السبت، 17 فبراير 2018

مساهمات الفكر الاداري في التطوير التنظيمي



بدا اهتمام الدارسين بمشكلات التطوير التنظيمي منذ بدايه نشوء المجتمعات الانسانيه الاولى ومواجهتها للعديد من المشكلات الاداريه والتنظيميه المختلفه , مما ادى ذلك الاهتمام الى ظهور محاولات كثيره ترمي الى ايجاد حلول لهذه المشكلات بهدف زياده الانتاجيه. وهنا لابد من الاشاره الى كل من اصحاب الفكر الاداري التقليدي والسلوكي , حيث شهدت اوروبا والولايات المتحده في منتصف القرن التاسع عشر زياده في حجم النمو الاقتصادي ادت الى ظهور المؤسسات والمنظمات الاداريه الكبيره , التى صاحبتها محاولات جديده هدفت الى التخفيف من حده المشكلات التى تواجهها الاداره, فكان لابد من الاداره من استخدام ثلاثه مبادئ اداريه تنظيميه وهي : التنظيم وتقييم العمل , والاتصالات , والمعلومات .
كما شهدت اواخر القرن التاسع عشر نشاطا فكريا ساهم في ارساء قواعد علميه راسخه على ايدي مجموعه من الرواد كان ابرزهم (هنري تاون) الذي قدم مساهمات كثيره في مجال الاداره, كالمطالبه بضروره العمل على تبادل المعلومات بين الاداره والعاملين وبين رجال الاعمال انفسهم. وضروره حساب تكاليف الانتاج لكل عنصر من عناصره. وقد سعت هذه المحاوله وغيرها من المحاولات الى بلوره مفهوم الفكر الاداري وتطويره في القرن العشرين.
والجدير بالذكر ان الابحاث والدراسات لم تتوصل الى بدايه واضحه لمفهوم التطوير التنظيمي , وبالرغم من امكانيه النظر الى هذا المفهوم كتكريس للمدارس السلوكيه, الا ان ذلك لايعني عدم ظهور بوادر في هذا الاتجاه قبل هذه المدارس, ففي ظل المدرسه التقليديه ,(نظريه الاداره العلميه) انصب التركيز في التطوير التنظيمي على جهه واحده هي الانتاجيه دون اعطاء اهميه لمفهوم البعد الانساني .
ولكن ذلك لم يكن مقصودا, لان لكل مرحله ظروفها الخاصه بها وبيئتها المختلفه . وقد استمرت جهود هذه المدرسه بالتركيز على الانتاجيه كأحد عناصر التطوير التنظيمي الى ان ادخلت متغيرات جديده ادت الى احداث تغيير في الفكر الاداري الذي كان مسيطرا في تلك المرحله , وتمثلت في التركيز على الجانب الانساني واهميته في العمليات الانتاجيه, وتضمنت هذه المرحله محاولات عديده منها تجارب (هوثورن) التي تناولت العمل الجماعي. وقد اثبتت هذه المحاولات الجديده ان الاهتمام بالعنصر الانساني سلبا ام ايجابيا يؤدي الى زياده الانتاجيه , وبالتالي فان التطوير التنظيمي ماهو الا تكريس لهذا المفهوم .
ثم تواصلت الجهود في البحث والدراسه فكان هناك ليكرت عام 1961م وهيرزبيرج عام 1966م ثم ماسلو عام 1970م . واظهرت كل هذه المحاولات اهميه العنصر الانساني في التطوير التنظيمي من خلال السعي الى تحقيق اهدافها في احداث تغيير في سلوك المنظمات الاداريه وكذلك الافراد وكنتيجه لجهودها كان لمساهمات التدريب المعملي في المنظمات الصناعيه واسلوب التغذيه الراجعه الاثر الاكبر في بلوره المفهوم السابق من حيث اهميه العنصر الانساني في التطوير, ولاننسى مساهمات النظريه الاداريه والبيروقراطيه في محاوله ايجاد تنظيم اداري مثالي يقوم على اساس تقييم العمل الاداري والمكتبي وكيفيه تأثير ذلك على المهام والسلوك, حيث ركزت هذه المرحله على ضروره تقسيم العمل وفقا للوائح والتعليمات دون اعطاء أي اعتبار للجوانب او العوامل الشخصيه, فقد كانت نظريه الاداره تحاول ايجاد مبادئ يستطيع الاداري من خلالها وضع هيكل رسمي يساعد على تسهيل القيام بالمهام والواجبات بدلا من الاعتماد على الحدس والتخمين في اداره الامور.
وقد قدم رواد هذه المرحله اسهامات كبيره حيث دعا (فايول) الى ضروره قيام الاداره بخمس وظائف رئيسيه هي التخطيط والتنظيم والامر والتنسيق والرقابه بالاضافه الى ضروره التركيز على تطبيق القواعد المتمثله في تقسيم العمل , والسلطه والمسؤليه, والانضباط, ووحده القياده , ووحده التوجيه , وتعويض الموظفين , والمركزيه , والتسلسل الاداري والنظام والعداله والاستقرار الوظيفي والمبادره والروح الجماعيه.
واستمرار للجهود المبذوله من اجل تطوير المنظمات الاداريه ظهر على أيدي مجموعه من الرواد منهم (دوغلاس ماكروجر) و(هربرت بيرد) حيث شارك هؤلاء في محاولات ايجاد حلول للمشكلات التي واجهت جهود التطوير التنظيمي من خلال التاكيد على ضروره اشتراك الاداره العليا وافراد التنظيم في عمليات صنع القرار , وضروره تطبيق الدراسات والتجارب العلميه على المنظمات الاداريه في الموضوعات المختلفه. وظهر نتيجه لهذه الجهود مايعرف بالتطوير التنظيمي الذي قام على اسس اهمها البحث الموجه والتغذيه الراجعه والتدريب المعملي. وقد انتشر تطبيق هذا التطوير في عده دول في اوروبا وامريكا, وتمثل ذلك بالتدريب المعملي , والاثراء الوظيفي وبناء الفريق والعمل على ضروره فهم ديناميكيه الجماعه وتفاعلها داخل المنظمات الاداريه , والاستعانه بعلم النفس الاجتماعي . وتم تركيز الجهود على ضروره استخدام المنهجيه العلميه في تطوير اسليب العمل.
وكان للعلاقات الانسانيه دورها في هذا المجال حيث ركزت على المحددات الرئيسيه لتطوير جماعه العمل والتعرف على خصائص الجماعات غير الرسميه باعتبار المنظمه مجتمعا انسانيا وتعتمد الاداره فيها على العلاقات الانسانيه في محاولاتها التنسيق بين جهود الافراد لخلق جو عمل ملائم يحفز الافراد على العمل بشكل تعاوني بهدف تحقيق اهداف التنظيم من ناحيه واشباع رغبات الافراد من ناحيه اخرى.
وقد رأى (سايمون) أن جميع العمليات التنظيميه تدور حول اتخاذ القرارات الاداريه وان التطوير التنظيمي ماهو الانتيجة لاتخاذ القرارات الاداريه وبالتالي فان التطوير التنظيمي يتطلب معرفة كيفية اتخاذ القرار والعوامل المؤثرة فيه.
واصدر كل من (موني ورايلي) كتابا بعنوان(مبادئ التنظيم),تم التركيز فيه على ضروره معرفه التدرج الوظيفي كجزء من محاولتهما الشاملة لدراسة التنظيمات .كما ان ظهور الادارة كعلم يعتبر حديث النشأة ولكن كيفية التعامل مع منظمات ادارية معقدة والعمل على ادارتها قد لايكون حديثا فالنظريات الإدارية لم يبدأ ظهورها في مجال الادارة بهدف وضع اسس سليمة يسير عليها علم الإدارة الا في بداية القرن العشرين.

استشارات موارد بشرية وتدريب
https://hrandtraining.blogspot.com.eg/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق