إن معظم أفكار إدارة الوقت بديهية ولكنها ليست شائعة ، والعديد من الدراسات
التي كتبت حول موضوع إدارة الوقت والكثير منها يحتوى على توصيات متشابهة للحفاظ
على هذا المورد الحيوي الفريد ، لكن المطلوب الآن هو جمع هذه الأفكار والاقتراحات
المبعثرة وتكوينها في نظام مفيد لإدارة الوقت ، والفوائد التي تجنى من الإطار
الفكري لإدارة الوقت متشابهة لتلك التي تجنيها من نظرية الإدارة ذاتها ، فإذا كانت
هذه النظرية وسيلة لتنظيم الخبرات بحيث يمكن تحسين الممارسات الإدارية من خلال
البحث العلمي والاختبار التطبيقي للمبادئ والتدريس المناسب لها وكان ممكنا تصفية
هذه الخبرات المجمعة واستخراج مبادئ عملية منها للاستخدام العام ، حينئذ يكون
لدينا أساس لنظرية إدارة الوقت.
ومفهوم إدارة الوقت من المفاهيم المتكاملة والشاملة الصالحة لأي زمان ومكان
وأي عمل وأي شخص وأي مجتمع فقد ارتبط هذا المفهوم بشكل كبير بالعمل الإداري.
وقد بدأ التركيز على موضوع إدارة الوقت بالمفهوم الأشمل والمتعارف عليه
حاليا في أوأخر الخمسينيات وأوائل الستينات من هذا القرن وكانت أول محاولة في هذا
المجال للكاتـب "جيمس ماكاى" في عام 1958م ، حيث وضع كتابه إدارة
الوقـت وكان من أهم عبارته في هذا الكتاب ، والتي لا تزال
تتردد إلى وقتنا الحاضر هي " إذا كنت تشعر بنقص في الوقت أثناء عملك ،
فهذا مؤشر بأن مهارتك الإدارية تتجه نحو العدم".
وبعد هذه الفترة الزمنية بالتحديد ، ازداد الاهتمام بموضوع إدارة الوقت بشكل
كبير وبدأت الكثير من الأبحاث والدراسات والمقالات والكتب والعديد في هذا المجال ،
وقد كان للتطورات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية أثرا كبيرا في زيادة الاهتمام
بموضوع إدارة الوقت وخاصة التطورات التقنية الهائلة في مجال الاتصالات والمواصلات
وارتفاع مستوى المعيشة ، وارتفاع معدلات الاستثمار في المشروعات والمنظمات ،
وارتفاع تكاليف الإنتاج وغيرها الكثير.
وأخيرا فإن أهم هدف في إدارة الوقت نسعى إلى تحقيقه هو أن يجد الإداري
لنفسه أكبر قدر من الوقت تحت تصرفه ، وهو الجزء الوحيد من يوم العمل الذي يمكن
للإداري أن يتحكم فيه ويدعى ملكيته فعلا ، فالوقت الخاص ضروري للتفكير والتخطيط
وحل المشكلات بأسلوب مبدع ، فإدارة الوقت لا تقدم حلولا للمشكلات الإدارية ولكنها
توجد الوقت الخاص الذي يمكن للمدير خلاله أن يجد الحلول ويخطط للمستقبل ويقيس مدى
التقدم.
وإدارة الوقت تعنى إدارة الذات وإدارة شئون الوظيفة بما يكفل الحصول على
النتائج المحددة في الوقت المتاح.
ونختتم هنا بالإشارة إلى" قانون باركنسون "والذي يؤكد أن العمل يتمدد لكي يملا الوقت المتاح أو المخصص لإتمامه ، فالشخص
المشغول جدا هو الشخص الذي لديه فاض من الوقت ، وأن ظاهرة " الانشغال"
في العمل لا يمكن أن تعتبر تفانيا من الشخص في العمل ويكون أداءه جيدا ومميزا ،
ولكنها تعتبر عن تدنى مستوى إدارته وسوء استغلال الوقت المحدد له.
