الأحد، 23 يونيو 2019

التحرش في العمل


المجتمعات العربية تنظر إلى التحرش الجنسي على أنه سلوك سيئ ومنحدر ، وغير مقبول دينيا وأخلاقيا واجتماعيا ، ومع ذلك تشهد هذه المجتمعات حالات كثيرة جدا من التحرش ، ويبرئ المتحرشون أنفسهم بأن يتحججوا بلباس المرأة وكيف أنه يثير غرائزهم ، أو أنهم لا يستطيعون السيطرة على أنفسهم ، وعلى ذلك فإن للأسرة والمجتمع دور في القضاء على هذه الظاهرة.

التحرش من وجهة نظر المجتمع :-
تعاني مجتمعاتنا العربية على وجه الخصوص من العديد من المشكلات التي تضاعف من حجم ظاهرة التحرش ، ويتمثل جزء كبير من هذه المشكلات في:-
1- اعتبار التحرش ظاهرة فردية وعدم الاعتراف بها كمشكلة اجتماعية جادة.
2- اعتبار التحرش عائدا لنمط ملابس معين واستغلال ذلك في إلقاء اللوم على الضحايا.
3- إطلاق أحكام معممة على تدني أخلاق الفتيات جميعهن دون براهين موضوعية.
4- عدم تقديم المتحرشين للمحاكمة القانونية بداعي الحفاظ على مستقبله.
5- رفض الإبلاغ عن جرائم التحرش بداعي الخوف من الفضيحة.
6- تدني المستوى الأخلاقي لنسبة كبيرة من الأعمال الفنية مما يؤدي إلى ترويج مفاهيم منحرفة مثل التحرش والبلطجة ....الخ.
7- معاملة الابن في المنزل على أنه صاحب سلطة على أخته بشكل مطلق ، وليس كأخ يفترض به حماية أخته ودعمها وليس السيطرة عليها ككائن أدنى.
8- المدارس الحكومية التي يتعلم بها أغلب الأطفال تكون منفصلة – غير مختلطة – مما يجعل الطفل غير مؤهل للتعامل بشكل سوي مع الجنس الآخر.

خرافات حول أسباب التحرّش الجنسي :-
هناك العديد من الخرافات والمفاهيم الخاطئة حول التحرش الجنسي ، والتي تظهر الدراسات الإحصائية كونها مفاهيم غير صحيحة عن أسباب التحرش ، وسوف نعتمد في حديثنا هنا على دراسة أجرتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي على عينة من السيدات في مصر تنوعت بين عدة مدن لتجميع عينة معبرة قدر الإمكان عن الواقع.
1- خرافة التحرش لا يحدث إلا للسيدات اللاتي يمشين في الشارع في أوقات متأخرة :-
تشير الدراسة إلى أن نسبة التحرشات التي تحدث في المساء بعد الساعة العاشرة لا تتجاوز 10% ، بينما أكثر من 12% تحدث في فترات النهار ، وأكثر من 65% تحدث طوال اليوم دون اعتبار للتوقيت.
2- خرافة التحرش مجرد حادثة عابرة وليست ظاهرة :-
تشير الدراسة إلى أن ما يقارب 50% من السيدات في العينة يتعرضن للتحرش بشكل يومي ، بينما 19% يتعرضن للتحرش بشكل أسبوعي ، وقد أفادت أقل من 4% من السيدات أنهن قد تعرضن للتحرش مرة واحدة فقط.
3- خرافة التحرش يصدر من فئة معينة من المهن :-
تشير الدراسة إلى ارتفاع معدلات حدوث التحرش بالفعل من بعض الفئات مثل السائقين والحرفيين والعمال والتي يمارس 50% سلوكا ذا علاقة بالتحرش وفقا للدراسة ، لكن رغم ذلك فإن هناك العديد من الفئات الأخرى التي يمكن أن يصدر منها التحرش ن فعلى سبيل المثال يمكن أن يصدر التحرش بنسبة 10% من زملاء العمل ، وبنسبة 15% من أفراد الأمن المفترض بهم حماية الضحايا في الأساس ، وبنسبة 7% قد يحدث التحرش من أقارب ، ولكن أعلى النسب التي ترتبط بالتحرش هي تلك المرتبطة بطلبة المدارس والجامعات حيث إن 60% منهم يمارسون التحرش وفقا للدراسة.
4- خرافة التحرش ينتج فقط من الكبت الجنسي :-
هذا المعتقد خاطئ حيث إنه وفقا للدراسة التي ذكرناها فإن ما يقارب 60% فقط من المتحرشين يمارسون ذلك بهدف الحصول على إشباع جنسي ، بينما ما يقارب 25% يمارسون فعل التحرش بدافع العادة لا أكثر و25% آخرون يمارسون هذا الفعل المنحرف بهدف إثبات الذكورة وزيادة الثقة في النفس.
5- خرافة التحرش يحدث في الأماكن الخطرة فقط :-
تشير الدراسة إلى أن احتمالات حدوث التحرش في الشوارع والمواصلات العامة تزيد عن 80% ، مقارنة بنسبة تقارب 60% في كل من الأسواق والشواطئ الصيفية.
6- خرافة التحرش يحدث للفتيات سيئات الخلق فقط :-
تشير الدراسة إلى أن هناك 90% من الطالبات يتعرضن للتحرش ، وأكثر من 60% من السيدات العاملات ، وأكثر من 40% من ربات البيوت. والأكثر أسفا هو أن حتى الفتيات المصابات بإعاقة ذهنية لا ينجون من التحرش حيث تصل نسبة التحرش بصاحبات الإعاقة الذهنية لأكثر من 15% وفي الإجمالي فإن نسبة 99% من السيدات والفتيات في عينة البحث قد تعرضوا لأحد أنواع التحرش مرة على الأقل في حياتهن.

التحرش الجنسي ظاهرة تهدد المجتمع :-
يتمثل خطر ظاهرة التحرش على المجتمع في انعكاساته السلبية على الضحايا واللاتي غالبا ما يفتقدن فرصة الحصول على حقهن بشكل قانوني مما ينعكس عليهن بعدة طرق مثل " الخوف من التواجد في الشارع وافتقاد الأمان - كراهية الجسد وانخفاض تقدير الذات - النفور من العلاقة الحميمة مع الزوج - النفور من الذكور بشكل عام وفقدان الثقة في التعامل معهم - النفور من فكرة الزواج والارتباط - تكون مفاهيم مغلوطة ومكروهة عنه - وقد تصل الأمور في بعض الحالات للرغبة فيه - وتتفاقم هذه الانعكاسات النفسية الخطيرة مع عدم الحصول على مساعدة نفسية متخصصة ومع التعرض المتكرر لنفس التحرشات" ، مما ينتج عنه في النهاية " انخفاض القدرة على العمل والإنتاجية - انخفاض الحماس الدراسي وتدهور نتائج الامتحانات - ضعف الانتماء للمجتمع وفقدان الثقة فيه - عدم القدرة على بناء علاقات إنسانية طبيعية نتيجة الخوف المفرط من الآخرين.

نصائح لتجنب التحرش في العمل :-
1- يجب التفريق بين زمالة العمل والتحرش ، فهناك من يتقرب منك ويتحدث معكي في أمور تخص العمل فقط ويمكن أن يسأل في حدود أن يطمئن عليكي ، ولكن في حال اتجه في حديثه إلى أمور شخصية دقيقة أو ذكر محاسنك أو ملاحظات حول ملابسك مثل "ملابسك شيك جدا" ، ولكن بطريقة غير مهذبة ، في هذه الحالة يجب أن تنهي الحديث معه.
2- يجب أن تتحلي بالشجاعة الكافية ، فليس هناك حرج إذا شعرت بسلوك أو تصرف غير مهذب من شخص ما ، أن "تصديه" أو تعامليه بشكل صارم ولا تتجاوزي الأمر ، وتوضحي له أن تلك أمور شخصية ولا يحق له التدخل فيها.
3- عليكي أن تلتزمي بقواعد الشركة بخصوص الملابس ، فإذا كان هناك "يونيفورم" محدد يجب أن تلتزميه ولا يكون جرئ أو لافت للنظر بشكل مبالغ لأن ذلك من شأنه يجلب لك المضايقات.
4- يجب التعامل مع الأمر على أن لكِ حقوق ويجب أن لا تتهاوني معها، وخجلك وشعورك بالحجر وصمتك عن حقوقك يشجعك المتحرشين على أفعالهم.
5- الاطلاع جيدًا على قوانين الشركة فيما يخص التعرض للتحرش أو مضايقات من زملاءك في العمل ، وما هي الإجراءات التي يجب إتباعها.
6- المواجهة والحديث بشكل مباشر أفضل حل ، فالمتحرش هو الشخص الذي يجب أن يخاف ويشعر بالضعف وليس أنت.
7- إذا ألقي زميلك أو مديرك بنكتة خادشة للحياء حتى وان كانت على مسمع من الآخرين و لم يوجهها بشكل شخصي إليك فقد يكون متعمداً أن تسمعيها ليشاهد رد فعلك، ينبغي حينها أن تعلني له أمام الجميع و بكل ثقة أن ذلك لا يجوز في مكان العمل و ينبغي له مراعاة وجود البنات و السيدات ، لا تخجلي من قول ذلك و إلا سيصبح أمراً اعتيادا من الجميع.
8- ارفضي الكلمات المعسولة، ارفضي مديحاً يحمل أكثر من معنى، فالمثل القائل "إن السكوت علامة الرضا" صحيح تماماً. فإذا أراد أحدهم المرور من أسوارك التي وضعتها، و لم تقولي له "قف"، فسيستمر في اجتياز الأسوار. ارفضيها بالطريقة المناسبة والتي قد تكون كلمة صغيرة مغلفة بالرسمية والاحترام، وقد تكون مقاطعة اندفاع كلماته المعسولة، أو باستخدام إيماءات الوجه. وحتى لو كان هناك من يقبل هذه الطريقة في التعامل، فلا تسايريهم، حتى لو اتهمك الآخرون بالانغلاق، فلكل منا طريقته في بناء أسواره والحفاظ عليها، أو تركها بلا حارس أو ضابط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق