الأحد، 14 يناير 2018

كيف يعمل المدخل التحويلي ؟

يعد المدخل التحويلي للقيادة منظوراً يقوم على أساس عريض يشتمل على العديد من الأوجه والأبعاد لعملية القيادة. وبصفة عامة، يصف المدخل التحويلي كيف يمكن للقادة القيام بتطوير وتنفيذ التغييرات المهمة في المنظمات. وعلى الرغم من أن الخطوات التي يتبعها القادة التحويليون ليست محددة إلا أتنها تتخذ عادة الشكل التالي:
يقوم القادة التحويليون بمساعدة الأتباع وتمكينهم من إحداث التغيير،وهم يحاولون الرفع من الوعي لدى الأفراد، وجعلهم يتعدون اهتماماتهم الخاصة لصالح الآخرين.
ولكي يُحدث القادة التحويليون التغيير فإنهم يصبحون نماذج قوية بالنسبة لأتباعهم، فهم يملكون منظومة متطورة من القيم الأخلاقية وشعوراً راسخاً بالهوية، وواثقون بأنفسهم وأكفاء ومتحدثون بليغون ويعبرون عن مُثل قوية، ويصغون إلى تابعيهم ويتسامحون مع وجهات النظر المعارضة. ونتيجة لذلك غالباً ما تنمو روح التعاون بين القادة التحويليين وتابعيهم، ويرغب الأتباع في تقليدهم لأنهم يتعلمون أن يثقوا فيهم ويؤمنوا بالأفكار التي ينادون فيها.
ومن الشائع بالنسبة للقادة التحويليين أن يكونوا رؤية مستقبلية. وتظهر الرؤية المستقبلية من مختلف الأفراد والوحدات داخل المنظمة. والرؤية المستقبلية هي النقطة المحورية للقيادة التحويلية. فهي تمنح القائد والمنظمة خارطة نظرية توضح الاتجاه الذي تسير نحوه قيادة المنظمة؛ وتمنح هوية المنظمة المعنى وتوضحها. وعلاوة على ذلك، فإن الرؤية المستقبلية تعطي الأتباع إحساساً بالهوية داخل المنظمة، وشعوراً كذلك بالفعالية الذاتية.
ويتصرف القادة التحويليون كأدوات للتغيير، فهم الذين يبدؤونه ويقومون بتنفيذه داخل المنظمات، ويستمعون إلى وجهات النظر المعارضة داخل المنظمة، وإلى التهديدات التي ربما تنشأ خارج المنظمة، وأحياناً يولد القادة أنفسهم عدم الاستقرار من خلال تشجيع التعبير عن وجهات النظر أو القضايا المتعارضة، ومن خلال حالة عدم التأكد، يقوم القادة التحويليون بإحداث التغيير.
ويتطلب المدخل التحويلي أيضاً أن يصبح القادة مهندسين اجتماعيين. وهذا معناه أنهم يقومون بتوضيح القيم والأعراف الناشئة في المنظمة، وينخرطون في ثقافتها ويساعدون في تشكيل معناها. والناس بحاجة إلى معرفة أدوارهم وإلى أن يفهموا كيف يكونون مساهمين في الأهداف الكبرى للمنظمة. ويأتي القادة التحويليون في المقدمة في تفسير وتشكيل المعاني المشتركة التي توجد داخل المنظمات.

نقاط القوة
للمنهج التحويلي في مرحلة تطوره الحالية العديد من نقاط القوة، منها:
أولاً: لقد تم بحث القيادة التحويلية على نطاق واسع ومن جوانب عديدة، من بينها سلسلة من الدراسات الكيفية لقادة بارزين وقدامى المديرين بصفة عامة، ومنظمات مشهورة. كما أن القيادة التحويلية كانت هي النقطة المحورية لمجموعة كبيرة من البحوث في القيادة.
ثانياً: إن للقيادة التحويلية جاذبية بدهية، فهي تصف كيف يكون القائد“ في المقدمة“ مدافعاً عن التغيير بالنسبة للآخرين؛ ويتلاءم هذا المفهوم مع الفهم السائد بالمجتمع حول معنى القيادة. والناس ينجذبون إلى القيادة التحويلية لأن لها معنى بالنسبة لهم. وهي تناشد القائد بأن يقدم رؤية للمستقبل.
ثالثاً: تتعامل القيادة التحويلية مع القيادة على أنها عملية تحدث بين الأتباع والقادة. ولأن هذه العملية تجمع بين حاجات كل من الأتباع والقادة، فإن القيادة ليست تماماً مسؤولية القائد، ولكنها تنشأ عن التفاعل بين القادة والأتباع. حاجات الآخرين تعد رئيسية بالنسبة للقائد التحويلي. ونتيجة لذلك فالأتباع يحصلون على موقع ثابت في عملية القيادة لأن صفات الأتباع تعد أمراً أساسياً في نشوء العملية التحويلية.
رابعاً: يقدم المدخل التحويلي رؤية واسعة للقيادة تساند النماذج القيادية الأخرى. والعديد من نماذج القيادة تركز في الأساس على كيفية تبادل القادة المكافآت مقابل إنجاز الأهداف. أي أن العملية التبادلية. ويوفر المدخل التحويلي صورة مكبرة للقيادة تشتمل ليس فقط على تبادل المكافآت، وإنما تشمل على اهتمام القادة بحاجات الأتباع وتطورهم.
خامساً: القيادة التحويلية تؤكد بشكل قوي حاجات الأتباع وقيمهم وأخلاقهم. إن القيادة التحويلية تشتمل على محاولات يقوم بها القادة بنقل الأفراد إلى معايير أعلى من المسؤولية الأخلاقية، ويشمل ذلك على تحفيز الأتباع على عدم تغليب مصالحهم الذاتية على مصلحة الفريق، أو المنظمة أو المجتمع. وهذا التركيز لمدخل القيادة التحويلية يعني أنها“ إعلاء للأخلاق“. لذلك فإن مدخل القيادة التحويلية يختلف عن مداخل القيادة الأخرى بأنه يتضمن بُعداً أخلاقياً رئيساً، ومن خلال التأكيد على هذا الجانب، فإن الاستخدام القسري للقوة من قبل أفراد مثل هتلر وجيم جونز وديفيد كورش يمكن استبعادها من نماذج القيادة.

نقاط الضعف
كما أن للقيادة التحويلية العديد من نقاط القوة، لها أيضاً نقاط ضعف، إحدى هذه النقاط هو أنها تفتقر إلى الوضوح في المفهوم، ولأنها تغطي مداً واسعاً، يشتمل على رؤية مستقبلية، وتدعو للتحفيز والتغيير وبناء الثقة، فإنه من الصعوبة أن نحدد بوضوح حدود القيادة التحويلية. وبصفة خاصة، فإن البحث الذي قام به تراسي وهنكن قد أظهر وجود تداخل جوهري بين العناصر الأربعة( التأثير المثالي، والحفز الذهني، والدافعية الإلهامية، والاهتمام الفردي)، بما يوحي بأن هذه الأبعاد ليست محددة بدقة. وعلاوة على ذلك، فإن حدود القيادة التحويلية غالباً ما تتداخل مع الطروحات المشابهة في القيادة. وعلى سبيل المثال يبين برايان أن القيادة التحويلية والكاريزمية غالباً ما يتم التعامل معها على أنها مترادفات، على الرغم من أن الكاريزما في بعض نماذج القيادة تعتبر مجرد مكون واحد للقيادة التحويلية. وبالمثل، فلقدوجد تراسي وهنكن أن القيادة التحويلية تتداخل مع الممارسات الإدارية الوسطى مثل: التوضيح والتحفيز وبناء الفريق.
وهناك صعوبة أخرى مع القيادة التحويلية تتمثل في أنه غالباً ما يتم تفسيرها على نحو مبسط بأنها مدخل“ إما . . . أو“، وليس على أنها مسألة نسبية. وهناك ميل إلى الفشل في رؤية القيادة التحويلية على أنها تحدث في تسلسل يتضمن مكونات عديدة للقيادة.
والنقد الثالث الذي تم طرحه هو أن القيادة التحويلية تنظر إلى القيادة على أنها سمات شخصية، وليس على أنها سلوك يتم تعليمه للناس. وإذا كانت القيادة سمات، فإن تدريب الناس على هذا المدخل يصبح أكثر تعقيداً لأنه من الصعب تعليم الناس كيفية تغيير سماتهم. وعلى الرغم من أن علماء عديدين من بينهم فيبر وهاوس وباس يؤكدون أن القيادة التحويلية تركز على السلوكيات القيادية، مثل: كيف يشارك القادة الأتباع؟ إلا أن هناك ميلاً للنظر إلى المدخل من خلال منظور السمات. وربما تزداد هذه المشكلة سوءاً لأن كلمة“ تحويلي“ تخلق صوراً لشخص واحد يكون العنصر الأكثر فعالية في عملية القيادة. وعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من أن“ إيجاد رؤية“ يتطلب مشاركة الأتباع، إلا أن هناك ميلاً للنظر إلى القادة التحويليين على أنهم أفراداً يملكون خصائص خاصة“ تحول“ الآخرين. وهذه النظرة تؤكد السمات الخاصة للقيادة التحويلية.
والنقد الرابع الذي تم طرحه هو أن القيادة التحويلية نخبوية وغير ديمقراطية. فالقادة التحويليون غالباً ما يقومون بدور مباشر في بدء التغيير، وتكوين الرؤية، والدفاع عن التوجهات الجديدة. وهذا يعطي انطباعاً قوياً بأن القائد يتصرف بصورة مستقلة عن الأتباع أو يضع نفسه فوق حاجات الأتباع. وعلى الرغم من أن نقد النخبة قد دحضه باس وأفوليو اللذان أقرا بأن القادة التحويليين يمكن أن يكونوا موجّهين ومشاركين وديمقراطيين وسلطويين، إلا أن جوهر النقد يثير أسئلة مشروعة حول القيادة التحويلية.
وثمة نقد آخر وهو أن القيادة التحويلية تستند أساساً إلى البيانات النوعية التي يتم تجميعها من قادة كانوا يشغلون مناصب قيادية في منظماتهم، ويبين برايان أن البيانات تنطبق على قيادة المنظمات ولكنها لا تنطبق بالضرورة على القيادة“ في“ المنظمات. ولقد بدأ باس والأعضاء المشاركون في الحصول على نتائج دراسات كمية عن القادة في جميع المستويات الإدارية للتأكد من فروض القيادة التحويلية. ولكن إلى أن يتم جمع المزيد من البيانات تظل الأسئلة حول كيفية تطبيق القيادة التحويلية للقادة في المستويات الدنيا معلقة.
والنقد الأخير للقيادة التحويلية هو أنها مرشحة بأن يتم إساءة استغلالها؛ فهي إنما تُعنى بتغيير قيم الناس ونقلهم إلى رؤية جديدة؛ ولكن، من الذي يحدد ما إذا كانت الاتجاهات الجديدة جيدة ومؤكدة؟ ومن الذي يقرر أن الرؤية الجديدة هي الرؤية الأفضل؟ وإذا لم تكن القيم التي يحرك القائد أتباعه نحوها هي الأفضل، وإذا لم تكن مجموعة القيم الإنسانية هي الأكثر إفادة، فإنه يجب أن يتم تحدي القيادة. إن الطبيعة الكاريزمية للقيادة التحويلية تمثل مخاطر كبيرة بالنسبة للمنظمات لأنه من الممكن استخدامها من أجل أهداف تدميرية. والتاريخ مليء بأمثلة لأفراد كاريزماتيين استخدموا القوة القسرية لقيادة الناس لتحقيق غايات شريرة. ولهذا السبب، فإن القيادة التحويلية تضع عبئاً على الأفراد والمنظمات لإدراك التأثير الذي يمارس عليهم، وفي أي اتجاه يتم توجيههم.

استشارات موارد بشرية وتدريب
https://hrandtraining.blogspot.com.eg/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق