الخميس، 15 فبراير 2018

الثقافة المؤسساتية تبني استراتيجياتها الخاصة لتنافس الاستراتيجيات التي وضعتها المنظمة



اصنع ثقافتك أو اجعلها تصنعك. الثقافة وعلى عكس استراتيجياتك تهدف لتسخير المنظمة لمنفعة الأفراد بينما أنت هاهنا تخطط لتسخير موظفيك لمنفعة المنظمة. فكلما حاولت أن تدفع بأفكارك لتحقق النجاح للجميع ستقوم الثقافة بخلق بيئة عمل تربط الأفراد ببعضهم وتعينهم على تحمل أعباء العمل تاركةً تلك الاستراتيجيات التي تعبت في تخطيطها مجرد حبر على ورق. فمهما حاولت أن تقنعهم بأن مصلحتهم تقتضي أن يتبعوا الخطة التي رسمتها فكل ما ستلقاه هو ابتسامة و "حاضر طال عمرك" ومن ثمة طعنة في ظهر أفكارك ورميها في السيل الذي يجرف معه جميع الأحلام والمستقبل الخلاب الذي تمنيته للمنظمة.
لا يمكن التخلي عن الثقافة بسهولة حتى وإن كانت سلبية
بسبب ولائنا الفطري للثقافة التي ننشأ فيها يصبح من الصعب علينا التخلي عنها. فهي التي بنت لنا ذكرياتنا وهي التي صنعتنا منذ أن كنا صغاراً. هذا الشعور تجاه الثقافة لا يقتصر على الثقافة الاجتماعية فالإنسان يعامل أي مجموعة ينتمي لها وكأن لها ثقافتها الخاصة. إذا لم تتوافق مبادئه وقيمه معها رفضها وانصرف عنها (أحد الأسباب الرئيسية لاستقالة الموظفين الموهوبين فهم يعرفون بيئة العمل الفاسدة ويدركون خطرها عليهم)، وأما إذا راقت له أو أنه لم يدرك جوانبها الخفية، انخرط فيها وتقبلها. والثقافة بشكل عام تدخل العقل بالتدريج فنتقبل مبدئياً جزءاً منها ولكن مع مرور الوقت تغرس جذورها فينا وتسقينا من قيمها ومبادئها فتبدأ بتحويلنا بشكل بطيء مستمر حتى نصبح أذرعاً لها فنأمر بما تأمر وننهى بما تنهى. وإن حاول شخص تحدي الثقافة التي صنعتنا بالعقل والمنطق فهو يشكل تهديداً واضحاً بزعزعة الأمان الشخصي لدينا وهو بذلك يحرض على عصيان هذا الكيان النبيل. وهنا أصبح من واجب كل من ينتمي لهذه الثقافة والتي باتت كياناً مبجلاً أن يدافع عنها بأي طريقة كانت ويقاوم الأفكار التي تهدف لتشويه صورتها. لذلك من الصعب جداً للناس إدراك مدى انغماسهم في ثقافتهم المؤسساتية. فهي تأثر بهم بشكل سلس وتدريجي وتقولب قيمها ومبادئها بالحجج العقلانية لتبين لنا أننا نتخذ قراراتنا على أسس فكرية موضوعية.
ليس الهدف من هذه المقالة أن أشير إلى أن الثقافة المؤسساتية هي السبب الوحيد في هدم التخطيط الاستراتيجي. فالثقافة بحد ذاتها ليست سيئة أو جيدة فهي وإن لم يكن هناك تخطيط مسبق ببناءها قامت بتشكيل نفسها بشكل عفوي ولا يقع اللوم أو الفضل في انتشارها على شخص معين. ولكن الثقافة الفاسدة تفسد كل محاولات تغييرها فهي أيضاً تتمتع بغريزة البقاء وتنوي الاستمرارية على مدى الأزل.  لذلك بات من الضروري لنا أن ندرك قوة الثقافة في المنظمات حيث يساعد ذلك في تحليل أهم أسباب فشلنا في تحقيق التغيير الذي نرجوه للمنظمة. سأقف هنا آملا أن نكون مستعدين إلى ضم هذا المفهوم إلى قاموسنا الإداري وعازمين على وضع الثقافة المؤسساتية نصب أعيننا كلما أردنا أن نخطو خطوة في طريق النجاح

استشارات موارد بشرية وتدريب
https://hrandtraining.blogspot.com.eg/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق