الجمعة، 25 نوفمبر 2011

الدافعية والتحفيز داخل المنظمة

الدافعية منذ الطفولة:
في المراحل المبكرة من حياة الطفل (الأطفال الرضع) يمر الطفل بمرحلة التمركز نحو الذات (Egocentric Stage)، كل ما يعرفه الطفل هو ما يريده، تتمثل هذه المرحلة بـ"ماذا أريد"، "إذا أردت شيئًا معينًا، يجب أن أحصل عليه"، كما أنه لا يوجد فهم لحاجات الآخرين، وبالتالي لا يوجد جدوى من أخذ موقف ضد طفل رضيع، فهو لا يميز بين الأمور.
إذا تمت تربية الطفل الصغير بالشكل الصحيح، وتم تقبل موجات غضبه ومطالبه، دون الاستسلام لها، فمن الطبيعي أن ينتقل الطفل إلى مرحلة "يجب أن أنتمي وأكون مقبولًا"، فالطفل هنا يريد أن يكون جزءًا من المجتمع حوله، ويتصرف بطريقة يتأمل من خلالها أن يكون محبوبًا.  كل شيء عنده إما أسود وإما أبيض، إذا قابل ابتسامة فهذا يعني أنه محبوب، وإذا قابل وجهًا عابسًا، فإن ذلك يعني له أنه غير محبوب، وكثيرًا ما يقول الأطفال لآبائهم "أنتم لم تعودوا تحبونني" فقط بسبب وجه عابس.  ويتم في هذه المرحلة أيضًا تطوير ظاهرة الجيد مقابل السيئ، فالطفل إما جيدًا وإما سيئًا.
ينتقل الطفل بعد ذلك إلى مرحلة "سأكون لطيفًا معك، إذا كنت لطيفًا معي"، والعدل مهم لهم في هذه الفترة، وهم لا يرون سببًا لأن يكونوا جيدين إذا لم تكن أنت كذلك، وهم يتحدون عندما يسمعون عبارات مثل "افعل كما أقول لك"، وكثيرًا ما يستعملون عبارات مثل: "أنت تصرخ، أليس كذلك"، "لقد رأيتك تفعل ذلك"، "هذا ليس عدلًا"، وغالبًا ما يستعمل الكبار هذه المرحلة لعقد صفقات مع الأطفال كنوع من التحفيز "افعل لي هذا، وسأفعل لك ذاك".
ثم ننتقل إلى مرحلة عندما يبدأ الطفل الناضج فهم معنى عمل شيء للمجتمع المحيط، كاللعب في فريق المدرسة لصالح المدرسة، وليس فقط لمكافأة ذاتية,  وفي هذه المرحلة يدرك الطفل أهمية المجتمع المحيط، وأنه أحيانًا يجب التخلي عن الاحتياجات والمصالح الشخصية لصالح المجموعة، فعبارة مثل "هذا ليس مقبولًا في المدرسة" تثير دافعيته في هذه المرحلة.
وأخيرًا، يصل الطفل إلى مرحلة الاستنتاج أن لكل شخص قيمة وأهمية، وأن كل شخص يستحق احترامنا ليس بسبب ما يقوم به، ولكن لأنه إنسان, وفي هذه المرحلة تكون واجبات الفرد هي المهمة وليست حقوقه، وهنا تتم إثارة الدافعية من خلال التعاطف، إذ يتم استعمال عبارات مثل "كيف تشعر؟"، والطريقة الحقيقية الوحيدة لتطوير هذا المستوى عند الطفل، هي إشعاره بالتعاطف معه في مطالبه، فهم يحتاجون أن يشعروا بتعاطف الآخرين معهم حتى يبدأوا بفهم ذلك.
أنواع الدافعية المختلفة:
يختلف الأشخاص ويتباينون فيما بينهم في طرق الدافعية, وهذه هي الأنواع الخمس للدافعية التي يتفاوت فيها الناس:
1. دافعية العمليات الداخلية (Intrinsic process Motivation): الأفراد الذين تكون مصدر دافعيتهم العمليات الداخلية يقومون بالأنشطة التي يجدون فيها المتعة، ولا تكون التغذية الراجعة على أداء هذه المهمة أو التغذية الراجعة الاجتماعية ذات أهمية.
2. الدافعية الأدواتية (Instrumental Motivation): يكون هذا النوع مصدرًا للدافعية عندما يؤمن الفرد أن السلوك الذي سيقوم به سيؤدي إلى ناتج معين مثل الأجر، والمديح، ... الخ.
3. الدافعية المبنية على مفهوم الذات الخارجي (External Self Concept-based Motivation): يكون هذا النوع مصدرًا للدافعية عندما يتبنى الفرد توقعات المجموعة، حيث يهتم الفرد في هذه الحالة بالتغذية الراجعة الاجتماعية، ويتصرف بطريقة ترضي المجموعة للحصول على قبولها وعلى منزلة جيدة بينها.
4. الدافعية المبنية على مفهوم الذات الداخلي (Internal Self Concept-based Motivation): يكون هذا النوع مصدرًا للدافعية عندما يكون توجيه الفرد ذاتيًا، إذ يقوم الفرد بوضع معاييره الخاصة به، التي تصبح الأساس للذات الإنسانية.
5. تذويت الأهداف (Goal Internalization): يكون هذا النوع مصدرًا للدافعية عندما يتبنى الفرد توجهات أو سلوكيات بسبب انسجامها مع نظامه القيمي.
قوانين للدافعية الذاتية:
ولك كمدير فأنت بحاجة كبيرة إلى أن تمتلك قدرًا من الدافعية الذاتية, فالمدراء هم من لا يحتاجون إلى تحفيز خارجي لكي يقوموا بالعمل وإن كانوا يحتاجون إليه ليبذلون أقصي ما يملكون وبإتقان شديد لإنجاز العمل, وهذه بعض قوانين الدافعية الذاتية التي لابد لك من تعلمها:
1. الدافعية ليست نتيجة تأثير خارجي، بل هي ناتج طبيعي للرغبة في الإنجاز، وإيمان الشخص بأنه قادر على عمل الشيء.
2. إن الأهداف المبنية على أساس تحقيق رغبات إيجابية، أكثر قوة من الأهداف المبنية على الخوف السلبي، والخليط المناسب بين هذين النوعين هو الأكثر قوة.
3.   ابدأ بتخيل النجاح المستقبلي بوضوح، والمشاعر التي ستمر بها عندما تحقق هدفك.
4.   تقدم ذهنيًا في مسار باتجاه هذا النجاح، وتخيل مشاعرك في محطات مختلفة في هذا الطريق.
5.   اعط أولوية عالية للمهمة.
إلى أداء أفضل:
الأداء= الدافعية*القدرات*البيئة
إنها معادلة التفوق, فإذا تساوى الناس في القدرات والبيئة فإن الدافعية تكون هي العلامة الفارقة, بل وقد نقول أنه إذا وجدت أعظم القدرات مع توافر البيئة الجيدة دون وجود دافع قوي فإننا نحصل على أداء ضعيف, بينما إذا توجدت إمكانيات متوسطة وبيئة مقبولة ودافعية منقطعة النظير فإننا نحصل على أداء ممتاز.
أولاً : الـدافعـيــةMotivation
نظـريـة ماسلو Maslow
يقّـدم عالم النفـس الأمريكي " ماسلو " عدداً من الفروض الأخاذة فيما يتعلق بالطبيعة الإنسانية . إن للإنسـان طبيعيـة فطـريـة خيّرة فى جوهرها ، ولا تكون شريرة على الإطلاق وعندما يصبح الإنسـان عُصابيـاً أو شـريراً أو بائسـاً ، فالسـبب فـى ذلك أن البيئـة قـد جعلتـه كذلك بسبب الجهل والأمراض الاجتماعية .
ويمكن للبيئة بالطبع أن تقوم بدور حميد فتساعد الإنسان فى محاولاته لتحقيق ذاته ، فالعدوان والنزعة إلى التدمير ليسا صفتين أصيلتين فى الإنسان . فهو يصبح محباً للمقاتلة نّزاعاً إلى التدمير حينما تُعاق طبيعته الداخلية أو تقابل بالإنكار والإحباط . وما أن يُرفع الإحباط يختفى العدوان .
وتتميـز نظـرية ماسلو بمبدأين ، مبدأ الكلية ، ويعنى الأخذ بنظرة كلية إلى الدافعية ، فالشخص بكلّيته – وليس فقط جزءاً منه – هو الذى يكون مدفوعاً . ومبدأ الدينامية ، ويعنى أن السلوك فى جوهره متعدد الدافعية من حيث أن أي سلوك مدفوع يمكن أن يشبع حاجات كثيرة فى نفس الوقت
مـدّرج الحــاجــات الإنسانية الأساسية ( الدوافع ) :
قدم ماسلو نظرية فى الدافعية الإنسانية تفترض أن الحاجات تنتظم فى مدرج من الأولوية أو القوة . فعندما تُشبع الحاجة ذات الأولوية أو الإلحاح الأكبر بدرجة معقولة ، فإن الحاجة التالية فى التدرج الهرمى تبرز وتلح فى طلب الإشباع هي الأخرى ، وعندما تشبع هي كذلك نكون قد صعدنا خطوة أخرى على سلم الدوافع .
ونظام التدرج الهرمى للحاجات - من أسفل إلى أعلى - يتمثل فى الشكل التالي :
الحـاجـــــــات الـفسـيـولـــوجيـــــــة ( الحـيـاة )
الأمــــــــــــــــــــن و الأمـــــــــــــــــان
الانتماء والحــــــــــــــب
التقـــــــديـــــــر
تحـقــيق الــــذات
أولويــة الحاجـات الإنسانيـة الأساسيـة ( مـاسلـو )
1- الحاجات الفسيولوجية
وهـى الـدوافـع البيـولوجيـة التي ترتـبط بحياة الفرد وبقائه مثل الجــوع والعطـش …. الـخ " فليعبدوا ربّ هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف " ( قريش – 43 ) .
2- الحاجــة إلـى الأمـــن :
إذا ما أُشبعت الحاجات الفسيولوجية نسبياً فإنها تضعف وتتوارى وهذا يهئ لظهور الحاجة إلى الأمن والحماية أو الوقاية والتخلص من التهديد والقلق المصاحب لكل ذلك وما شابهه .
" وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون " ( النحل - 112 ) .
" الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون "( الأنعام – 82 ) .
3- الحاجة إلى الانتماء والحب :
إذا ما أشبعت حاجات الأمن تضعف وبذلك تهيء لظهور حاجات الانتماء والحب ، وتتضمن هذه الفئة الناحية الجنسية والحب والرغبة فى إنجاب الأطفال والصداقة والتقبل فى الجماعة والأسرة والانتماء إلى جهة العمل .
4- الحاجة إلى التقدير :
يتلو هذه الحاجات فى الدرجة الحاجة إلى التقدير ، فالفرد فى حاجة إلى تقدير نفسه لنفسه وتقدير الآخرين له ، وقد يسعى إلى الصيت والشهرة وما إلى ذلك إشباعاً لتلك الحاجة.
5- الحاجة إلى تحقيق الذات :
وفى قمة الهرم توجد الحاجة إلى تحقيق الذات ، وهى بالتالي لا تظهر – بصفة عامة – إلا إذا أشبعت الحاجات الأخرى ، كما أنها هي الحاجة المستهدفة بشكل عام .
ويضيف ماسلو إلى هذه الحاجات : " حب الاستطلاع والرغبة فى المعرفة والفهم ، والحاجات الجمالية " . ويرى ماسلو أن هذا التدرج الهرمى ضروري ، والفرد لا يجد فى العادة صعوبة فى تحديد الحاجات ذات الأولوية عنده والتي يجب إشباعها . على أن هذا التدرج العام لا يمنع من إمكانية حدوث أولويات أخرى لتلك الحاجات بشكل استثنائي .
سمــات مــن حققـوا ذواتـهـم :
قـام ماسلـو بدراسـة إكلينيكية لاكتشاف الخصائص المميزة لعدد من الأشخاص البارزين وعدد مـن أصـدقـائـه الذين حققوا ذواتهم – أي أنه قد تحقق لهم إشباعاً سوياً لكافة الحاجات التى عرضها فى مدرجه .
وكان من أبرز تلك السمات :
1- أن لهم إتجاهاً واقعياً – ويتقبلون أنفسهم والآخرين والعالم كما هم .
2- التلقائية – ويتمركزون حول المشاكل بدلاً من أن يتمركزوا حول أنفسهم .
3- الاستقـلال الذاتي – ولمعظمهـم خـبرات روحـيـة عمـيقــة وقـد لا تكـون بالضـرورة ذات طابـع ديني.
4- الابتكار والتجديد والبعد عن النمطية والتقاليد الجامدة .
5- لا يخلطون بين الغاية والوسيلة .
6- علاقاتهم الحميمة بأشخاص قليلين يكنون لهم حباً خاصاً وعميقاً وبعيداً عن السطحية .
7- اتجاهاتهم وقيمهم ديمقراطية .
8- أن روح المرح لديهم ذات طابع فلسفى وليست عدائية .
ثانياً : الحـوافــزIncentives
المال كحــافز للعمل :
المال وسيلة لإشباع حاجات الإنسان المختلفة ( ماسلو ) . فنحن نسعي إلي المال بسبب ما يمثله هذا المال . فمثلاً نجد أن الشخص الذي يجمع ملايين الجنيهات يسعي للنفوذ والجاه ، وحاجته إليهما حقيقية . أما ذووا الدخل الأقل فيتعجبون لم يحاول مثل هذا الشخص إكتناز مقادير من المال أكثر مما هو ضروري لحاجاته الجسمانية ولراحته . إلا أنهم لا يفطنون إلي الدافع الذي يكمن وراء جمع ذلك الرجل للمال ، لأنهم لم يذوقوا طعم النفوذ والجاه الذى يحققه الإنسان بالمال الكثير . كذلك فإن فقدان المال يحدث نوعاً من الحرمان يختلف عند الأغنياء عنه عند الفقراء . فالأول يفقد السلطة والجاه والآخر يفقد الطعام .
تختلف طرق دفع الأجور عن العمل . فهناك الدفع حسب الإنتاج ، أو الدفع بحسب الوقت ( بالساعة أو باليوم ) ، أو الدفع حسب الأقدمية ( بحسب طول مدة الخدمة ) ، أو الدفع علي أساس الحاجة ( أعزب أم رب أسرة مكونة من عدد من الأفراد – مثل علاوة الغلاء ) ، أو على أساس نوع العمل ( إداري أم فني ) .
وبغض النظر عن اتجاه الإدارة نحو أي من هذه الطرق ، فإن جماعة أو أخري من الموظفين سوف تطالب بأي منها في وقت أو آخر . فالموظف الذي ينتج إنتاجاً طيباً يشعر بأنه عومل معاملة سيئة إذا وجد موظفاً آخر أقل منه كفاءة يحصل علي أجر مثل أجره . ونسمع أيضاً موظفين يقولون أنهم أعطوا المؤسسة أو جهة العمل أجمل سنوات حياتهم ، ولذلك فهم يتوقعون أن تعوضهم جهة العمل بأجور تتجاوز أجور الآخرين بصرف النظر عن القدرة الإنتاجية . وعندما يقول الإنسان أنه لا يستطيع أن يقيم أود أسرته بالأجر الذي يحصل عليه فإنه يتوقع أن تتحدد الأجور بحسب حاجته.
وإذا كان الدفع حسب الإنتاج هو الطريقة التي تستعمل الأجر من أجل تحريك كل العاملين ودفعهم حتي ينتجوا بما يتفق مع أهداف المنظمة ، وتعمل علي زيادة الإنتاج ، وتعترف بالفروق
الفردية ، وتلقي القبول من العاملين الأكفاء ، إلا أنها في نفس الوقت سوف تلقي معارضة من ذوي الإنتاج المنخفض كما تسبب القلق وعدم الاطمئنان . وفي مواجهة هذه المعارضة قد تلجأ الإدارة لتعويض ذوي الإنتاج الضعيف بطريقة أخري . وإن تحديد مرتب أساسي بالإضافة إلي أجر إضافي عن الإنتاج فوق المتوسط لهو خطوة في هذا الاتجاه . إلا أن هناك مشكلات فنية مثل صعوبة وضع معايير مقارنة لأنواع مختلفة من الإنتاج ، أو أسلوب تقييم الأعمال غير الإنتاجية في نفس المؤسسة مثل الخدمات أو البحوث .
ولا شك أن هناك فجوة قد تنشأ أحياناً بين السياسة السليمة للأجور من الوجهة السيكولوجية وبين تطبيقها في بيئة العمل والمنظمة . ويمكن حل بعض المشكلات عن طريق تحليل الأعمال ، أما البعض الآخر فيتطلب دراسة لوجهات نظر كل من الإدارة والموظفين .
الحوافز غير المالية :
فيما يلي أمثلة للحوافز غير المالية والتي يمكن للقائد والمدير استخدامها بفعالية :
1- استخدام الثناء :
الثناء نوع من إرضاء " الأنا " وإشباع الحاجة إلي التقدير ( ماسلو ) ويتأثر الموظفون به . علي أن اللوم غالباً هو الذي يستخدم كإجراء عادي عند بعض المديرين . فالرئيس يتوقع عملاً جيداً لذلك فهو لا يعلّق عليه إذا وجده ، ولكنه يعاقب علي الأخطاء لأنها تحبطه إزاء البرنامج الذي رسمه للعمل .
2- معرفة النتائج :
أظهرت عدة تجارب تتضمن معرفة العاملين لنتائج عملهم أن معدل التحسين زاد بنسبة 25% وأن الاهتمام قد زاد عندما كان في وسع الفرد أن يري ما ينجزه . كذلك اتضح أن المهارات التي اكتسبها الفرد من قبل قد تضعف عندما تحجز عنه المعلومات بالنسبة للأخطاء أو للتقدم الذي أحرزه .
ومن ناحية أخري فإن تسجيل النتائج أمر ضروري للشعور بالتقدم ، وإنه لأمر حيوي أن يشعر الموظف بأنه يسير إلي الأمام . ومن المفارقات – أنه كلما أتقن الإنسان العمل أصبح من العسير عليه أن يشعر بالتقدم – إذ أن التحسن من نسبة 96% إلي 97% أصعب في التحقيق من التحسن من نسبة 65% إلي 75% .
3- المنافسة :
يتنافس الأفـراد كـل مع الآخـر لا من أجل الحوافز المالية فحسب ولكن أيضاً من أجل الشعور بالانتصار . فالشخص الذي يكسب قد يحصل علي مركز أو مكانه اجتماعية أو خبرة في الإنجاز . ولكن أيضاً يجب أن ندرك أن الخاسر يعاني من الفشل ، وفقد مكانته . وهكذا فإن كل موقف يتسم بالتنافس يمكن أن يؤدي إلي كل من الإشباع والحرمان ، والمشكلة تتوقف علي كيف تتم المنافسة .
4- المشاركة :
إن الشخص الذي يشعر بأنه عضو في جماعة يجب أن يحس بالمشاركة في هذه الجماعة . فالمشاركة تؤدي إلي الاهتمام ، والاهتمام شكل من أشكال الدافع . ولا شك أن المشاركة في اتخاذ القرارات تعتبر حافزاً قوياً .
5- إزالة الملل :
الملل حالة من حالات ضعف الدافع . ويمكن أن ندخل قدراً كبيراً من الشعور بالإنجاز وبالتنوع في كثير من الأعمال الرتيبة ويصير العمل أكثر جاذبية عندما يشعر الفرد أنه هام وحيوي ، وأن وحدته تحتاج إليه في أوقات الأزمات .
6- مواءمة الفرد للعمل :
إن وضع الفرد المناسب في المكان المناسب في منظمته ، يساعد الفرد علي أن يحقق ذاته في عمله الذي يناسبه والذي يرغب فيه .
ثالثاً : الدوافع / الحوافز / العمل
لاشك أن العلاقة وثيقة بين نظام الحوافز في المنظمة – سواء كانت حوافز مادية أو معنوية ، أو حوافز إيجابية أو سلبية – وبين الدوافع والحاجات الإنسانية ، وبين الأهداف المطلوب إنجازها علي محوري العمل والفرد .
كما ينبغي أن تكون الحوافز مؤثرة بالدرجة الكافية لاستثارة دوافع الفرد وحاجاته – نظرية ماسلو – وأن تراعي الفروق بين الأفراد والجماعات في المنظمة حتي يقوي الانتماء لها ويتحقق الإنجاز المستهدف بالجودة المنشودة ورضاء العاملين وحماسهم .
ولعل المعادلة التالية تعبر عن هذه العلاقة المتبادلة وتفاعلاتها داخل الفرد وأثرها علي إنتاجيته 
مثال عملي في احدى الشركات
جلس مدير عام احدى الشركات في مكتبه وحيدًا يفكر في التقرير الذي رفعه إليه مدير مصنع الشركة بخصوص فريق الصيانة في المصنع, كان أكثر ما يشغل باله في هذا الخصوص هو التحول الغريب الذي طرأ على احدى المهندسين في قسم الصيانة, ما زال المدير يذكر جيدًا حواره الأول مع المهندس في بدء التحاقه بالعمل بالشركة, لا ينسى حماسه وطموحه واستعداده المستمر للعطاء والبذل لمدة ستة شهور كاملة ... ستة شهور كان فيها مضرب المثل في المصنع كله.
ومع كثرة الظروف الصعبة التي مرت على المصنع كان المهندس دائمًا على مستوى المسئولية, كما أنه كان متميزًا بقدراته العالية بشهادة كل من عمل معه, ثم ... تغير كل شيء, اختفي الحماس والجهد الكبير وحل مكانه الخمول واللامبالاة, ظهر وجه آخر مختلف للمهندس, وجه الموظف التقليدي المتمرس في فنون التسويف و"التزويغ", كثرت شكاوي مهندسي المصنع من تراخي الصيانة وطول أزمنة الأعطال, واضطر مدير المصنع أن يكتب هذا التقرير للمدير العام يطلب فيه إعادة النظر في تشكيل فريق مهندسي الصيانة بالمصنع, بما فسره المدير على أنه رغبة في إنهاء التعاقد مع المهندس بالتحديد.
لماذا تحول المهندس بهذا الشكل؟! ... سأل المدير نفسه, هل يكون السبب هو عدم إدراج اسمه في كشوف العاملين المستحقين لحوافز مالية إضافية في آخر العام الماضي؟ لقد شعرنا وقتها أنه لم يمضى عليه وقت كاف في الشركة ... مجرد ستة شهور ... بينما أمضى عدد من زملائه عدة سنوات في الشركة, رأينا وقتها أنهم أولى بالحوافز لأنهم يعولون أسرًا ومضت عليهم سنوات دون حوافز, هل يكون السبب تغيير رئيس فريق الصيانة بالمصنع بعدما اعتاد المهندس العمل مع رئيسه الأول الذي كان معروفًا بتفاهمه مع مرؤوسيه, وبمحاسبتهم على مدى انجازهم للأهداف المتفق عليها لا على إجراءات التنفيذ؟ هل يكون السبب تلك الشائعات التي سرت بالمصنع بأن الشركة على وشك التخلص من وحدة الصيانة كلها والاتجاه إلى عقود الصيانة الخارجية للآلات؟ أم يكون السبب عدم قدرتنا على تلبية طلبه المتكرر بالسفر إلى ألمانيا للتدريب على صيانة الآلات الجديدة التي تعاقدنا على استلامها من هناك خلال شهور؟
كانت هذه هي العقلية الإدارية الصحيحة التي فكر بها المدير في التعامل مع المشكلة, فقد استخدم استراتيجية البحث عن جذور المشكلة, والسعي وراء معرفة أسبابها, ومعرفة الدوافع التي دفعته إلى هذا السلوك خصوصًا أنه ليس من أصل طبعه, فمعدنه الحقيقي ظهر وقت أن جاء للعمل في المصنع في بادئ الأمر.

ربنا يوفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق