السبت، 14 ديسمبر 2013

إدارة الأزمات فى الشركات

إن براعة المدير تظهر في أشياء كثيرة من بينها إدارة الأزمة، وقبل إدارة الشركة والمؤسسة تأتي إدارة الذات، كيف تدار الأزمات، سؤال يشغل الكثير من المديرين وكلما كانت الإجابة أوضح كلما كانت الكفاءة في الإدارة أعلى.

جدير بنا أن نقرأ حول إدارة الأزمات، وهي جزء من وقاعنا وحياتنا؛ حتى نقلل ما استطعنا من آثارها السلبية ونستفيد من آثارها الإجابية.

الأزمة ما هي؟
يعرف قاموس رندام الأزمة بأنها:" ظرف انتقالي يتسم بعدم التوازن ويمثل نقطة تحول تحدد في ضوئها أحداث المستقبل التي تؤدي إلى تغيير كبير

كما يعرفها فليبس بأنها: (حالة طارئة أو حدث مفاجئ يؤدي إلى الإخلال بالنظام المتبع في المنظمة، مما يضعف المركز التنافسي لها ويتطلب منها تحركاً سريعاًً واهتماماً فورياً، وبذلك يمكن تصنيف أي حدث بأنه أزمة اعتمادا على درجة الخلل الذي يتركه هذا الحدث في سير العمل الاعتيادي للمنظمة) [نورمان فيليبس، خطة الخروج من الأزمة].

وقبل الغوص في أعماق إدارة الأزمات وبيان خصائصها وخلافه، نوضح فارقًا هامًا بين مصطلحين يتعلق بهما موضوع المقال، وهما: إدارة الأزمات، والإدارة بالأزمات.

إدارة الأزمات أم الإدارة بالأزمات؟
 (ثمة فرق بين هذين المصطلحين يمكن توضيحه عبر التعريف بهما، وذلك كما يلي:
فإدارة الأزمات Crisis Management بعبارة يسيرة هي: معالجة الأزمة على نحو يمكن من تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف المنشودة والنتائج الجيدة.

من يدير الأزمة: مدير أم فريق الأزمة؟
والأزمة يجب ألا تدار فقط مــن خلال المدير الخــارق "السوبرمـــان"، وإنما من خلال فريق خاص Task Force يُختار أعضاؤه بعناية فائقة، ليتم بعد ذلك تدريبهم ورفع مستوياتهم وإكسابهم المهارات اللازمة لإدارة الأزمة.

من هو مدير الأزمة الفعال؟
ومع ضرورة إدارة الأزمة من خلال فريق متكامل، إلا أن مدير الأزمة بذاته يكتسب أهمية خاصة، ويلزم اتصافه بصفات معينة من أهمها أنه ينبغي أن يكون:
1- قوي الإيمان بقضية الأزمة، شديد التحمل، ماضي الإرادة.
2- يمتلك القدرة على التفكير الإبداعي.

3- يتسم بالمهارات القيادية في إدارة فريق الأزمة، وفي الاتصال مع كافة الأطراف ذات الصلة بالأزمة بما في ذلك الطرف الآخر "أو الخصم".

أما الإدارة بالأزمات فمصطلح يشير إلى: "افتعال أزمة من أجل تحقيق هدف معين".

ومن هذين التعريفين ندرك أنه في "الأزمات المفتعلة" يستخدم مفتعل الأزمة "الإدارة بالأزمات" في حين أن الطرف الآخر يلجأ إلى "إدارة الأزمات"، وهذا لا يعني أن جميع الأزمات مفتعلة من قبل أحد أطراف الأزمة؛ بل قد تكون الأزمة حدثت من جراء عوامل خارجة عن سيطرة ونطاق طرفي الأزمة، ومن ثم يلجأ كلاهما إلى "إدارة الأزمات")

خصائص إدارة الأزمات
إن بداية التعامل المهم مع الموقف الذي يهدد المؤسسة واعتباره أزمة بالفعل، ينبغي قبله أن يتوقف المدير ليتأكد من توافر خصائص الأزمات فيه، وقد تحدث الكثير من المختصين حول خصائص الأزمات، ولعل هذه النقاط عرضًا سريعًا لأهم وأبرز خصائص الأزمة:
 (نقطة تحول تتزايد فيها الحاجة إلى الفعل المتزايد ورد الفعل المتزايد لمواجهة الظروف الطارئة.
تتميز بدرجة عالية من الشك في القرارات المطروحة.
يصعب فيها التحكم في الأحداث.
تسود فيه ظروف عدم التأكد ونقص المعلومات ومديرو الأزمة يعملون في جو من الريبة والشك والغموض وعدم وضوح الرؤية.
ضغط الوقت والحاجة إلى اتخاذ قرارات صائبة وسريعة، مع عدم وجود احتمال للخطأ لعدم وجود الوقت لإصلاح هذا الخطأ.
التهديد الشديد للمصالح والأهداف، مثل انهيار الكيان الإداري أو سمعة وكرامة متخذ القرار.
المفاجأة والسرعة التي تحدث بها، ومع ذلك قد تحدث رغم عدم وجود عنصر المفاجأة.
التداخل والتعدد في الأسباب والعوامل والعناصر والقوى المؤيدة والمعارضة، والمهتمة وغير المهتمة... واتساع جبهة المواجهة.

سيادة حالة من الخوف والهلع قد تصل إلى حد الرعب وتقييد التفكير

مراحل التطور والنمو
إن الأزمات تمر بدورة حياة، كما هو الكائن الحي، وكلما كان المدير ومتخذ القرار محيط بها وعلى دراية كاملة بها؛ كلما مكنه ذلك من حسن التعامل معها وإدارتها على الوجه الأمثل.
إذ أن سرعة التنبه والإحاطة بالأزمة مع بداية ظهورها أو بداية تكون عواملها، يمنح فرصة أكبر بكثير لعلاجها والتعامل معها والتقليل من الآثار السلبية التي تنتبج عنها.

إن هذه المراحل هي:-

مرحلة الميلاد:
إن انطلاق مرحلة الميلاد وليد الشعور والإحساس بوجود شيء ما ينذر بخطر ولكنه غير محدد المعالم أو الاتجاه أو المدى الذي سيصل إليه في المستقبل، وفي معظم الأحيان لا تولد الأزمة من فراغ ولكن تكون نتيجة مشكلة لم تحل بعد.
وهنا تأتي بصيرة المدير لتلعب دورًا مهمًا حيث تنفذ إلى ولادة الأزمة، وبخبرته وبصيرته يبدأ خطواته السريعة المبكرة للتعامل معها في مهدها، ويكون محور التحرك هو "تنفيس الأزمة" وإفقادها مرتكزات النمو، ومن ثم تجميدها أو القضاء عليها في هذه المرحلة دون أن تحقق أي خسارة أو دون أن تصل حدتها إلى درجة الصدام العنيف.

وتكون عملية التنفيس في محورها العام هي:
خلق محور اهتمام جديد يغطي على الاهتمام بالأزمة، ويحولها إلى شيء ثانوي لا قيمة له.
معرفة أين تكمن عواملها والتعامل معها بالعلاج الناجح للقضاء على أسباب التوتر الذي انشأ الأزمة.
امتصاص قوة الدفع المحركة للأزمة وتشتيت جهودها في نواح أخرى.

مرحلة النمو والاتساع: 

وتنشأ نتيجة لعدم معالجة المرحلة الأولى – الميلاد – في الوقت المناسب، حيث تأخذ الأزمة في النمو والاتساع من خلال نوعين من المحفزات هما :
مغذيات ومحفزات ذاتية مستمدة من ذات الأزمة تكونت معها في مرحلة الميلاد.
مغذيات ومحفزات خارجية استقطبتها الأزمة وتفاعلت معها وبها، وأضافت إليها قوة دفع جديدة، وقدرة على النمو والاتساع.
وفي تلك المرحلة يتعاظم الإحساس بالأزمة ولا يستطيع متخذ القرار أن ينكر وجودها أو يتجاهلها نظراً لوجود ضغط مباشر يزداد ثقله يوماً بعد يوم، فضلاً عن دخول أطراف جديدة إلى مجال الإحساس بالأزمة سواءً لان خطرها امتد إليهم أو لخوفهم من نتائجها أو من أن خطرها سوف يصل إليهم.
وفي هذه المرحلة يكون على متخذ القرار التدخل من أجل إفقاد الأزمة روافدها المحفزة والمقوية لها على النحو التالي:
تحييد وعزل العناصر الخارجية المدعمة للأزمة، سواءً باستقطابها، أو خلق تعارض مصالح بينها وبين استفحال الأزمة.
تجميد نمو الأزمة بإيقافها عند المستوى الذي وصلت إليه وعدم السماح بتطورها، وذلك عن طريق استقطاب عوامل النمو الذاتي التي حركت الأزمة.

مرحلة النضج:
تعد من أخطر مراحل الأزمة، ومن النادر أن تصل الأزمة إلى مثل هذه المرحلة، وتحدث عندما يكون متخذ القرار الإداري على درجة كبيرة من الجهل والتخلف والاستبداد برأيه وانغلاقه على ذاته أو إحاطة هذه الذات بالقدسية والتأليه، وبحاشية من المنافقين الذين يكيلون له المديح ويصورون له أخطاءه حسنات.. وبذلك تصل الأزمة إلى أقصى قوتها وعنفها، وتصبح السيطرة عليها مستحيلة ولا مفر من الصدام العنيف معها. وهنا قد تكون الأزمة بالغة  الشدة ، شديدة القوة تطيح بمتخذ القرار وبالمؤسسة أو المشروع الذي يعمل فيه، أو أن يكون متخذ القرار قد استطاع بدهاء تحويل اتجاه الأزمة إلى كبش فداء، وهمي، تتفتت الأزمة عنده، وتنتهي باستقطاب عناصر القوة فيها والسيطرة عليهم بشكل أو بآخر.

مرحلة الانحسار والتقلص:
تبدأ الأزمة بالانحسار والتقلص نتيجة للصدام العنيف الذي تم اتخاذه والذي يفقدها جزءاً هاماً من قوتها.
على أن هناك بعض الأزمات تتجدد لها قوة دفع أخرى، عندما يفشل الصدام في تحقيق أهدافه وتصبح الأزمات في هذه الحالة كأمواج البحر، موجة تندفع وراء موجة.

مرحلة الاختفاء:
وتصل الأزمة إلى هذه المرحلة عندما تفقد بشكل شبه كامل قوة الدفع المولدة لها أو لعناصرها حيث تتلاشى مظاهرها وينتهي الاهتمام بها والحديث عنها، إلا أنه من الضرورة الاستفادة من الدروس المستفادة منها لتلافي ما قد يحدث مستقبلا من سلبيات.

والحقيقة أن الانحسار للأزمة يكون دافعاً للكيان الذي حدثت فيه لإعادة البناء وليس لإعادة التكيف، فالتكيف يصبح أمراً مرفوضاً وغير مقبول لأنه سيبقى على آثار ونتائج الأزمة بعد انحسارها، أما إعادة البناء فيتصل أساساً بعلاج هذه الآثار والنتائج ومن ثم استعادة فاعلية الكيان وأدائه وإكسابه مناعة أو خبرة في التعامل مع أسباب ونتائج هذا النوع من الأزمات.

ربنا يوفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق