون وهم الذين تغريهم الأرباح التي تحققها المنظمة في صناعة معينة فيقررون دخول ذات المجال لتحقيق نصيب من تلك الأرباح، وتكون النتيجة سحب مساحة من السوق منها وتخفيض المبيعات والأرباح التي تحققها. وثمة مصادر أخرى كثيرة للتهديد يجب على الإدارة أن تتعامل معها، من بينها التحول في القوانين والتشريعات بما يضيق الفرص على الإدارة، والتغير في الأوضاع والنظم والعلاقات الاقتصادية، ونضوب الثروات الطبيعية وندرة الخامات والموارد، وقصور الطاقات البشرية وندرة الكفاءات.


·       أثر المتغيرات
بينا فيما سبق مدى ما أصاب نظام الأعمال العالمي من تغيير بفعل قوى ومتغيرات رئيسية ساهمت في تصديع البناء الإداري التقليدي وأسهمت في تنمية مفاهيم إدارية جديدة تتبنى مفاهيم "الإدارة الاستراتيجية". وأهم تلك القوى: العولمة، تقنيات الحاسبات الآلية، وتقنيات المعلومات والاتصالات، وحركة إدارة الجودة الشاملة، وبزوغ مفهوم رأس المال البشري.
تلك القوى الخمس الرئيسية [بالإضافة إلى عديد من القوى الأخرى] تعاونت في إحداث واقع جديد يفرض على الإدارة التخلي عن مفاهيمها وأساليبها التقليدية التي تتسم بالتجزؤ أو التعقيد والتجمد والتقولب، وتلجأ إلى استحداث مفاهيم وأساليب تتسم بالتكامل والترابط، والبساطة والمرونة والتناسب مع مقتضى الأحوال والظروف. وأصبحت الإدارة في كثير من المنظمات خاصة في الدول النامية تواجه موقفاً شديد الصعوبة يتمثل في أن التحولات العالمية والمحلية تؤدي كلها بالضرورة إلى فتح السوق أمام الواردات الأجنبية، في نفس الوقت الذي تعاني فيه تلك المنظمات من ضعف وتضاؤل فرص وصول منتجاتها إلى الأسواق الأجنبية لارتفاع التكلفة ونقص الجودة فضلاً عن نقص الخبرات الإدارية والتسويقية. من جانب آخر تستشعر كثير من تلك المنظمات أن المناخ المحلي لم يتحرر بعد ولم يوفر للإدارة حرية الحركة اللازمة لمواجهة تلك الظروف الجديدة، ومن ثم تصبح الإدارة عاجزة عن التصدي للمنافسة أو محاولة التقدم خاصة في غياب مصادر وأشكال الدعم والمساندة التي كانت تحصل عليها من الدولة سابقاً.

وفي ضوء هذا الواقع تكتشف الإدارة أن السبيل الوحيد أمامها هو تطوير قدراتها الإدارية، وإعادة تصميم كل عملياتها، والبحث عن التقنيات الأكثر تناسباً، ثم بلورة كل إمكانياتها ومواردها في إطار استراتيجي واضح يتوجه للتعامل مع الفرص والمهددات في الأسواق، ويواجه ظروف التنافسية وضغوطها، ويتفاعل مع المتغيرات والتحولات المحلية والعالمية. وسيكون مصدر الدعم الحقيقي والرئيسي والفاعل في هذا التوجه الاستراتيجي هو المورد البشري الفعال ذو المعرفة، ومن ثم تتضح أهمية وخطورة تطوير نسق ومفاهيم وآليات إدارة الموارد البشرية في ذات الاتجاه الاستراتيجي.
ونتيجة لضغوط التنافسية والمتغيرات المتصاعدة، اتجهت الإدارة في المنظمات المعاصرة إلى تبني فلسفة واضحة للعمل الإداري المتحرر والمنطلق تعتمد آليات السوق أساساً في رسم السياسات واتخاذ القرارات، وتستوعب كل التطورات التقنية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية الجارية في العالم، وتعيش عصر المعلومات بكل ما تعنيه ثورة المعلومات من انفتاح وعقلانية وتكامل في النظرة وشمول للاهتمامات، وتتقبل حقائق السوق والمنافسة، وتتوجه إلى التميز والتفوق باعتبارها السبيل الوحيد للبقاء.
وتتبلور عناصر تلك الفلسفة الإدارية الجديدة- والتي انعكست على دارة الموارد البشرية- فيما يلي:
-       أهمية أن تشحذ الإدارة كل أسلحتها وتشحد جميع إمكاناتها وطاقاتها من أجل المواجهة والمنازلة في الأسواق مع المنافسين، والعمل على الاستخدام الأمثل لكل الموارد المتاحة لها، وتجنب تعطيل الطاقات وإهدار الموارد- إن من أساسيات إدارة المنافسة أن تحدد الإدارة نقاط القوة والضعف عندها، وتبحث في نقاط القوة والضعف عند منافسيها، من أجل صياغة استراتيجية متكاملة ترشد العمل الإنتاجي والتسويقي كله.
-       أهمية المنافسة على الوقت، بمعنى الإسراع في عمل كل شيء لتخفيض الوقت المستغرق إلى أدنى حد ممكن، وبذلك تحقق الإدارة السبق في الوصول إلى المستهلك والوفاء باحتياجات السوق قبل المنافسين وتلعب تقنيات المعلومات والحاسبات الآلية دوراً خطيراً في تمكين الإدارة من المنافسة على الوقت بما توفره من إمكانيات هائلة لمعالجة البيانات، وكذا توفير الخدمات المعلوماتية اللازمة.
-       أهمية المنافسة على الإمكانيات والقدرات المتكاملة، بمعنى أن الإدارة ترصد إمكاناتها وقدراتها وتعمل على استغلالها بشكل متكامل بحيث ينتج عنها تأثير أكبر بكثير من مجموع القدرات المنفردة. والإدارة هنا تخلق كياناً متكاملاً من كل ما يتاح لها من إمكانيات وتوظفه التوظيف الأمثل لتحقيق أكبر تفوق ممكن على المنافسين.
-       أهمية المنافسة بتخفيض النفقات والأموال المعطلة في المخزون السلعي وإعداد نظم متفوقة لترتيب التعامل مع الموردين بحيث يتم تغذية الإنتاج أو السوق بمتطلباته بشكل فوري يقلص المخزون إلى ما يقرب من الصفر، وهذه السياسة اليابانية الأصل يترتب عليها وفر هائل في تكلفة الأموال بعدم تجميدها في مخزون سلعي غير مستعمل، وتوفير ساحات وتكاليف عمليات التخزين، ناهيك عن منع الأضرار والخسائر الناشئة عن تلف المخزون أو تقادمه أو تعرضه للسرقة وغير ذلك.
-       ضرورة السعي لتكوين علاقات وطيدة وإيجابية مع الموردين لضمان تدفق احتياجات المنظمة من المواد والمستلزمات وتأمين وصولها في الأوقات المناسبة بالكميات الصحيحة التي تحقق تنفيذ سياسات "في الوقت بالضبط"، وكذا تأمين علاقات وارتباطات إيجابية مع العملاء في السوق المحلي أو الأجنبي لضمان تصريف المنتجات بأسلوب منظم يسمح بتدفق السيولة إلى المنظمة ويخفض من أعباء تمويل وإدارة المخزون من السلع التامة. تلك العلاقات الإيجابية في الاتجاهين إنما تحتاج إلى عقلية إدارية تستوعب حقائق السوق، وتملك إدارة القرارات وسلطة التصرف، والقدرة على تحمل المسئولية، يساندها نظام فعال ومتقدم للمعلومات الإدارية.
-       ولاشك أن العنصر الفارق الآن في تحديد نجاح الإدارة هو قدرتها على استخدام المستحدثات التقنية استخداماً أمثل وتوظيفها في تطوير الإنتاج والمنتجات وأساليب السوق والإدارة جميعاً. وتسهم التقنيات المتطورة في تخفيض الوقت اللازم للأداء، ومن ثم تحقيق إنتاج أكثر في وقت أقل، وسرعة تدوير رؤوس الأموال بكل ما يتحقق عن ذلك من عوائد اقتصادية إيجابية. كما تسهم في تخفيض تكلفة المواد الخام واستبدال مواد رخيصة أو مخلقة بالمواد الطبيعية الأعلى تكلفة أو الأكثر ندرة.

كذلك تقليل الأيدي العاملة اللازمة للإنتاج وإحلال عناصر من العاملين الأعلى مهارة وكفاءة محل العمال الأقل مهارة. وتسمح التقنيات الجديدة كذلك بفرص لا متناهية لتطوير منتجات جديدة وابتكار استخدامات متجددة للمنتجات المعروفة، بما يحقق توسيع وخلق الأسواق الجديدة باستمرار. وأخيراً فإن التقنيات الجديدة تعمل على إضافة مرونة هائلة في إمكانيات التصميم للإنتاج بما يحقق التنويع المستمر مع خفض الوقت والتكلفة.

·       السمات الأساسية للمنظمات المعاصرة
أهم سمات المنظمة المعاصرة هي:
-       الأخذ بأشكال اللامركزية الإدارية إلى أبعد الحدود، واستثمار تقنيات المعلومات والاتصالات في تحقيق الربط والتنسيق بين تلك الإدارات اللامركزية.
-       إضفاء المرونة الشديدة على الهياكل التنظيمية والحرص على تطويع الهياكل لتتكيف وتتوافق مع المتغيرات الداخلية والخارجية. ومن ثم فإن عملية تطوير وتحديث الهياكل التنظيمية هي أمر توليه الإدارة الجديدة عناية فائقة.
-       الاعتماد على تكوين فرق عمل متكاملة بدلاً من تكريس الإدارات والأقسام المنفصلة والمتباعدة. ومن ثم تدعم المنظمة المعاصرة قدراتها لتحقيق الأهداف المشتركة، وتأكيد الترابط في الأداء والمساءلة عن النتائج، وتنمية روح الجماعة في الإنجاز والثواب [أو العقاب]. إن خلق وتكريس أسلوب عمل الفريق المتكامل هو من أساسيات النجاح في مواجهة المنافسة المتصاعدة والمتغيرات المتلاحقة محلياً وعالمياً.
-       اتباع تنظيمات وسياسات تحقيق للأفراد العاملين فرص المشاركة الإيجابية في التخطيط والإعداد للعمل وتحديد أهدافه واختيار مسالك التنفيذ وأدواته، باعتبار ذلك وسيلة مهمة لخلق الاقتناع بأهمية العمل الذي يقوم به الأفراد ومن ثم يقبلون على تحمل المسئولية وتقوى لديهم الرغبة الجادة في العطاء وتقديم خبراتهم لخدمة أهداف المنظمة. من جانب آخر، يأتي هذا التوجه دليلاً على رغبة الإدارة في الاستفادة من عطاء هؤلاء الأفراد وقدراتهم.
-       تنمية واستثمار الطاقات الفكرية والقدرات الإبداعية للأفراد، وتوفير الفرص للنابهين منهم لتجريب أفكارهم ومشروعاتهم الخلاقة. إن الشركات الأكثر نجاحاً في العالم المتقدم تحاول أن تجعل من كل فرد بها "رجل أعمال" في ذاته وليس مجرد موظف يؤدي أعمالاً روتينية، بل هو يفكر ويبتكر ويشارك في المسئولية ويتحمل المخاطر، وكذا يشارك في العائد.
-       ولعل من أهم سمات المنظمة المعاصرة استيعابها وتكريسها مفهوم "الجودة الكلية والشاملة" حيث إن الاهتمام بالجودة لم يعد مقصوراً على العناية بصنع السلع والتأكيد من صلاحيتها للاستخدام ومطابقتها للمواصفات، وإنما تعداه ليصبح مفهوماً شاملاً للجودة في كل مراحل العمل وكل مستويات الأداء في أي مشروع أو شركة. ومن ثم فإن إدخال مفهوم الجودة الشاملة يعني أن كل جزء وكل مجال من مجالات العمل ينبغي أن يخضع لمراجعة دقيقة وإعادة تصميم وتنظيم لاستبعاد كل أشكال ومسببات ضعف الأداء وانخفاض الجودة. كذلك فإن إشراك العاملين على مختلف المستويات في نظام مستمر لبحث أساليب تطوير وتحسين الجودة في الإنتاج والتسويق والإدارة وكل مرافق العمل يصبح هو الضمان الحقيقي للمواصلة الاستمرارية في تحقيق المستويات المتعالية من الجودة.
-       وتبدو في المنظمات المعاصرة عناية فائقة بقضايا التخطيط المالي ورسم سياسات تمويلية تتسم بالجرأة لتدبير الاحتياجات التمويلية للشركات في ضوء ارتفاع تكلفة الاقتراض لارتفاع أسعار الفائدة، وتحديات التعامل في أسواق المال لتنمية مصادر التمويل وإدارة محافظ الأوراق المالية، وإعادة تشكيل الأصول للتخلص من تلك الأقل إنتاجية وإعادة تكوين هيكل الاستثمارات وغيرها من القضايا المؤثرة على اقتصاديات المنظمة والحاكمة لاحتمالات العائد المتحقق على استثماراتها.
-       ومن السمات المميزة للمنظمات المعاصرة ميل واضح نحو التكامل والتحالف مع منظمات أخرى لتحقيق غايات وأهداف تقصر إمكانيات المنظمة الواحدة المنفردة عن الوصول إليها، كما في حالة التعاون في مسائل ذات اهتمام مشترك ولكنها تحتاج إلى تمويل تعجز أي منها عن تحمله منفردة مثل مشروعات البحوث والتطوير، ودراسات التطوير التقني، أو حملات غزو الأسواق الأجنبية والترويج للمنتجات.
-       ومن السمات المهمة للمنظمة المعاصرة الميل إلى تصغير الحجم وتقليل أعداد العاملين بالاقتصار على عدد محدود من أصحاب المعرفة فائقي الخبرة. ومما يساعد المنظمة المعاصرة على تحقيق إنجازات هائلة رغم صغر الحجم ما يتوفر الآن من تقنيات المعلومات والاتصالات وغيرها من التقنيات العالية، وتحول الأهمية من رأس المال النقدي بمعناه التقليدي إلى بروز الأهمية الحقيقية لرأس المال الفكري، وكذلك فرص الإسناد للغير وغيرها من الآليات التي تحقق للمنظمة الصغيرة الامتداد للخارج والاعتماد على الموارد المتاحة لغيرها من المنظمات.

وتعبر التوجهات الإدارية الجديدة وسمات المنظمات المعاصرة في نهاية الأمر عن حقيقة مهمة هي بروز الدور الفاعل والتأثير الغالب للموارد البشرية باعتبارها مصدر المعرفة ومالكة القدرات على تحقيق كل ما تتوجه إليه الإدارة من أهداف وغايات وتفعيل ما يتاح للمنظمة من موارد وإمكانيات.

·       النموذج الأساسي لإدارة الموارد البشرية الاستراتيجية
"الاستراتيجية" هي الخطة الرئيسية الشاملة Master Plan التي تحدد كيف تحقق المنظمة غرضها  Missionوأهدافها  Objectivesمن خلال تنظيم ما تتمتع به من مزايا وتدنية ما تعانيه من مساوئ. والإدارة الاستراتيجية هي الأسلوب الإداري المتميز الذي ينظر إلى المنظمة في كليتها نظرة شاملة  Comprehensiveفي محاولة تعظيم الميزة  التنافسية Competitive Advantage التي تسمح بالتفوق في السوق واحتلال مركز تنافسي قوي، وذلك باتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تنظر إلى الفرص والمشكلات الحالية، كما تهتم باستشراف المستقبل والإعداد للتعامل معه.
وبذلك فإن إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية تعمل على تحقيق غاية المنظمة وأهدافها ورؤيتها، وذلك من خلال ترجمة الاستراتيجية العامة للمنظمة إلى استراتيجية تفصيلية ومتخصصة في قضايا الموارد البشرية وتتضمن ما يلي:
-       الغاية Mission التي تبتغي إدارة الموارد البشرية تحقيقها بالتعامل مع العنصر البشري في المنظمة.
-       الرؤية Vision التي تحددها الإدارة لما يجب أن تكون عليه ممارساتها في مجال الموارد البشرية.
-       الأهداف الاستراتيجية المحددة المطلوب تحقيقها في مجالات تكوين وتشغيل وتنمية ورعاية الموارد البشرية.
-       السياسات التي تحتكم إليها إدارة الموارد البشرية في اتخاذ القرارات والمفاضلة بين البدائل لتحقيق أهداف الاستراتيجية.
-       الخطط الاستراتيجية لتدبير الموارد اللازمة وسد الفجوات في المتاح منها للوصول بالأداء في مجالات الموارد البشرية إلى المستويات المحققة للأهداف والغايات.
-       معايير المتابعة والتقييم التي تعتمدها الإدارة للتحقق من تنفيذ الاستراتيجية والوصول إلى الإنجازات المحددة.

وتتجه المنظمات المعاصرة إلى إعداد استراتيجية عامة للموارد البشرية تتضمن الغايات والأهداف والسياسات والتوجهات الرئيسية التي تعتمدها الإدارة في مجالات الموارد البشرية باعتبارها معبرة عن الاختيارات الجوهرية التي تتلاءم مع التوجهات الاستراتيجية العامة للمنظمة، وتتكامل مع التوجهات الاستراتيجية في مجالات العمل التسويقي والإنتاجي والتمويلي والتقني وغيرها من فعاليات المنظمة. ثم يكون للمنظمة مجموعة متكاملة من الاستراتيجيات الفرعية تنبع جميعها من الاستراتيجية العامة للموارد البشرية، وإن كانت كل منها تختص بأحد المجالات المتخصصة ذات الأهمية الخاصة. وبذلك يتصور وجود الاستراتيجيات التالية:
-       استراتيجية استقطاب وتكوين الموارد البشرية.
-       استراتيجية إدارة أداء المواد البشرية.
-       استراتيجية تدريب وتنمية الموارد البشرية.
-       استراتيجية قياس وتقييم أداء الموارد البشرية.
-       استراتيجية تعويض ومكافأة الموارد البشرية.

وفي جميع الأحوال يتم إعداد الاستراتيجية المناسبة في ضوء المعلومات والتحليل المتاح، ويجري التنفيذ والمتابعة وفق المعلومات المتجددة والتي ينتجها نظام المعلومات المعتمد. وتكون نتائج المتابعة والتقييم على المستوى الأدنى متاحة للمستويات الأعلى، وكذلك فإن توجهات وأطر الاستراتيجيات الأدنى تكون في علم واعتبار المستويات الأعلى. وكذلك تكون توجيهات وإرشادات المستويات الأعلى في اعتبار المستوى الأدنى عند إعداد استراتيجيته.

ومن المهم الإشارة إلى ضرورة تكامل المراحل الثلاثة في بناء وتفعيل الاستراتيجيات وهي مرحلة الإعداد والتصميم، ومرحلة التنفيذ، ثم مرحلة المتابعة والتقييم وإعادة التصميم. إن مجرد وجود استراتيجيات للموارد البشرية لا يعني أنها قد حققت غاياتها، بل الأهم أن تفعّل تلك الاستراتيجيات بوجود الآليات الإدارية والبشرية والتقنية اللازمة، وإصرار الإدارة على أن يسير العمل في مجالات الموارد البشرية وفق الاستراتيجيات المعتمدة.

·       مفاهيم إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية
يقوم النموذج الأساسي لإدارة الموارد البشرية الاستراتيجية على عدد من المفاهيم الرئيسية أهمها ما يلي:

مفهوم التحدي Challenge
التحدي هو ما يهدد احتمالات تحقيق الأهداف التي تسعى إليها الإدارة. وتركز إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية على أهمية الإدراك السليم للتحديات التي تواجه المنظمة، والتقدير الصحيح والواقعي لفرص التعامل مع تلك التحديات. ولعل من أهم التحديات التي تواجه إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية في المنظمات المعاصرة هي كيفية تكوين وتنمية هيكل بشري متميز وفعال يتناسب مع احتياجات المنظمة وأهدافها، وفي نفس الوقت تحمل تكلفة هذا الهيكل البشري المتميز والاحتفاظ به رغم تناوب فترات الكساد وانخفاض المبيعات وتقلص الأرباح وتزايد الضغوط من أجل ترشيد الإنفاق والتخلص من بعض هؤلاء الأفراد.

مفهوم الرؤية الشاملة Vision
تتعدد الزوايا التي تنظر منها إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية إلى الواقع المحيط، ومن ثم تتكون لديها صورة أوضح وأشمل لما يجري حولها، وتتمكن من صياغة توجهات استراتيجية أقرب إلى الصحة والدقة واحتمالات التحقق مما لو افتقدت تلك الرؤية الشاملة وانحصرت فقط في بعض زوايا القضايا أو المشكلات التي تتعامل معها. وتمثل ضغوط العولمة في تناقضها مع متطلبات وظروف الواقع المحلي في كثير من دول العالم أحد أهم محاور الرؤية الشاملة التي يتعين على إدارة الموارد البشرية الالتفات إليها. وكذلك لا تستطيع المنظمات في المملكة العربية السعودية ودول الخليج بشكل عام تجاهل ما يجري في إمارة دبي من تطورات تقنية عالية وانفتاح اقتصادي وممارسات تسويقية بالغة الحداثة والتطور وتأثير ذلك كله على حركة استقطاب وتكوين الموارد البشرية المتميزة سحباً من سوق العمل الإقليمي.

من جانب آخر، يشير مفهوم الرؤية الشاملة إلى ضرورة إدراك إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية لمتطلبات واستراتيجيات وخطط وبرامج عمل القطاعات الأخرى داخل المنظمة والمختصة بالتسويق والإنتاج والخدمات الإنتاجية وغيرها، حتى تأتي ممارساتها في تكوين وتنمية وصيانة الموارد البشرية متوافقة وتلك المتطلبات جميعاً.

مفهوم دور الحياة The Life Cycle
يركز هذا المفهوم على فكرة النشأة والنمو والتطور ثم الاضمحلال والتدهور في حياة أي سلعة أو مؤسسة أو نظام أو عملية. والمنطق المستفاد هنا أن استراتيجيات وفعاليات إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية تماثل الكائن الحي وتمر بتلك الدورة وتختلف فعاليتها من مرحلة لأخرى، الأمر الذي لا يستقيم معه بقاءها دون تطوير أو تغيير، وإنما تقضي طبيعة كونها كائن حي أن تتعدل وتتطور بحسب متطلبات كل مرحلة.

مفهوم المحركات Drivers
يوضح هذا المفهوم أن هناك محركات تستخدمها إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية لتحقيق غاياتها. وتتعدد المحركات الاستراتيجية التي تعتمدها إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية وإن كانت تتصف جميعاً بكونها تعبر عن صفات للإمكانيات أو الموارد التي تتاح للمنظمة:
-       ومن أهم المحركات الاستراتيجية التكلفة، حيث يكون تخطيط التكلفة هو أساس تحقيق الأهداف كما في حالة إعداد استراتيجية للتدريب تراعي اعتبار التكلفة في الأساس ومن ثم تلجأ إلى الاستعانة بمراكز التدريب الخارجية بدلاً من إنشاء إمكانيات تدريبية خاصة بالمنظمة.
-       كذلك تستهدي إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية في اتخاذ قراراتها والمفاضلة بين البدائل المفتوحة أمامها بمحركات السوق أي حالات السوق من عرض وطلب وممارسات المنافسين وغيرها من المتغيرات بها إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية في مسائل الاستقطاب والاختيار والتعيين وتحديد هياكل الرواتب والمكافآت أو قرارات تخفيض حجم العمالة وغيرها من القرارات ذات الأثر المالي والتقني.
-       وتلعب المحركات النابعة من المنافسة دوراً مهماً في توجيه استراتيجيات وممارسات إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية إذ أن التنافس على الموارد البشرية المتميزة من ذوي المعرفة هو أخطر وأهم أشكال الحروب التنافسية بين المنظمات سواء المحلية أو العالمية. وبالتالي تبني برامج وخطط تكوين وتنمية الموارد البشرية والاحتفاظ بها وحمايتها من التسرب إلى المنافسين على أساس المعلومات والاتجاهات التي توفرها المحركات التنافسية.
-       كما تمثل سياسات وقرارات وتوجهات الدولة وما يصدر عنها من تشريعات ونظم من أهم المحركات التي تحاول إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية التعامل معها خاصة في الدول حيث يزداد دور الدولة في تنظيم الحياة الاقتصادية. وتأتي أمور الموارد البشرية في مقدمة اهتمامات الدول بغرض تنظيم علاقات العمل وترتيب أوضاع سوق العمل والحد من البطالة، وتأمين الرعاية الاجتماعية والصحية والضمانات الاقتصادية للقوى العاملة.

مفهوم إدارة التغيير
تعمل المنظمات في مناخ يتميز بالتغيير المستمر، وسواء كانت عوامل التغيير نابعة من داخل المنظمة أم آتية من خارجها فإن إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية عليها واجب التعامل مع تلك العوامل وأخذها في الاعتبار. وتتركز تأثيرات التغيرات في أسلوب عمل إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية في ضرورة قيامها بما يلي:
-       رصد المتغيرات وتوقع آثارها المحتملة.
-       الكشف عن الفرص في المناخ والإعداد لاستثمارها بمصادر القوى الذاتية للإدارة.
-       الكشف عن المعوقات في المناخ لتفاديها أو تحييد آثارها.
-       الكشف عن نقاط القوة في المنظمة وتنميتها وتطويرها.
-       الكشف عن نقاط الضعف في المنظمة والإعداد لعلاجها أو تحييد آثارها.

إن المنطق الأساسي في إدارة التغيير هو أن تستعيد إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية التوازن النسبي الذي افتقدته نتيجة المتغيرات. وتختلف استراتيجيات استعادة التوازن وتتفاوت في فعاليتها وقدرتها على تحقيق أهداف إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية.

ونستطيع أن نرصد على الأقل الاستراتيجيات البديلة التالية:
1.   استراتيجية هجومية لمواجهة المعوقات أو القيود ومقاومتها والتخلص منها، مثال ذلك أن تعمد إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية إلى سد النقص في مواردها البشرية المتميزة بالانتقال إلى السوق العالمي باستخدام شبكة الإنترنت للبحث عن واستقطاب أفضل العناصر من أي مكان في العالم.
2.   استراتيجية دفاعية تحافظ على مكتسبات الإدارة، أي الفص التي تستثمرها فعلاً وتصد عنها هجوم عوامل التغيير، مثال ذلك أن تعمد إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية إلى تطبيق نظم جديدة وسخية للحوافز لإغراء العاملين المتميزين بالبقاء وحثهم على مقاومة مغريات الانتقال إلى المنظمة المنافسة.
3.   استراتيجية انهزامية تستسلم للقيود [أو تفرط في الفرص المتاحة] بتأثير نقاط الضعف الذاتية. وتضطر إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية لاعتماد هذه الاستراتيجية في حالات المتغيرات الصاعقة كما في حادثة اقتحام برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك وضخامة حجم الخسائر البشرية والمادية، مما لا يسمح للإدارة إلا بالانحناء أمام العاصفة والتوقف عن المقاومة وقبول الأمر الواقع المتمثل في هذه الحالة في سداد تعويضات وتأمينات، والتوقف عن العمل لفترات قد تطول، والالتزام بتعليمات وترتيبات أمنية قاسية تحددها أجهزة الأمن القومية.
4.   استراتيجية الحل الوسط بالمساومة على المكاسب والتنازل عن شيء مقابل شيء. ولعل المثال التقليدي لتلك الاستراتيجية هو ما تلجأ إليه إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية في مواقف التفاوض مع نقابات العمال على شروط وعلاقات العمل، إذ يطالب كل من الطرفين بمميزات وضمانات، ويكون الحل عادة هو في التنازل الجزئي عن بعض الشروط في مقابل الحصول على بعض المنافع.

وتتحدد الاستراتيجية التي تتبعها إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية في كل موقف بحسب قوتها النسبية في مواجهة عناصر التغيير والمنفعة المتوقعة من كل استراتيجية. أما القوة النسبية فهي مقياس لمدى سيطرة الإدارة على الموقف وتحكمها في سلوك المتغيرات المتفاعلة فيه، والمبدأ أنه كلما زادت القوة النسبية اتجهت إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية إلى اختيار استراتيجية هجومية، وبالعكس كلما قلت القوة النسبية اتجهت إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية إلى اختيار استراتيجيات دفاعية، وحين تتعادل القوة النسبية لأطراف الموقف تميل الإدارة إلى الاستراتيجيات التوفيقية.

أما المنفعة المتوقعة فهي تمثل القيمة المحتمل الحصول عليها مادياً أو معنوياً نتيجة لاتباع استراتيجية معينة. والمبدأ أنه كلما زادت المنفعة المتوقعة اتجهت إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية إلى الاستراتيجيات الهجومية، وكلما انخفضت المنفعة المتوقعة اتجهت إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية إلى الاستراتيجيات الدفاعية أو الاستراتيجيات التوفيقية.


* إجراءات بناء استراتيجية الموارد البشرية
تباشر إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية الإجراءات التالية لبناء استراتيجية فعالة وقابلة للتنفيذ:
1- تحليل المناخ الخارجي
يقصد بتحليل المناخ التعرف الدقيق والمتابعة النشطة لعناصر المناخ ومكوناته وما يطرأ عليها من تغيرات، ورصد اتجاهات الحركة والتطور في تلك العناصر المناخية والتوقع المبكر للتحولات التي يمكن أن تصيب المناخ من أجل تقدير آثارها على عمل الإدارة. ويضم المناخ الخارجي كل ما يحيط بالمنظمة من مؤسسات وكيانات وتجمعات تتصل بعملها بشكل مباشر أو غير مباشر. والصفة الأساسية لعناصر المناخ الخارجي أنها تقع بدرجات مختلفة خارج نطاق السيطرة والتأثير المباشر لإدارة الموارد البشرية الاستراتيجية، بينما تستطيع تلك العناصر المناخية الخارجية التأثير بدرجات مختلفة في توجهات وأساليب وفرص إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية على تحقيق أهدافها. ويترتب على تحليل المناخ الخارجي تعرف إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية على الفرص المتاحة أو المحتملة والمخاطر أو المهددات القائمة أو المتوقعة.

2- تحليل المناخ الداخلي
ويتمثل المناخ الداخلي للمنظمة في مجموعة العناصر البشرية، المادية، والمعنوية التي تتفاعل وتتساند في سبيل تحقيق أهدافها التي قامت من أجلها. ويضم المناخ الداخلي بالتالي ما يلي:
-       الأفراد [المورد البشري] بمختلف فئاتهم ونوعياتهم ومهاراتهم ومستوياتهم الوظيفية.
-       الأعمال [الوظائف] التي تؤدي بواسطة هؤلاء الأفراد على اختلاف درجاتهم من الأهمية والتعقيدات والتشابك.
-       المعدات والتجهيزات والموارد المادية [الأموال] التي يستعين بها الأفراد في أداء الوظائف.
-       النظم والإجراءات والأساليب المتبعة أو واجبة الاتباع لأداء الأعمال.
-       التقنية السائدة في المنظمة ومستوى التقدم التقني في أداء الأعمال.
-       المعلومات المتوفرة والمستخدمة في اتخاذ القرارات ومباشرة الأعمال المختلفة.
-       العلاقات الإنسانية بين أفراد المنظمة وما يميزها من إيجابيات [تعاون] أو سلبيات [التنازع والصراع].
-       العلاقات التنظيمية التي تحدد الأدوار والمهام والمسئوليات والصلاحيات لكل طرف من أطراف المنظمة كما يعبر عنها "الهيكل التنظيمي" [التنظيم الرسمي]، أو كما تعبر عنها العلاقات الفعلية القائمة بين الأطراف [التنظيم غير الرسمي].

ويجمع المناخ الداخلي بصفة عامة ما تتمتع به المنظمة من قدرات وإمكانيات توظفها في تحقيق أهدافها، كما يضم القيود والمحددات التي توضح القدرة الحقيقية أو الفعلية التي يمكن للمنظمة الاعتماد عليها فعلاً. وتتسم عناصر الإدارة، أي أن إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية تستطيع من خلال فعالياتها المختلفة التأثير في تلك العناصر سلباً وإيجاباً، وتستطيع توجيهها وإغراءها لتنفيذ ما يحقق للمنظمة أهدافها.
إن تحليل عناصر المناخ الداخلي يمثل عملاً مشتركاً تتعاون في سبيل إنجازه مختلف الإدارات بالمنظمة كل في اختصاصها وبحسب احتياجاتها. وفيما يلي نعرض أهم مجالات تحليل المناخ الداخلي التي تهتم بها إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية:
-       أهداف وغايات المنظمة ومدى النجاح في تحقيقها.
-       استراتيجيات المنظمة العامة والاستراتيجيات القطاعية والوظيفية لمختلف تقسيمات المنظمة [الإنتاج، التسويق التمويل، التطوير التقني، تطوير المنتجات...] ومتطلبات تفعيلها، ومدى نجاحها في التطبيق.
-       البناء التنظيمي للمنظمة وأسس توزيع المهام وتنسيق العلاقات التنظيمية، وهيكل الصلاحيات وسلطة اتخاذ القرارات، معايير الحكم على الكفاءة التنظيمية. وحيث يمثل الهيكل التنظيمي الإطار  الديناميكي الذي تباشر فيه الموارد البشرية فعالياتها، فإن التحليل الدقيق والمستمر لجوانب التنظيم المختلفة هو من أساسيات فعالية إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية في بلورة وتفعيل استراتيجيات الموارد البشرية.
-       تحليل الموارد البشرية متضمناً الهيكل الفعلي للموارد البشرية من حيث الأعداد والمؤهلات والخبرات ومستويات المهارة والكفاءة. كذلك تحليل التركيب العمري والنوعي للموارد البشرية، ومؤشرات الأداء الإنتاجية والسلوكية.
-       تحليل التقنيات المستخدمة ومتطلباتها من الموارد البشرية.
-       تحليل نظم وتدفقات المعلومات ودور المعلومات البشرية في تفعيلها واستثمارها بكفاءة في الأداء.
-       تحليل الثقافة التنظيمية التي تميز المنظمة عن غيرها وهي مجموع القيم والاتجاهات والمستوى المعرفي السائد في المنظمة، والتي تمثل جماع القرارات والسياسات والممارسات الإدارية، ونتيجة العلاقات الإنسانية والتنظيمية، وانعكاس خصائص وصفات البشر العاملين بها والمتعاملين معها. وتمثل ثقافة المنظمة عنصراً أساسياً في تحديد كفاءة الأداء وإنجاز الأهداف، فقد تكون عاملاً إيجابياً مساعداً ودافعاً إلى الإنجاز والتجويد في الأداء، وقد تكون عاملاً سلبياً معوقاً للأداء ومانعاً من التطوير والتحديث، لذا تهتم إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية بالتعرف الدقيق على مكوناتها والعوامل المؤثرة فيها بغرض استثمارها في التأثير على كفاءة الموارد البشرية وتفعيل خططها وبرامجها في هذا الخصوص.

ومن أهم السمات العامة لثقافة المنظمة التي تهتم بها إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية درجة الانفتاح الفكري التي تسود المنظمة، ومدى تقبل الأفكار الجديدة والتطورات التقنية المتجددة، وأسلوب إدراك التغيير، والقدرة على اكتشاف الفرص وتجنب المعوقات والمخاطر، ومدى تشجيع الابتكار والمبادأة بين أفراد المنظمة. كما تهتم بالتعرف على مدى شيوع الثقة والتعاون المشترك بين أفراد المنظمة.

وتتبلور نتائج تحليل المناخ الداخلي في التعرف على نقاط القوة ومصادر التميز في المنظمة، ونقاط الضعف ومصادر التخلف التي تعاني منها. وكذلك الترتيب النسبي لنقاط القوة والضعف، والأسباب والعوامل المسببة لهما. وبالتالي تستطيع إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية تخطيط وجدولة الإجراءات التصحيحية اللازمة لتأكيد استثمار نقاط القوة، وتلافي أسباب الضعف، وتحديد الأولويات السليمة للتدخل الإداري في هذه المناطق. كذلك يمكن لإدارة الموارد البشرية الاستراتيجية تقدير التكلفة المصاحبة لإجراءات العلاج الإدارية، والعائد المتوقع من هذه التكلفة. وفي جميع الأحوال تكون نتائج تحليل المناخ الداخلي مصدراً مهماً للمعلومات في بناء استراتيجيات الموارد البشرية وغيرها من الاستراتيجيات الوظيفية بالمنظمة.

3- تحديد التوجهات الاستراتيجية للموارد البشرية
إن الخطوة الثالثة في بناء استراتيجية الموارد البشرية هي تحديد التوجهات الرئيسية التي تسعى إليها المنظمة والإدارة العليا بها في مجالات الموارد البشرية. وتشير التوجهات الرئيسية إلى الملامح العريضة لممارسات إدارة الموارد البشرية التي تتماشى مع توجهات المنظمة ذاتها وتسهم بالتالية في تحقيق أهدافها الاستراتيجية. وتتعامل تلك التوجهات مع القضايا الرئيسية في شئون الموارد البشرية ومنها على سبيل المثال قضايا الاستقطاب والاختيار والمفاضلة بين المصادر الداخلية أو المصادر الخارجية للحصول على العناصر المطلوبة، أو قضية التنوع في الجنسيات ومدى قبول الإدارة للتنوع في جنسيات العاملين أو أصولهم الاجتماعية والثقافية، وقضية الأساس الجوهري في تعويض العاملين عن جهودهم وهل يكون في شكل رواتب ثابتة بغض النظر عن الإنجاز أم يحتسب على أساس الأداء والنتائج المحققة، وغير ذلك من القضايا الجوهرية. والمفهوم أن تحديد الوجهات الاستراتيجية يقع في نطاق اختصاص وصلاحية الإدارة العليا بالتشاور والتنسيق مع القيادات المسئولة في المنظمة، وآخذاً في الاعتبار الآراء الاستشارية لفريق إدارة الموارد البشرية ومن قد تستخدمهم المنظمة من المستشارين الخارجيين.

إن تحديد التوجهات الرئيسية لإدارة الموارد البشرية الاستراتيجية يساعد في بناء الاستراتيجية والخطط والبرامج التفصيلية في هذا المجال الحيوي، ويساعد في تحديد الأنشطة الرئيسية والمجالات الأساسية لمساهمات الموارد البشرية، ومن ثم تحديد نوعيات وأعداد الأفراد ومواصفاتهم الدقيقة المتناسبة مع متطلبات تلك الأنشطة. كما تتحدد بناء على استقراء التوجهات الاستراتيجية قضايا تتعلق بالاستثمار في تطوير نظم الموارد البشرية، ومدى الإقبال على بناء الطاقات التدريبية الذاتية للمنظمة، وحدود التمويل المتاح لتنفيذ برامج التطوير التقني لأداء وحدات إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية، وغير ذلك من التفصيلات المتصلة بجوانب عمل تلك الإدارة.

4- تحديد الأهداف الاستراتيجية في مجال الموارد البشرية
إن الأهداف هي النتائج النهائية للأنشطة المخططة في المنظمة، وبالتالي فإن الخطوة المنطقية التالية لتحديد التوجهات الاستراتيجية أن يتم تحديد الأهداف أي النتائج التي تريد الإدارة الوصول إليها في نهاية الأنشطة التي تشملها استراتيجيات وخطط الموارد البشرية. وينبغي أن تعبر الأهداف عن نتائج كمية يمكن قياسها حتى تكون مرشداً للعمل وهادياً للإدارة في اتخاذ قراراتها. كذلك ينبغي أن تكون هناك أهداف لكل مجال من مجالات إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية، بمعنى أن تحدد النتائج المستهدفة من كل نشاط تباشره إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية، كي تكون تلك الأهداف هي المعبر التي تتم في ضوءها متابعة التنفيذ وتقييم الإنجازات على المستوى التفصيلي.

5- صياغة وتكوين الاستراتيجيات
إن تكوين الاستراتيجية يعني بناء خطط طويلة الأجل وشاملة لمختلف مجالات الاهتمام في المنظمة بغرض استثمار الفرص المتاحة في المناخ والتعامل مع المخاطر الموجودة أو المحتملة، وكذا استغلال الموارد والإمكانيات [مصادر القوة] وتجنب [أو تحييد] مواطن الضعف في المنظمة. وتعتبر الاستراتيجية بمثابة الخطة العامة للمنظمة التي تحدد السبل والمداخل لتحقيق أهداف المنظمة، والاختيارات التي تم الاستقرار عليها بالنسبة للطرق البديلة التي يمكن أن توصل إلى تلك الأهداف. وعلى سبيل التحديد تحديد استراتيجية الموارد البشرية كيف تستخدم إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية ما لديها من إمكانيات، وبأي أسلوب، وفي أي توقيت حتى يتحقق عنها أعلى عائد ممكن.

6- تنفيذ الاستراتيجية
يتم تنفيذ الاستراتيجيات المختلفة من خلال ترجمتها في شكل خطط وبرامج وموازنات تعبر كل منها عن الأنشطة التي يجب تنفيذها، والموارد المخصصة لكل منها والتوقيت المحدد للأداء ومعايير الأداء المقبول. وتتفاوت الخطط والبرامج والموازنات من حيث المدى الزمني الذي تغطيه [طويل الأجل، متوسط الأجل، قصير الأجل]، ودرجة الشمول [مستوى المنظمة، فرع أو قطاع، وحدة أو وظيفة..]. كذلك فإن التنفيذ السليم للاستراتيجيات يعتمد على سلامة وكفاءة التنظيم الذي يعهد إليه بذلك. كما يحتاج الأمر إلى مراجعة وإعادة التنظيم لضمان الكفاءة، وسهولة التدفق للأنشطة، والعمليات تحقيقاً للاستراتيجية. وبالنسبة لاستراتيجية الموارد البشرية يكون التنفيذ مرتبطاً بدرجة المركزية أو اللامركزية في وظائف إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية ذاتها. فحيث تكون المركزية هي النمط السائد، تتولى الإدارة المركزية للموارد البشرية تنفيذ الاستراتيجية الموضوعة والإشراف على التزام القطاعات المختلفة في المنظمة بمراعاة ما تفرضه الاستراتيجية. أما في المنظمات التي تتبع النمط اللامركزي في إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية تكون كل وحدة من وحدات المنظمة مسئولة عن تنفيذ ما يخصها في استراتيجية الموارد البشرية.

7. متابعة تنفيذ وتقييم نتائج الاستراتيجية
إن الأساس في عملية المتابعة والتقييم هو إنتاج تدفق مستمر ومنتظم من المعلومات السليمة في توقيت مناسب يكشف عما يلي من عملية تنفيذ الاستراتيجية:
1-   الأداء الفعلي في مجالات الاستراتيجية المختلفة معبراً عنه بوحدات القياس المناسبة والمتفق عليها.
2-   مقارنة الأداء الفعلي بالمستويات المخططة [المستهدفة] للأداء وبيان الانحرافات بين الإنجاز والمخطط والبحث في أسبابه ومصادرها.
3-   وضع الحلول البديلة للوصول إلى مستوى التنفيذ المستهدف.

وتتم الرقابة على تنفيذ الاستراتيجية على مستوى الرقابة الاستراتيجية، للتأكد من سلامة التوجه الاستراتيجي لإدارة الموارد البشرية الاستراتيجية. وكذلك على مستوى الرقابة التكتيكية، للتأكد من تطبيق الخطة الاستراتيجية وتنفيذ البرامج متوسطة المدى. وأخيراً تكون الرقابة على مستوى العمليات لمتابعة الأنشطة التفصيلية على المستوى التنفيذي المباشر قصير المدى.

خطوات بناء الاستراتيجية
إن بناء استراتيجية التنمية البشرية لا يبدأ من فراغ، وإنما يعتمد في الأساس على أمرين أساسيين، الرصد الواقعي والتحليل العلمي لمستوى التنمية البشرية السائد [أي تحليل تكوين وخصائص المورد البشري الحالي، والتعرف على مدى مناسبته وتوافقه مع متطلبات التنمية الوطنية الشاملة]، وتحديد التكوين الأمثل للموارد البشرية الذي يتوافق مع أهداف ومستويات التنمية الوطنية الشاملة المستهدفة [أي تحديد هيكل الموارد البشرية المرغوب عددياً ونوعياً]. وبناء على المقارنة الموضوعية بين المستويين [المستوى الفعلي للموارد البشرية] و[المستوى المستهدف] تتحدد الفجوة الواجب العمل على علاجها من خلال السياسات والبرامج والآليات المؤثرة على الحالة البشرية.
وفي ضوء المنهج الاستراتيجي المقترح، يمكن عرض مكونات استراتيجية التنمية البشرية على النحو التالي:
-       الهدف الاستراتيجي هو إحداث تغييرات هيكلية في التكوين السكاني وصولاً إلى التكوين السكاني وصولاً إلى التكوين الأمثل المتوافق مع متطلبات مستوى معين من النمو الاقتصادي والاجتماعي.
-       يترجم هذا الهدف الاستراتيجي إلى هدف تكتيكي هو العمل على الوصول بالكفاءة الإنتاجية للتكوين السكاني إلى أقصى حد ممكن في إطار تصور واضح للطاقات الإنتاجية المتاحة وللتطورات المحتملة فيها.
-       اعتماداً على فهم معين للكفاءة الإنتاجية مؤداه أنها مقياس الناتج بالنسبة إلى المورد المستخدم في الإنتاج، فإن الكفاءة الإنتاجية للتكوين السكاني تقاس بقسمة الناتج المحلي الإجمالي على عدد السكان، وبالتالي فإن الاستراتيجيات المطروحة للبحث من أجل زيادة القيمة النهائية لهذه الثروة البشرية هي التالية:
1.   العمل على تخفيض عدد السكان مع ثبات الناتج القومي الإجمالي.
2.   العمل على زيادة الناتج القومي الإجمالي مع ثبات عدد السكان.
3.   العمل على تخفيض عدد السكان بنسبة أعلى من الانخفاض المحتمل في الناتج القومي الإجمالي.
4.   السماح بزيادة عدد السكان مع زيادة الناتج القومي الإجمالي بنسبة أعلى.


ويلاحظ أن البناء الاستراتيجي المقترح للسكان يتكامل مع استراتيجيات أخرى لابد من وجودها تستهدف رفع الكفاءة الإنتاجية لعناصر الإنتاج الأخرى وهي رأس المال وعناصر الطبيعة [المواد] كما تستهدف تحسين وتطوير الكفاءة الإدارية وتطوير وترشيد أساليبها وقراراتها.

الاستراتيجيات المقترحة
استراتيجية التنمية البشرية بعيدة المدى:
وتستهدف تحقيق النتائج الآتية:
-       تغيير التركيب النفسي للسكان.
-       تغيير التركيب الوظيفي للسكان.
-       تغيير التركيب الثقافي للسكان.
-       تغيير التركيب المهني للسكان.
-       تغيير تركيب المهارات للسكان.
وبصفة أساسية فإن الاستراتيجية بعيدة المدى ترمي إلى إحداث تغيير هيكلي جذري في خصائص وهيكل التكوين السكاني للمجتمع، تنعكس في المدى الطويل على الكفاءة الإنتاجية ومعدلات التنمية الاقتصادية، ومن ثم تحقق في النهاية التكوين الأمثل للسكان [العدد الأمثل والخصائص المثلى].

وتصل الاستراتيجية السكانية بعيدة المدى إلى تحقيق أهدافها من خلال سياسات وبرامج وأساليب تتعلق بالعمل على تحقيق ما يلي:
-       توفير مناخ الديمقراطية والحرية السياسية.
-       تغيير هيكل التعليم العام والمتخصص والعالي.
-       تغيير هيكل التنظيم الاجتماعي وتطوير النظم الاجتماعية السائدة من خلال تعديل هيكل التنظيم الاقتصادي، وإعادة توجيه علاقات الإنتاج في المجتمع بما يسمح بتدفق في الاستثمارات من ناحية، وتوازن في توزيع الدخول من ناحية أخرى.
-       تغيير النظم الثقافية وتطوير أساليب العمل في مؤسسات التثقيف والإعلام العامة.
-       تطوير البيئة السكانية من خلال إعادة البناء المادي للمناطق السكنية المتخلفة والعشوائية، وخلق فرص النمو الاجتماعي وترشيد العلاقات الاجتماعية بها.
-       إعادة صياغة المفاهيم والعقائد والقيم الحضارية السائدة في المجتمع بالتعليم والتثقيف والتنظيم الاقتصادي الجديد.

استراتيجية التنمية البشرية متوسطة المدى:
تستهدف هذه الاستراتيجية إلى إحداث تحول مرحلي في تركيب القوة العاملة من بين السكان وزيادة مستوى الكفاءة الإنتاجية للمشتغلين، وذلك كهدف مرحلي يتكامل في المدى البعيد مع أهداف تغيير هيكل التكوين السكاني كله.

وتتجه هذه الاستراتيجية في الأساس إلى تحقيق ما يلي:
-       خلق مجالات للعمل الإنتاجي لإعداد العاملين المبددة طاقاتهم حالياً في أعمال غير إنتاجية.
-       تحويل العمالة من الصناعات الأقل إنتاجية إلى الصناعات الأكثر إنتاجية [في ضوء الطلب وظروف السوق].
-       زيادة نسبة القوى العاملة إلى إجمالي السكان [بالعمل مثلاً على الاستفادة من النساء غير المشتغلات والأطفال حتى سن معينة] وتوجيه القوة العاملة الجديدة إلى الأعمال التي لا تتطلب قدراً كبيراً من المهارة أو الخبرة.
-       زيادة فعالية القوى العاملة الأساسية في الصناعات ذات الإنتاجية العالية من خلال التدريب المنظم والمستمر.
-       تغيير أنماط السلوك الإنتاجي للقوى العاملة بالعمل على تقليل مسببات ضعف الإنتاجية [الغياب، التمارض، الإسراف الموارد، عدم الدقة في التشغيل] وذلك بالتدريب من ناحية، وباستخدام نظم الحوافز الإيجابية والسلبية من ناحية أخرى.
-       تحسين المستوى العام للكفاءة الإنتاجية للقوى العاملة من خلال:
1.   التخطيط العلمي للقوى العاملة وتحديد الاحتياجات الدقيقة والنوعيات السليمة المطلوبة للعمل.
2.   التصميم العلمي للعمل ووضع المعدلات القياسية وتصميم طرق وأساليب العمل.
3.   الاختيار العلمي الموضوعي للأفراد ذوي المواصفات المناسبة للعمل، وتدريبهم على طرق وأساليب الأداء الموضوعية.
4.   الإشراف العلمي على العاملين وتوفير التوجيه والإرشاد اللازمين.

-       العمل على إعادة تكوين وتدريب النوعيات والأعداد الفائضة من القوى العاملة عن احتياجات الجهاز الإنتاجي بالدولة، من أجل استثمار طاقاتهم وخبراتهم في مجالات العمل المتاحة بالدول الأخرى التي تعاني قصوراً في مواردها البشرية.

استراتيجية التنمية البشرية قصيرة المدى:
وتتركز أهدافها على محاولة إحداث تغيير سريع وملموس في مدى الضغط السكاني على الطاقات الإنتاجية من ناحية، والعمل على زيادة المساهمات الإنتاجية للسكان بشكل عام وتتبلور فيما يلي:
-       إعادة توزيع القوى العاملة بين قطاعات الاقتصاد القومي المختلفة، تحقيقاً للتوازن بين العمالة وبين طاقات الإنتاج الأخرى.
-       تسريح جانب من القوى العاملة ذات الكفاءة الإنتاجية المتدنية والتي تمثل عبئاً على العملية الإنتاجية بما يساعد على رفع الإنتاجية وترشيد الإنفاق.
-       تنظيم برامج عاجلة لتحسين المستوى الصحي لأفراد العاملين في مواقع الإنتاج الواعدة بالزيادة [الزراعة، الصناعات التصديرية...].
-       تنظيم برامج عاجلة للإرشاد وإعادة التأهيل الوظيفي.
-       تنظيم فرص وبرامج التعليم المستمر وأنماط التعليم المفتوح الهادفة إلى رفع المستوى التعليمي لأفراد المجتمع من العاملين وغيرهم.
-       تنظيم برامج لإعادة توزيع السكان بين المناطق المختلفة للتخفيف عن المناطق كثيفة السكان، وتوفير المورد البشري اللازم لتنمية المناطق قليلة الكثافة السكانية.
-       تنظيم برامج عاجلة لإصلاح البنية والتخفيف من مشكلة العشوائيات.

ربنا يوفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق