لقد خلصت جميع أبحاث "بانفيلد"
إلى عامل واحد فقط وهو أدق من سائر العوامل في عملية التنبؤ بالنجاح بالولايات
المتحدة ، ألا وهو النظرة المستقبلية والذى يعرف كالتالي :-
مقدار الوقت الذى تأخذه بعين الاعتبار عند
التخطيط لأنشطتك اليومية وأيضا عند عزمك اتخاذ قرارات مهمة في حياتك ، وتشير تلك
النظرية إلى أنك عندما قررت ما يجب أو ما لا يجب فعله في الوقت الحاضر.
وخير مثال للنظرة المستقبلية طويلة الأمد تلك
العادة المنتشرة في عائلات الطبقة العليا في انجلترا حيث يقوم الأهل بتسجيل
أطفالهم "بجامعة أوكسفورد" أو "جامعة كامبريدج"
بمجرد ولادتهم حتى لو أن هؤلاء الصغار لم يستطيعوا الالتحاق بالجامعة بعد 18 أو
19سنة ، إن هذا التفكير طويل الأجل هو الذى يجعل الآباء يفتحون دفتر توفير
لأبنائهم الصغار ، وذلك كي يطمئنوا أن بمقدور هؤلاء الصغار الالتحاق بجامعات
متميزة بعد أن يتخرجوا في المدرسة الثانوية.
إن الادخار والتخطيط للمستقبل هما تجسيد أو
تفعيل لمبدأ النظرة المستقبلية طويلة الأجل ، فإن الزوجين الشابين اللذين يبدأن في
توفير مبلغ خمسين جنيها شهريا كمصروفات للتعليم لكي يستطيع طفلهما حديث الولادة
الالتحاق بالمدرسة أو الجامعة التي يختارها عندما يكبر , هما زوجان يتمتعان بنظرة
مستقبلية طويلة الأجل ، فهما على استعداد للتضحية خلال الخطة قصيرة الأجل كي يكفلا
نتائج أفضل خلال الخطة طويلة الأجل ، إن أمثال هؤلاء غالبا ما يتقدمون اقتصاديا
بمعدل لا يتغير على مدار حياتهم.
دفع ثمن النظرة المستقبلية :-
إن الشخص الذى يتخرج في المدرسة الثانوية
ويذهب إلى الجامعة ويلتحق بكلية الطب ثم يحصل على شهادة الماجيستير ويثابر خلال
فترة عملة كطبيب تحت التمرين ثم طبيب مقيم , فإنه بعد مرور عشر سنوات أو أكثر من
التدريب يصبح طبيبا معتمدا ، فهو شخص ذو نظرة مستقبلية طويلة الأمد ، إن هذا الشخص
حصل على ما يستحق من مكانة اجتماعية ومادية ومستوى معيشة عالي بعد سنوات من
التضحية وأيضا بعد ما استطاع أن يكبح أهواء نفسه ، وهذه الفترة التي تتراوح من عشر
إلى اثنتي عشرة سنة من العمل والدراسة هي استثمار يستمر معه بقية حياته ، إن
النظرة المستقبلية بعيدة الأمد لهذا الطبيب ستكفل لأطفاله مستوى معيشة أعلى ، هذا
بالإضافة إلى الالتحاق بمدارس أفضل في المستوى وفرص أكثر ، وكذلك فإن من المحتمل
عندما يكبر هؤلاء الأطفال أنهم سيتزوجون زيجات أفضل ويصبح لديهم طموحات اجتماعية
واقتصادية أعلى ويحيون حياة أفضل.
إن النظرة المستقبلية لطبيب يقوم باستثمار
عشر سنوات أو أكثر من عمره في التعليم في بداية وظيفته من الجائز أن تفيد جيلا أو
جيلين أعمارهم من الخمسين إلى السبعين عاما ، ومن الناحية الوجدانية فإننا نشعر
بأن الطبيب الذى كرس سنوات كثيرة من حياته لتعلم وإتقان مهنته لكى يحضر إلينا وإلى
عائلاتنا عندما نكون في أشد الحاجة إليه هو شخص يستحق أن يكسب احترامنا وتقديرنا
جميعا ، وهذا الانحياز الكامل للتفكير طويل الأجل ربما يكون هو السبب في وضع عائلة
الطبيب على القمة وذلك بإجماع الآراء واستعراض وجهات النظر المختلفة بخصوص أكثر
الناس احتراما في أي مجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق