السبت، 13 يناير 2018

إدارة المواهب



يَحُدّ العديد من الشركات من فاعلية إدارة المواهب لديها من خلال تبني وجهة نظر قاصرة لما تنطوي عليه هذه الإدارة: التركيز على جوانب إدراك قدراتها والحفاظ على تنميتها وتطويرها. على النقيض من ذلك، فإن النظرة المنهجية للمواهب تشمل في طياتها دورة حياة المواهب بأكملها وتتكون من تسعة عناصر رئيسية:
  سمعة صاحب العمل وإشراك الموظفين المحتملين. تبدأ عملية إدارة سمعة صاحب العمل بتحديد نوع الأشخاص الذين ترغب الشركة في ضمهم إليها.
وتُجيب هذه العملية على السؤال: "لماذا يرغب هذا الصنف من الموهوبين في العمل هنا؟" ويرجع ذلك جزئيًا إلى استخدام جميع الوسائل المناسبة لتعيينهم - بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي والزيارات المُنتظمة للجامعات والإحالة من قبل الموظفين الموجودين ، ويرجع كذلك إلى الاستماع إلى الموظفين المحتملين. والأساليب التي تعتمد على التسويق لجذب الموظفين المحتملين، بدلاً من الاستماع إليهم، تُضيِّع فرص جذبهم من ناحيتين. الأولي، يُرجَّح أن تؤدي إلى جذب أشخاص غير مُناسبين. فقد وجدت إحدى الشركات، على سبيل المثال، أن الموظفين الخريجين لم يهتموا بما إذا كان لديها برنامجاً توجيهياً، حيث إنهم سلموا بالأمر بديهيًا وأرادوا معرفة مدى جودته.
والثانية، قد يؤدي فهم تطلعات الموظفين المحتملين إلى توفير فرص لإعادة تحديد مُتطلبات الوظائف، وذلك من شأنه زيادة إدماجهم ومساهمتهم، إذا تم التعاقد معهم.
  التوظيف. من التحديات في هذه المرحلة من دورة حياة المواهب هو ما إذا كانت الشركة توظف العاملين ليبقوا فيها لفترة طويلة، على افتراض أنهم يرغبون في الاستمرار في عملهم داخل الشركة لمدة طويلة، أو بدلاً من ذلك، ما إذا كانت تهدف إلى تحقيق رغبتهم في الانطلاق إلى الفرص المتاحة في أماكن أخرى.
يميل كلا الطرفان إلى تصور أن هذا العمل يستمر لفترة طويلة وتتعدد مستوياته بدلاً من مُناقشة نواياهم على نحو صريح. ومن شأن حوار مختلف وأكثر تفاهمًا أن يكشف عن مجموعة من الاحتمالات تنتج عنها حقيقة أن تطلعات الموظفين والأدوار الوظيفية المعروضة قد تكون أكثر اتساقًا.
لذلك، فإن العقد النفسي (أو العقد الرسمي) سيمتد لأكثر من 18 شهرًا مثلاً، بحيث يكتسب فيها الموظف خبرات ومهارات مُحددة ويُقدم مساهمة محددة للشركة.
واعترافًا بتطور تطلعات الموظف والمؤسسة، فإن إجراء مراجعة نزيهة من قِبل الموظف والمؤسسة على حد سواءً قبل نهاية الوقت المُحدد تحول دون وقوع اضطرابات المُغادرة غير المتوقعة.
الأول هو الارتباط المفترض بين "الولاء" و"القيادة".
  لا تعني قدرة البعض على الاستمرار في أعمالهم رغم صعوبة الظروف أنهم يتمتعون بصفات القادة. في الحقيقة، يمكن القول أن مَن يتمتعون بالقدرة على استشراف مستقبلهم المهني هم مَن يُرشَّحون بشدة عامة لأن يُصبحوا مُفكرين استراتيجيين. ويكمن الافتراض الثاني في أن التوظيف لتحقيق التنوع يُمثل لعبة أرقام. ومن الناحية العملية، سيكون هناك دائمًا صراعاً محتملاً أو حقيقياً بين "الملاءمة الثقافية" والحاجة إلى التنوع المطلوب.
وللتغلب على هذا الصراع، علينا أن نعود إلى الخطوة الأولى: الاستماع الجاد إلى مجموعات مختلفة من الموظفين المحتملين.
التوجيه والاستقرار. على الرغم من توافر البرامج الإرشادية التي تبدو جيدة التصميم، فقد تظهر خيبة الأمل سريعًا. ومن بين المشاكل التي رأيناها مرارًا وتكرارًا ما يلي:
الفشل في توضيح ثقافة الشركة (الثقافة الحقيقية وليست المُخصصة للعلاقات العامة).
وهذا دور مهم للشخص المُوجِّه بعد بضعة أشهر.
على النقيض، توفير موجّه مهني في أقرب فرصة: حيث يحتاج الموظفون إلى الاستقرار في وظائفهم الجديدة وفَهْم أدوارهم، قبل التفكير في الخطوات التالية
إدارة فترة الاختبار التي تمتد لثلاثة أشهر: عندما تنتهي فترة الاختبار وتظهر حقيقة توقعات الموظفين المُتعلقة بالموظف الجديد وتوقعات الموظف بالنسبة للشركة
تتميز المؤسسات الذكية بوجود برامج توظيف للموهوبين (على مستوى الأدوار الوظيفية الصغرى على الأقل) حيث تُتيح لهم فرصة العثور على أفضل الأدوار الوظيفية التي تناسبهم عن طريق التجربة والخطأ، بدلاً من محاولة إدماجهم في أدوار مُحددة مُسبقًا.
كما أنها تُطلِع الموظفين المُحتملين على ثقافة الشركة من خلال إخبارهم بحقيقة ثقافتها عامةً بدلاً من حثهم على الاستفسار بشأنها والجدال مع المؤسسة بخصوصها.(إذا اعتقد القادة أن ثقافة الشركة صائبة تمامًا، فلماذا يحتاجون إلى الدفاع عنها؟)
وبطبيعة الحال، فإن هذه الخطوة الثالثة تعتمد إلى حدٍ ما على الافتراضين الأول والثاني.
هناك سؤال بالغ الأهمية للموارد البشرية هو:
  "إلى أي مدى تُناسب خبرة الموظف الجديد الوضع الذي أدى لتوقعاته من إدارة سمعة الشركة وعمليات التوظيف بها؟"
إدارة الأداء. تنظم قاعدتان أساسيتان إدارة الأداء المنهجية.
تعتمد القاعدة الأولى على أن الأداء إنجاز جماعي لفريق، بدلاً من مجموعة من الإنجازات الفردية: لذلك لا ينبغي تقييم الموظفين بناءً على ماهية وكيفية أداء أعمالهم فحسب، ولكن على كيفية مساندتهم لبعضهم البعض لإنجاز هذه الأعمال.
وتمثل القاعدة الثانية تميُّز الموهوبين بأداء أفضل عندما يُدَعمون في إدارة أدائهم الخاص.
ويرتبط ذلك بالطبع لمرة أخرى بإدارة السمعة وعمليات التوظيف.
ما ميزة الشركة التي تجعل الموظفين، ممن تزدهر قدراتهم في مثل هذه البيئة، يسعون للعمل لديها؟
هل تحدِّد عملية الاختيار هؤلاء الأشخاص وتمنحهم الأولوية؟
عندما أُناقش إدارة الأداء مع الشركات، فإن جميع المخاوف التي أسمع عنها تدور حول
  ذوي الأداء المتدني، وليس حول التركيز على ذوي القدرة على إنجاز المبادرات الذاتية!
التعلم و التطور. تُمثل الرغبة في التعلم أحد السمات المعترف بها على نطاقٍ واسع، بالإضافة إلى مرونة التعلم، باعتبارها موهبة رئيسية من مواهب القائد.
لا تزال فكرة تنمية قدرات الموظفين المحتملين – وسيلة واسعة الانتشار، على المستويين الرسمي وغير الرسمي، كما أنها تؤدي لتحجيم تركيز الشخص على فرص التعلُّم (لماذا تنزعج طالما أنك أديت عملك بالفعل؟). يُركز الأسلوب المنهجي على مرونة التطور الوظيفي – تشجيع التطور المستمر للأدوار الوظيفية بحيث لا يكون هناك هدفاً ثابتاً ويُصبح التعلم المستمر هو القاعدة.
ومن المهم كذلك الابتعاد عن برامج التنمية الشاملة، التي تتسم بأنها ذات مضمونٍ واحدٍ يناسب الجميع لصالح نهج أكثر تخصيصًا يُصمم حسب الطلب، حيث يتمتع الموظف الموهوب بالمزيد من التحكم فيما يتعلمه في الوقت وبالكيفية المُناسبة.
وقبل أي شيء، إذا كان هناك شخصاً موهوباً حقًا، ألا ينبغي أن نثق فيه لإدارة تطوره الخاص؟
إذا لم نتمكن من الوثوق فيهم للقيام بذلك، فإن ذلك يشير إلى فشل في مرحلة التوظيف.
الترقيات والتنقلات. عندما تتم ترقيات أو تنقلات مهمة في نفس المستوى الوظيفي، يُراعي الأسلوب المنهجي أن الموظف يحتاج إلى الدعم، وبصفةٍ عامةٍ فإنه يحتاج ذلك لعدة أشهر قبل الانتقال، وخاصةً صغار المديرين، فهم يحتاجون للدعم لستة أشهر تالية على الأقل.
كما أنهم بحاجة إلى مجموعة من المهارات والخبرات الفنية التي ترتكز على العمل مع فريقهم الجديد، وذلك فيما يتعلق بأمور مثل ولائهم للمدير السابق أو سمعة الفريق.
وهنا تتضح فائدة كلاً من الدعم الرسمي (التدريب) والدعم غير الرسمي (المُساعدة والتوجيه).
ومن شأن المنظور المنهجي الخاص بالتعلم والتنمية أن يتضمن تدخلات موجَّهة بقدرٍ أقل فيما يتعلق بثغرات المهارات القائمة بذاتها، مقارنةً بالمزيج المعقد من المهارات المطلوبة لحالاتٍ معينة.
الاحتفاظ بالموظفين. قد يصبح الاحتفاظ بالموظفين هدفًا في حد ذاته ببساطة، عندما يكون من الضروري، من الناحية العملية، أن تستمر العلاقة بين صاحب العمل والموظف طالما تُحقق هذه العلاقة احتياجاتهم وتتوافق معها.
وأحد مجالات بحثي المستمر هي ظروف المُغادرة: وهي الظروف الحياتية التي تزيد احتمالية مُغادرة الموظفين.
(على سبيل المثال، عندما يصبح الشاب أبًا لأول مرة، فإن ذلك يؤدي إلى إجراء مُقارنات مُتعجلة بين عمله وأعمال أقرانه وزملائه.)
  يشجع الأسلوب المنهجي على إجراء محادثات متكررة بين الموظف ومديره لتحديد ظروف المُغادرة المُحتملة الناتجة عن عمله وحياته غير العملية، والسعي إلى المواءمة حيثما أمكن وتوضيح ذلك صراحةً عندما تصعُب المواءمة. وعلى أقل تقدير، يسمح ذلك للطرفين بالتخطيط للانفصال، والحد بشكلٍ كبيرٍ من الصدمة والانزعاج.
تسريح الموظفين. من الأمور الجيدة أن نعتقد أن قصص الرعب التي تدور حول الموظفين الذي يُطالَبون بتنظيف مكاتبهم ويُغادرون المؤسسة فور الاستقالة قد أصبحت من الماضي.
وأما الفكرة القائلة بأن الموظف الذي يُغادر عمله لا يتسم بالولاء، فليست عقلانية ولا صالحة في عالم الأعمال.
تُصبح الأضرار التي تلحق بسمعة صاحب العمل مؤثرة للغاية إذا تَرَك الموظفون أعمالهم فيها بعد معاناة.
يُراعي الأسلوب المنهجي أنه سواءً ترك الموظفون أعمالهم من تلقاء أنفسهم أو أُقيلوا، فهم جزء من نظامٍ اجتماعي أوسع نطاقًا بكثير له تأثيرات متعددة على سلامة كيان الشركة.
تُعيدنا كيفية تعامل الشركة مع تسريح الموظفين إلى الخطوة الأولى من دورة حياة المواهب: كيف يمكننا إدارة عملية الفصل بطرق تعزز الأعمال التجارية لصاحب العمل بدلاً من أن تُهددها؟
إذا اعتبرنا أن كل موظف سابق سفيرًا للشركة، فإن ذلك يُبقي خطوط التواصل مُتاحة.
وجد بعض كبار هيئات الاستشارات الإدارية، والتي تبنت هذا المبدأ، أنه يؤدي إلى استمرارية تدفق الأعمال من قِبل الموظفين السابقين الذين يؤدون حاليًا أدوار العملاء.
إعادة التوظيف. يمثل هذا العنصر الأخير من دورة حياة المواهب ظاهرة متنامية.
إذا شعر الموهوبون بالدعم عندما يغادرون مؤسسة وفي أثناء عملهم فيها، فإنهم غالبًا يُرحبون بالعودة للشركة بعد أن تراكمت لديهم خبرات جديدة ومختلفة.
سيؤثر كل عنصر من العناصر الثمانية الأخرى على شعوره بالعودة للشركة.
تُراعي أساليب إدارة المواهب المنهجية أوجُه الترابط بين كل عنصر من هذه العناصر وتعمل على تنميتها.
ورغم إمكانية استثناء عملية إعادة التوظيف، فإن فشل أحد هذه العناصر يمثل فشلاً لكامل النظام.
ويعد الحوار المستمر بين جميع أصحاب المصلحة، داخل المؤسسة وخارجها على حدٍ سواء، المفتاح لتصميم وتنفيذ الأساليب المنهجية.

استشارات موارد بشرية وتدريب
https://hrandtraining.blogspot.com.eg/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق