الأربعاء، 10 يونيو 2015

إدارة المعرفة - عصر المعلومات

قد أدى التطور الهائل في تقنية المعلومات وما صاحبها من طفرات تقنية مماثلة في مجالات الإلكترونيات والاتصالات والبيولوجيا الحيوية، فضلاً عن التغييرات الجذرية في النظم والأوضاع والعلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبروز ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، إلى اهتمام مكثف بالإنسان والتنمية البشرية باعتبارهما غاية كل تقدم اقتصادي ومادي. وبنفس المنطق فإن الاهتمام بالإنسان كمصدر للفكر والإبداع تخطى بمراحل النظرة التقليدية له باعتباره عنصر من عناصر الإنتاج يتمتع بقدرات جسمانية ومهارات يدوية فنية بالدرجة الأولى. 
*- من عصر المعلومات إلى عصر المعرفة
يتفق الكثيرون من المفكرين والكتاب المعاصرين أن العالم يعيش الآن مرحلة مختلفة ومتميزة عما سبقها من مراحل ، وقد شاع استخدام تعبير "عصر المعلومات" لوصف هذه الحالة التي تتميز بما يلي :-
**- سيطرة المعلومات على مختلف مجالات الحياة وبروز صناعة المعلومات باعتبارها الركيزة الأساسية في بناء الاقتصادي الوطني.
**- بروز الخدمات باعتبارها الجانب الأهم في النشاط الاقتصادي.
**- بروز الأنشطة الفكرية في تأثيرها الواضح على المنظمات والأنشطة في مختلف المجالات.
**- تزايد جرعة المعلومات في تكوين السلع والخدمات بحيث أصبحت تمثل النسبة الغالبة من تكلفة الإنتاج.
**- الاستثمار المكثف لنتاج الفكر الإنساني المتمثل في البحوث والدراسات والتحليلات الفكرية والمبتكرات المستحدثة في مختلف آليات معالجة متطلبات الحياة.
**- الاستثمار المكثف لتقنيات الحاسب الآلي والاتصالات والإلكترونيات والمزج بينهما لتحقيق على درجة من التواصل والعمل في الوقت الحقيقي.
**- التطوير المتسارع في المكونات البرامجية وتيسير التعامل بالحاسب الآلي في مختلف المجالات.
**- الإنتاج الكبير المتسارع للمعلومات، وارتباط إنتاجها بالمستخدمين لها في شبكات محلية وإقليمية وعالمية هي في ذاتها متشابكة.

ومن ثم صار الاهتمام بالعلم والبحث العلمي ركيزة أساسية في المنظومة العالمية الجديدة ، وأصبح نتاج العقل الإنساني وتراكم الإبداع العلمي والتقني متمثلاً فيما يسمى "المعرفة" سمة العصر الجديد أو عصر المعرفة. ويعبر دركر عن تلك التحولات المؤدية إلى بزوغ وسيطرة المعرفة تدرجاً وانتقالاً من عصر المعلومات كما يلي :-
**- إن المعيار الأهم لتقييم المدير هو مدى صعوبة عمله ، وحجم أنواع المعلومات التي يستخدمها وينتجها.
**- إن المعلومات تحل محل السلطة الآن.
**- لا يكفي أن يعرف المدير ما حوله، بل يجب عليه أيضاً معرفة نفسه.
**- إن العالم يتحول الآن من نظام يقوم على الأوامر أو استخدام السلطة، إلى نظام يقوم على المعرفة.

وقد أدخل دركر تعبير "عمال المعرفة" للدلالة على التحول الجذري الذي يحدث في مختلف مجالات العمل حيث ركيزة النجاح الآن ليس من يستخدمون السلطة أو المهارات اليدوية ، بل المسلحون بالمعرفة من باحثين وخبراء ومصممين في فروع العلم والمعرفة المختلفة يوظفونها لتحقيق أهداف منظماتهم.

ونتيجة لهذا التحول فقد زادت نسبة المشتغلين أصحاب المعرفة في مختلف المنظمات عن غيرهم، وهؤلاء هم الذين يباشرون ما يسميه الأنشطة المعرفية وهي المصدر الحقيقي للقدرة التنافسية لأي منظمة حيث تشكل منها قدراتها الأساسية وهو يعدد مظاهر أهمية هذه الأنشطة المعرفية وآثارها في المنظمات المعاصرة على النحو التالي:
**- إن الأنشطة المعرفية تحتل الأماكن الأكثر حساسية وتأثيراً في سلسلة القيمة لأي منظمة سواء في مجالات الإنتاج السلعي أو الخدمات.
**- الأجدر بالإدارة أن تركز اهتمامها على تنمية الأنشطة المعرفية ومن ثم "القدرات الأساسية" لتكون على مستوى متميز فيما تباشره من أعمال وإلا فإنها تخسر كثيراً إذا باشرت أنشطة هناك من يباشرها أفضل منها، والأجدر أن تتخلص منها وتعتمد على تلك المنظمات الأعلى تميزاً في الحصول على ما تحتاجه من تلك الأنشطة. وهذا ما يعبر عنه "بالاستناد إلى الغير".
**- إن الاستثمار الأمثل لتلك الأنشطة المعرفية يجب أن يتجه إلى الوصول بالنشاط إلى مستوى "الأحسن في العالم" وهو ذلك المستوى الذي يميز المنظمة ولا تجاريها فيه أي منظمة أخرى.
**- إن إعمال هذا الفكر يتطلب بالضرورة مراجعة كاملة لكل المفاهيم والأسس والقيم والأفكار التي قامت عليها المنظمات سابقاً والتي تحددت على أساسها العلاقات والحدود بين الصناعات والقطاعات المختلفة في الاقتصاد الوطني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق