السبت، 28 أبريل 2012

القدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب

يواجه الانسان في حياته مواقف متعددة تجعله امام خيارات صعبة تتطلب اتخاذ قرارات حازمة. وربما يتردد في اتخاذ القرار او يترك المقود في يد الظروف كيفما قادته سار وفقا لها. وننشر قصصا انسانية لأشخاص يعانون من صعوبات وظروف قاسية لأنهم ببساطة لا يمتلكون جرأة اتخاذ القرار، وهذه السلبية ربما ترتبط بالتنشئة والفكر التقليدي الذي يتجنب المواجهة ويفضل المواءمة.

والنجاح يرتبط بالقرارات التي نتخذها في حياتنا، إذ أننا نرى الكثير من الناجحين وقد نتساءل لماذا نجح هؤلاء وما الذي يميزهم؟ والأمر بسهولة أن المسألة لاتحتاج إلى قدرات خارقة فقد أكد علماء النفس أن الاعتقاد بأن الذكاء يعتمد على القدرات الكلامية والتحليلية هو افتراض خاطىء وقالوا إن التميز يتمثل في قدرة الذهن على تبني الابداع ومحاولة الابتكار والتجديد، وأهم ميزة يمتلكها هؤلاء قدرتهم على تحويل الانتكاسات والهزائم التي تقابلهم إلى نجاح ايجابي، وهذه تحتاج الى قرار يتخذه الشخص بذاته لأنه من الصعب ان يساعدك الآخرون مالم تساعد أنت نفسك.

والذي يميز حياة الناجحين انها اقترنت بالتحديات، وواجهوا تلك التحديات بثقة وانفتاح وتفاؤل انعكس على شخصيتهم واسلوبهم وطريقة نظرتهم وتحليلهم الأمور، بل إن البعض لم يكتف انه تجاوز التحدي الذي واجهه بل حوله إلى ابداع، فمثلا الشاعر ميلتون كتب روائعه الشعرية وهو اعمى بينما الف بيتهوفن سيمفونياته المثيرة وهو أصم. إنها الإرادة المرتبطة بالثقة في النفس.

وعملية القدرة على اتخاذ القرار تحتاج الى تعلم وتدريب وتتطلب ثقة بالنفس. وهي تمثل البوابة للوصول الى النجاح، لكن الناجحين لايصلون إلى اهدافهم دون ان يمروا بمحطات التعب والفشل واليأس، وصاحب الإرادة القوية لايطيل الوقوف في هذه المحطات. والإنسان لديه قدرات هائلة يجهلها،اذ أن الانسان يستخدم عشرة في المائة من طاقته بينما البقية غير مستخدمة.

ويتفق كثيرون من الشخصيات الناجحة على ان تحديد الاهداف بوضوح هي الممر لسلوك طريق النجاح، فالتعود على التفكير الدقيق لتحقيق الأهداف يجعل الشخص صاحب رؤية واضحة، وهذا يتلازم مع عسف النفس وتعويدها على الالتزام، لأن آفة الانسان الهوى والذي يترك المجال لأهوائه يفقد زمام السيطرة على نفسه، فأي مشروع نجاح يبدأ من الداخل، وفقط من الداخل.

ومن الطبيعي ان يواجه أي شخص يسعى للوصول إلى اهدافه معوقات واحباطات، لكن الإرادة القوية هي التي تجعل الانسان يتجاوز تلك المعوقات. وحتى الاشخاص الذين يصابون بعاهات أو امراض يقدمون لنا درسا مجانيا في فن الإرداة وكيف أنهم يعوضون ذلك النقص بمزيد من المجهود ويتجاوزون في نجاحهم الآخرين الأسوياء. والكاتب المعروف جون فوب، ولد بدون ذراعين، ولكنه تجاوز هذه الإعاقة وهو في الثلاثين من عمره، ويعد من مشاهير المتحدثين والخطباء، وهو يقول في كتابه «ماهو عذرك» ان أربعة محاور جعلته ينجح في حياته: رؤية مليئة بالأمل لحياته ومستقبلة، الصبر على العوائق والمشكلات، مثابرة واصرار على الاستمرار واخيرا حياة روحية غنية يقترب فيها من الله طالبا عونه ومساندته.

ويعتقد فوب ان اعاقته كانت نعمة كبيرة، لأنه بفضلها استطاع النظر في داخله واستخراج مواهبه وملكاته الخاصة، وهو يقول إن الله ما كان ليحرمه تماما، وانه اذا كان قد حرمه من اداة ما، فلا بد أنه عوضه عنها بغيرها، وكل ما كان عليه، هو البحث بداخل نفسه عن هبة الله له. وهذه نظرة تعكس الثقة في مكنونه الداخلي، فالضوء الساطع مهما خفي بريقه لوهلة فإن السحب الداكنة لن تستطيع حجبه.

إن صناعة القرار والالتزام به هو فن يمكن إتقانه, وهو أمر ينعكس حتى على نظرتنا للحياة فنحن الذي نحدد الأشياء في حياتنا، وكما يقال فإن حياتنا هي ما تصنعه افكارنا.

ربنا يوفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق