اذا توخينا الدقة في البحث عن جذور المشكلة وليس الحديث عن العموميات نستطيع أن نرصد عددا من النقاط أثرت ولا تزال تؤثر بشكل متزايد في الترهل الوظيفي والإداري منها :-
1- التزام الدولة غير المحدود بتأمين فرص عمل للخريجين من الجامعات في بعض التخصصات ، حيث أدت هذه السياسة إلى زيادة في القوى العاملة في بعض الوظائف ونقص في بعض الاختصاصات ، وتوسيع ملاكات الهيكل الإداري حيث تقوم الهيئات والمؤسسات والإدارات الحكومية بتوسيع ملاكاتها مسوغة ذلك بإعادة الهيكلية من أجل زيادة النشاط الإنتاجي.
2- الفساد الإداري والذي يعتبر السبب الرئيسي في تعيين العاملين لدى المؤسسة دون الأخذ بعين الاعتبار الكفاءات والتخصصات والمؤهلات والمهارات اللازمة والمناسبة.
3- كل الناس يرغبون في العمل لدى الدولة قبل الغوص في ايجاد الحلول لمشكلة البطالة المقنعة والتي هي موجودة فعليا كمرض متفشي في جميع مؤسسات ومنظمات القطاع العام ، ويجب أن تدرس وتعالج على هذا الاساس وليس على اساس أنها ظاهرة بيروقراطية تعالج بالشعارات.
4- لابد لنا من البحث في جذور المشكلة وتحليل أسبابها بعلمية فإن علمت الأسباب هان على المشرع وصاحب القرار اصدار قراراته على أرض الواقع.
5- مشكلة البطالة المقنعة بحسب خبرتي في القطاع الخاص والعام تتلاقى فيها العوامل الشخصية والامور الإدارية والتنظيمية للمؤسسات والمنظمات صعودا إلى سياسات الدولة فيما يتعلق بأنظمة وقوانين العمل " التسريح أو الاستيعاب أو المعاشات " مرورا بالنقابات العمالية.
6- الوساطات لا اعتقد أنه يمر يوم على مدير أو مدير عام أو وزير إلا ويطلب منه أحد ما توظيف أو تعيين شخص سواء من أقاربه أو اصدقائه أو المسؤولين والمتنفذين.
7- الملاكات من المفترض أن يكون لدى كل مؤسسة أو منظمة ملاك معتمد "بعض المنظمات ليس فيها ملاك معتمد "ولكن غالبا ما يتم تجاوز هذه الملاكات العددية والتحايل عليها من خلال التعيين بعقد أو بالوكالة أو غيرها من الطرق وذلك تلبية لحاجات معينة أو لتلبية الوساطات.
8- تهميش بعض الكوادر الموجودة ويتم ذلك خاصة عندما يستلم مسؤول جديد وزير أو مدير عام مسؤوليته فيبدأ عملية تصفية حساب مع من سبقه.
9- عدم القدرة على تسريح أو إنهاء عمل المتقاعسين وعديمي الفائدة وذلك لان قوانين العمل تحميهم مهما تقاعسوا أو تراكمت اخطاؤهم.
10- تدني الاجور مع إيجاد عمل ثان فيضطر كثير من العاملين إلى إيجاد عمل ثان نتيجة عدم كفاية الاجر الذي يتقاضاه للقيام بأعباء اسرته وغالبا ما يكون العمل الثاني لدى جهة خاصة تستثمر جهده الكامل أو القيام بأعمال خاصة مجهدة ولساعة متأخرة من الليل فيأتي إلى العمل منهكا في صباح اليوم التالي ولا يقوم بواجبه بالشكل الكامل أو ينتهزها فرصة للاستراحة وحتى النوم أثناء ساعات الدوام اذا لم يتسن له الهروب من الدوام وتزداد بطالته يوما بعد يوم حتى تصبح هي السائدة.
11- عدم قدرة وفعالية القطاع الخاص على استيعاب العاطلين فعليا عن العمل.
12- هجرة الاختصاصيين والخبراء من المشاكل الكبيرة التي يعانيها القطاع العام هي هجرة الكفاءات والاختصاصيين سواء كانت هجرة داخلية " قطاع خاص ومشاريع خاصة أو هجرة خارجية ".
13- سياسة الاستيعاب حيث درجت الدولة في مراحل متعددة على تبني سياسة الاستيعاب لبعض الخريجين من الجامعات والمعاهد ولا تزال تنحو هذا النحو حتى الآن ولو جزئيا مما فرض على المنظمات قبول جميع من يحال اليهم من رئاسة مجلس الوزراء والوزارات المختصة والحاقهم بالعمل حتى ولو لم تكن بحاجة اليهم مما أدى إلى تراكم أعداد منهم بدون عمل.
14- الفساد الإداري هو جزءا من المشكلة يكمن في المديرين أنفسهم فالمدير الذي يتابع مصالحه الشخصية أكثر مما يتابع شؤون المؤسسة أو يقضي وقتا خارج العمل أكثر مما يقضيه في مؤسسته لن يكون قادرا على متابعة العمل والعاملين بجدية والتأكد من توزيع العمل بالشكل المناسب على العاملين ، ويصبح العمل محصورا بعدد من الاشخاص القريبين من المدير فيبدأ التسيب ولا يعبأ الآخرون بتنفيذ ما هو مطلوب منهم طالما أن المسؤول عن المنظمة غير عابئ بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق