اتجاهات قياس الأداء

لكي تبقى منشأة الأعمال وتنمو , يجب عليها الوفاء بأهدافها المعلنة . ولكن كيف لنا أن نعرف إن كانت المنشأة تفي بأهدافها , مثلما نذهب إلى الطبيب لإجراء فحص طبي للتأكد من عافيتنا البدنية , يجب على المنشأة أيضاً أن تراقب صحتها , وهي بحاجة إلى قياس أدائها بصورة متكررة لتقييم أدائها الماضي , والتعرف على النواحي التي يجب أن تتحسن فيها في المستقبل .

ومن الناحية التاريخية , وفي ظل زيادة المعروض لمواكبة الطلب المتنامي على المنتجات الاستهلاكية , أصبحت إنتاجية المشروع أهم مقياس للأداء , ومع تناقص الفجوة بين العرض والطلب وازدياد المنافسة , توافرت أمام العملاء اختيارات أفضل , وبدأوا يطالبون بخواص أكثر وخدمة أفضل . ودفع طلب العملاء الشركات إلى الابتكار والتنويع من أجل النمو , وأصبحت منشآت الأعمال أكثر تعقيداً , وهكذا فقد أصبحت الإنتاجية وحدها مقياساً غير كاف لأداء المنشأة التكنولوجيا والعولمة

كان ظهور الترانزيستور  Transistors  الابتكار الكبير التالي في مجال الأعمال , فقد سرَّع الترانزستور من نمو تكنولوجيا الحاسبات والمعلومات , وأدى ذلك إلى تطبيقات ساعدت على إنتاج منتجات وخدمات أرخص ثمناً وأكثر دقة وأعلى جودة . ويُعد إعلان نشرته إحدى شركات صناعة السيارات عام 1998 وتفاخرت فيه بأن أحدث سياراتها توجد بها اليكترونيات أكثر من تلك الموجودة على متن مركبة الفضاء أبوللو (13) , مثالاً يبيّن كيف أدى السعي وراء زيادة وظيفية المنتجات إلى المزيد من التطورات التكنولوجية , وهذه التطورات التكنولوجية غيّرت أسلوب أداء الأعمال بصورة جوهرية .

وفي ظل التكنولوجيا , صارت المسافات أقصر وأصبح العالم سوقاً واحدة كبيرة , وأدى التقدم الهائل في مجال الاتصالات عن بُعد , والتكنولوجيا المعتمدة على استخدام الإنترنت إلى اختصار زمن الانتقال بين مكانين إلى ثوان معدودات. بعبارة أخرى , يمكن تبادل المعلومات في أي مكان في العالم تقريباً في غضون ثوان قليلة , وساعدت هذه التطورات على تقليل تأثير فروق المناطق الزمنية والحواجز الثقافية , وفي توزيع الإنتاج في أنحاء العالم , فالشركة العالمية العاملة في سوق الملابس الجاهزة , والتي لها محلات تجزئة في الولايات المتحدة يمكن أن تنتج منتجاتها في الصين وتدير أعمالها بواسطة برامج تخطيط موارد المشروعات المكوّدة في إسرائيل , وتزود مركز خدمة العملاء التابع لها بممثلين عنها في الهند .

كذلك فقد خلق التكامل العالمي والمنافسة المتزايدة ديناميكيات عمل صعبة . على سبيل المثال : نتج عن النمو الهائل في صناعة الاليكترونيات وما بها من ضغوط تنافسية حدوث انخفاض في هوامش الربح برغم ارتفاع مستوى الابتكار والتميّز . ويتمثل التحدي الحقيقي في تحقيق نمو من خلال الابتكار والتميّز مع المحافظة على ربحية مرتفعة في الوقت ذاته .

وبالإضافة إلى التغييرات التي سببتها التكنولوجيا والعولمة , تعمل منشآت الأعمال في بيئة تتسم بتكرار الاندماجيات والاستحواذات , ومنافسة من المنتجات الموازية والبديلة , وتهديدات من المشترين والموردين , والتميّز في هذه البيئة يتطلب نظاماً شاملاً للتقارير يمكنه أن يرصد نبض السوق بدقة , ونظاماً لقياس الأداء يوفر تغذية عكسية تضمن الاستجابة في الوقت المناسب ويمكن استخدامها في أغراض المراقبة والتحسين أيضاً .

ربنا يوفق