الوقت يتسم من حيث المرونة بالجمود فلا يمكن ادخاره للمستقبل ولا يمكن
تعويض ما مضى منه ، من خلال ما تقدم وجب علينا الاهتمام والدقة في أهم مورد لنا
وهو وقتنا ، وبالتالي كان لابد من وقفة توضح لنا كيف ندير وقتنا بفعالية ،
فالإلمام البسيط بإدارة الوقت ومفهومها وكيفيتها يعود بالفائدة الكبيرة للشخص
الـملم بهذا الموضوع وبالأخص من يقومون بمهام إدارية.
الوقت هو العمر الذي يمر من بين أيدينا ، وينسحب بسرعة منا ونحن لا ندري أن
مروره يعني مرور أعمارنا وحياتنا ، وما حياتنا إلا لحظات وثوان تكونت معا ،
وضياعها يعني ضياع حياتنا نفسها.
والوقت من منظور أخر هو المادة الخام التي نطوعها كما نشاء من أجل أن نفعل
ما نريد من أعمال ونحقق ما نريد من أهداف ، ونصل لما نريد من غايات ، الوقت هو
السبيل لكل هذا ، ومن هنا فلابد أن نعرف كيف نستغله أفضل استغلال ممكن وكيف نجعل
منه المادة الخام الفعالة والمؤثرة من أجل حياة ناجحة نحقق فيها ما نريد.
وأكبر معين لنا على معرفة القيمة العظيمة التي لا تساويها قيمة للوقت أن
نتذكر حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم " لن تزولا قدما عبد يوم
القيامة حتى يسأل عن أربع ، عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله
فيما اكتسبه وكيف أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به".
يمكنك أن تكون ناجح بشكل كلي إذا اعتمدت على فكرة تقدير الوقت أو الاهتمام
به ، فيجب عليك أن تبذل أقصى جهودك لاستخدام الوقت المتاح لديك لتحقيق أهدافك.
فالوقت هو رأس المال الحقيقي وهو مورد هام من موارد الإدارة ، وإدارة الوقت
هي بمثابة علم وفن استخدام الوقت بشكل فعال وهي عنصر أساسي من عناصر الإدارة
الفعالة.
ونجد أن هناك آراء واختلافات حول مفهوم الوقت وتتعدد تعريفات الإدارة للوقت
ولكنها كلها تؤدي إلى نفس المضمون وهو القدرة على إنجاز الأعمال بشكل منسق ومنظم
وفعال وتحقيق الأهداف بأقل التكاليف أي الاستغلال الأمثل والفعال لكل الإمكانات
المتاحة للإدارة ، والوقت هو أول هذه الإمكانات ومفهوم إدارة الوقت مفهوم شامل
ومتكامل وصالح لكل الأزمنة ولقد ارتبط هذا المفهوم بالعمل الإداري ولقد بدأت
الأبحاث والدراسات في البحث في هذا الموضوع وزيادة الاهتمام به نظرا للتطورات
الاقتصادية والثقافية والاجتماعية وزيادة تكاليف الإنتاج.
والهدف الذي تسعى إليه إدارة الوقت هو أن يجد المسئول أو الإداري لنفسه وقت
أكبر تحت تصرفه وإدارة الوقت تعني إدارة الذات وإدارة شئون المنظمة والحصول على
النتائج في الوقت المحدد ، وإدارة الوقت تحقق التوازن في حياتك ما بين ما يجب عليك
عمله من واجبات ورغباتك وأهدافك.
ومدى استفادتك من وقتك هي التي تحدد الفارق بين الناجحين والفاشلين حيث أن
الشيء المشترك بين كل الناجحين هو قدرتهم على عمل توازن بين أهدافهم التي يسعون
إلى الوصول إليها والواجبات اللازمة عليهم نحو الأخرين وهذه الموازنة لا توجد إلا
من خلال إدارة الوقت إذ لا حاجة لإدارة الوقت بلا هدف لحياتك والا ستسير في كل
اتجاه مما يجعل حياتك مشتتة ولا تحقق أي شيء.
من الصعب تقديم تعريف دقيق محدود للوقت لكن بصفة عامة يمكن القول بأن الوقت
يتجسد في وجود العلاقة المنطقية لارتباط نشاط أو حدث معين بنشاط أو حدث أخر ويعبر
عنه بصيغة الماضي أو الحاضر أو المستقبل ، والوقت يمضى نحو الأمام دون تأخير أو
تقديم ، دون توقف أو تراكم ، دون إلغاء أو تبديل أو إحلال.
والوقت مورد هام من موارد الإدارة إن لم يكن أهمها إذ يؤثر في الطريقة التي
تستخدم بها الموارد الأخرى ، إنه رأس المال الحقيقي للإنسان ، ومع ذلك لا نجد
الحرض اللازم والكافي على هذا المورد الفريد من نوعه والضروري لكل شيء في الوجود ،
كما نجد اختلافات جوهرية في النظر إلى مفهوم الوقت وقيمته وأهميته بين مجتمع وأخر
وبين الأفراد في المجتمع الواحد.
ويتكون وقت العمل من وقت فعال " محتوى أساسي للعمل - لمنتج أو
لعملية" وهو الوقت المستغرق في إنتاج هذا المنتج أو أداء هذه العملية بفرض
سلامة المواصفات وطرق التشغيل وعدم وجود أي مصدر من مضيعات الوقت أثناء أداء
العملية " باستثناء أوقات الراحة الرسمية " ووقت غير فعال يمكن تخفيضه
أو التخلص منه ، وما يهمنا هنا هو الوقت غير الفعال الناتج عن قصور الإدارة أو
عيوب فيها في أحد أو بعض أو كل عناصر العملية الإدارية " التخطيط - التنفيذ -
التوجيه والقيادة - التنسيق - والرقابة.
فالتخطيط يجد الزمن مرافقا له في كل العمليات فهو يربط بين أجزاء العملية
الإدارية وكذلك بين العمليات المتسلسلة والمتعاقبة التي يشتمل عليها النشاط
الإداري كما يحدد لكل مرحلة من مراحل التنظيم أو التوجيه أو التنسيق أو الرقابة
زمنا لبدايتها ونهايتها وعلى العاملين في المنظمة أن ينجزوا أعمالهم ضمن هذه الخطة
الزمنية ، وإعداد الخطة الإدارية يتطلب من المخطط أن يراعى التسلسل الزمنى في
مراحل الخطة واختيار الزمن المناسب لكل مرحلة بها.
وفى مجال التنظيم أصبح واضحا أن التنظيم الجيد يقلص الزمن المطلوب للإنتاج
أو الخدمات ولا شك أن التنظيم الجيد يعكس السمات التي تظهر كل منها أهمية الوقت في
التنظيم من حيث التفاهم التعاون التوافق والاتساق ، التنسيق إلى أخر هذه السمات ،
وبصفة خاصة تحديد مهام واختصاصات العاملين وتحديث وتبسيط الإجراءات باستبعاد ما هو
غير ضروري وما إلى ذلك.
وتظهر أهمية الوقت كذلك في التوجيه باعتباره ملازما للتخطيط وأيضا في عملية
اتخاذ القرارات التي هي جوهر الإدارة ، كما تظهر في الرقابة حيث يتم الكشف عن
الأخطاء أو منع وقوعها في الوقت المناسب كما تظهر أهمية الوقت ودوره في شكل
الرقابة من حيث زمن اجراءاتها وما اذا كانت ذاتية أم خارجية وغير ذلك مما لا يخفى
على دارسي الإدارة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق