الجمعة، 1 فبراير 2019

ما هي حوكمة الشركات ؟



إن ما يشهده العالم اليوم من تحرير لاقتصاديات السوق وما يتبعها من تغيرات في أسواق المال ، وما يترتب عليها من نتائج اقتصادية لها تأثير بالغ على الاقتصاديات الوطنية ، قد أدى إلى زيادة حدة المنافسة ، وفي أحيان أخرى أدى إلى حدوث انهيارات مالية ، نتيجة قيام العديد من الشركات بممارسات إدارية ومالية خاطئة والتي تمثل نوعا من التصرفات المهنية غير الأخلاقية من قبل الإدارة بصفتها وكيلا عن المساهمين وذلك سعيا وراء تحقيق مصالح شخصية على حسابهم.
لقد شهد عالم المال والأعمال في الآونة الأخيرة جملة من التحولات والتغيرات الناجمة في معظمها عن عديد الأزمات المالية والاقتصادية والتي هزت العديد من الاقتصاديات ، لتبرز حوكمة الشركات كأحد المواضيع الملحة على جدول أعمال الشركات والمنظمات الدولية ، إذ أن هناك الكثير من الأحداث السلبية التي استحوذت على اهتمامات مجتمع الأعمال الدولي وكذا المؤسسات المالية الدولية.
ولا ريب إن قلنا أن أسباب هذه الاضطرابات تعود في معظمها إلى الفساد المالي والإداري ، علما أن الفساد المالي يرجع في أحد جوانبه إلى دور مراجعي الحسابات وتأكيدهم على مدى صحة القوائم المالية وما تتضمنه من معلومات محاسبية ، هذه الأخيرة التي تشكل النواة الأولى التي تبنى عليها قرارات الشركة حيث أنها تعبر عن القيمة الاقتصادية لثروتها في لحظة معينة.
ولما تزايد الاعتماد على المعلومات المحاسبية المستمدة من القوائم المالية ، وذلك نتيجة التغيرات الحاصلة في البيئة الاقتصادية والمتمثلة في اتجاه الدولة نحو خصوصية العديد من الأنشطة الاقتصادية ، فإن تحليل تلك المعلومات من شأنه أن يعطي رؤية أوضح لمتخذي القرار ، إلا أن المرونة الممنوحة إلى إدارة الشركة للاختيار بين بدائل السياسات المحاسبية قد يشكل نوعا من التلاعب واغتنام الفرص لتحقيق أرباح غير عادية ، مما قد يؤثر على مصداقية المعلومات ومحتواها الإخباري.
من هنا تتجلى أهمية الإفصاح في الحفاظ على عدالة الفرصة ومصداقية المعلومات الواردة إلى السوق ، مما يعزز الثقة في هذه المعلومات ويسهم في تنشيط السوق وتحقيق كفاءته ، وبهذا تظهر العلاقة بين إتاحة المعلومات وتطبيق مبادئ وإجراءات الحوكمة في سبيل الحد من أعمال الغش والتلاعب ومن ثم رفع كفاءة السوق ، وذلك من خلال الاعتماد من جهة على هذه المعلومات في ممارسة الرقابة على مختلف جوانب أداء الشركة ، ومن جهة أخرى إعادة الثقة لدى المتعاملين في أسواق المال ، مما يساهم في تحسين المناخ الاستثماري على المستوى المحلي أو الدولي.
وفي أعقاب الأزمات الاقتصادية والمالية التي شهدها العديد من دول العالم ، والتي كان من أبرز أسبابها نقص الإفصاح وانعدام الشفافية وغياب المساءلة في الشركات ، إضافة إلى استخدام أدوات مختلفة للتلاعب في السياسات المحاسبية بقصد التأثير على البيانات المحاسبية ، مما دعا إلى ضرورة الاستعانة بآليات حديثة للإدارة والرقابة تساهم في تحسين جودة المعلومات المحاسبية المنشورة بما يرفع من مستوى الإفصاح ليكون بذلك الأثر إيجابيا على مستوى أداء الشركات وعلى مستوى كفاء السوق المالي ، ألا وهي حوكمة الشركات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق