الأحد، 18 نوفمبر 2012

المسار الوظيفي

تعرض الادبيات المهتمة بالمسار الوظيفي إلى امكانية النظر إليه من ثلاثة منظورات الأول المسار الوظيفي للوصول إلى الوظائف العليا، ويتضمن هذا الجانب عناصر حركية لعمليات التطور والترقي داخل المؤسسات التعليمية. ويستند هذا المنظور إلى النزعة الفطرية لدى كل إنسان للسعي نحو كل ما هو أفضل والثاني بالمسار الوظيفي كمجموعة متواصلة من الوظائف، حيث يستند هذا المنظور إلى افتراض انه يمكن تناول المسار الوظيفي كنوع من التاريخ الوظيفي للفرد، وذلك من أجل الكشف عن الخبرات التي راكمها عبر مسيرته الوظيفية. والى أي اتجاه يمكن أن يوجه إليه.

اما المسار الثالث فهو المستقبل الوظيفي كمجموعة من الخبرات العملية والعلمية، حيث يستند هذا المنظور إلى الخبرات غير الوظيفية مثل الاهتمامات التقنية للفرد ونموه العلمي المتخصص، ويركز هذا التعريف على الجوانب الحادثة في الفرد من خلال نموه الذاتي أو اجتهاداته الفردية، وهي غالباً ما تتم بناء على تطلعات وآمال ورغبات الفرد ورؤيته للمسار الوظيفي الذي ينشده. وبالاستفادة من تلك المنظورات المعروضة يمكن تعريف المسار الوظيفي بأنه مجموعة من السلوكيات الفردية والتنظيمية المتواصلة ذات الصلة بالمهنة خلال حياة الشخص تهدف إلى المواءمة بين الشخص والوظيفة.

وتؤكد الدراسات أن تخطيط المسار الوظيفي يهم المؤسسة بالقدر نفسه الذي يهم كل موظفموظف على حدة، وكلاهما يهتم في سعيه وسلوكياته بتحقيق التوفيق بين الفرد والوظيفة، ويزداد الاهتمام لدى كل منهما حتى يمكن القول ان هناك مدخلاً فردياً ومدخلاً تنظيمياً لتخطيط وتطوير المسار الوظيفي.

ويركز المدخل الفردي على مساعدة الافراد في التعرف على اهدافهم ومستقبلهم الوظيفي، ومعرفة قدراتهم وامكاناتهم وتعريفهم بالادوات والوسائل الضرورية لتحقيق تلك الاهداف.

كما يركز هذا المدخل على جعل الفرد " الموظف" الذي يهتم بتطوير مستقبله الوظيفي يتأمل ذاتياً في مستقبله وواقعه الحالي، أي أن يتعرف على طموحاته وتطلعاته، ثم على قدراته ومهاراته، ثم على ما إذا كانت هذه القدرات كافية لتحقيق طموحاته، واذا كانت غير كافية .. فهل يوجد حل لذلك؟ وما هو الحل؟

ومن جهة أخرى يركز المدخل التنظيمي على اتباع اساليب إدارية مثل التدريب والترقية والنقل لوضع الموظف المناسب في الوظيفة المناسبة، وذلك تحقيقاً لأهداف المؤسسة التعليمية من الناحية الانتاجية وأهداف الفرد في الرضا عن الوظيفة والاقتناع بالعمل.

ويعمل المدخل التنظيمي على نطاق واسع، فهو يركز على الأنشطة التي تقوم بها المؤسسة من أجل تحقيق التوافق بين الفرد والوظيفة، وهي تتكون تقريباً من كل ممارسات إدارة الموارد البشرية. ويبدأ ذلك بتحديد احتياجات المؤسسة من العاملين والبحث عنهم في المصادر السليمة واستقطابهم للالتحاق بالوظيفة، يلي ذلك توجيه الموظفين الجدد في وظائفهم وتدريبهم لشغل الوظائف الجديدة ونقلهم وترقيتهم.

التخطيط للمسار الوظيفي
ولكي يتمكن الفرد من التخطيط لمساره الوظيفي بشكل جيد لابد من ان يستوعب ان هذه العملية تتكون من عنصرين الأول تفهم الفرد لنفسه، حيث يتصل هذا الشق بتصورات الفرد لذاته مثل قدراته واهتماماته وميوله وقيمه العليا. ويتسم هذا البعد بالعمومية، ويأخذ في الحسبان مجموعة من العوامل مثل ضرورة توافر المعلومات الصحيحة والدقيقة عن الوظيفية التي يتطلع لشغلها، والتأكد من وجود الخبرات التي تمكنه من المزاوجة بين الخصائص الشخصية وبين متطلبات الوظيفة، ثم التأكد من قدرة الفرد على معرفة اهتماماته واحتياجاته ورغباته وغيرها.

ويتمثل الشق الثاني في مناخ العمل الذي يعمل الفرد داخله ويتعامل فيه مع الزملاء والرؤساء وتقديم وتوفير المعلومات التي يحتاج اليها الفرد ليتعرف على الوظيفة التي سوف يشغلها، حيث ان الفرد الذي يتقدم لشغل وظيفة يكون لديه العديد من التصورات عن الوظيفة تختلف تماماً عن الواقع العملي لها.

كما لابد من التعرف على متطلبات الوظيفة، وهي عبارة عن توافر تنظيمات ووظائف تتناسب مع الافراد، وماهية متطلبات هذه التنظيمات والوظائف من تعليم وخبرات وخصائص نفسية وشخصية للفرد، والأهم من ذلك هو ادراكه لتوافر هذه المتطلبات فيه شخصياً.وتسعى عمليات التخطيط للمسار الوظيفي إلى تحسين حالات رضا الموظفين الوظيفية حيث يعتمد الرضا عن الوظيفة – بالنسبة لمعظم العاملين – على مدى تطابق المميزات المتعددة للوظيفة مع مميزاتهم الشخصية. بالتالي ينبغي ان تأخذ بعين الاعتبار العوامل المؤثرة على الرضا الوظيفي للعاملين ومنها القدرات الخاصة المطلوبة. تتطلب بعض الوظائف مستوى أعلى من الذكاء أو بعض القدرات الأخرى، مما قد لا يتوفر لدى معظم الناس والاعداد المطلوب حيث تختلف درجة الإعدادي المطلوبة لتولي وظيفة، من وظيفة لأخرى. وقد تتراوح بين ساعات قليلة من التدريب على رأس العمل، إلى الدراسة المتخصصة. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على العاملين في بعض المهن، الاستمرار في الدراسة للحفاظ على وظائفهم أو التقدم فيها.

كما يشكل الأمن الوظيفي عاملاً مهماً للعديد من الناس عند اختيارهم للوظيفة وكذلك فرص الترقي المتاحة لشاغل الوظيفة والمكانة الاجتماعية وهي الوضع أو المرتبة التي يحتلها الشخص في المجتمع الناجمة عن شغل الوظيفة.

أهمية التخطيط للمسار الوظيفي
وتشتد الحاجة إلى التخطيط للمسار الوظيفي في تلاقي اهداف كل من الفرد والمؤسسة في شكل علاقة، تتيح امكانية ان يتحقق للفرد ان يعمل في الوظيفة التي تناسبه وتجد المؤسسة التعليمية الشخص المناسب لوظائفها المتعددة المستويات ومن هذا المنطلق تبرز أهمية التخطيط للمسار الوظيفي، كما تتضح الحاجة إلى الاهتمام بعمليات التخطيط للمسار الوظيفي في المجال التعليمي لمجموعة من الأسباب ومن أهمها تحقيق اهداف الموظفين والمؤسسة التعليمية، فإن كان الموظفون يسعون إلى التطور في وظائفهم والاقتناع بها، فإن المؤسسة التعليمية تستهدف رفع الانتاجية وتحسين المخرجات التعليمية،، ويساعد تخطيط المسار الوظيفي لافرادها على تحقيق الهدفين معاً بالإضافة إلى تخفيف القيود على حركة الموظفين في التعليم، إذ ان غياب جهود تخطيط المسار الوظيفي يعني فرض قيود على حركتهم داخل المؤسسة، ووضعهم داخل جدران وظيفية جامدة يصعب التحرك فيها. فعدم وجود فرص للترقيات وحركات للتنقلات بين الوظائف يضر بمن يصلح لها، وبالتالي فإن تخطيط وتنمية المسار الوظيفي يطلقان امكانات وقدرات الافراد.

ويتضح من هذا الجانب ان بناء منظومة علمية لتخطيط المسار الوظيفي للموظفين في وزارة التربية والتعليم تعد من الامور ذات الاولية المتقدمة والتي تتفق وتوجهات الوزارة نحو تهيئة المناخ التعليمي كما أن الاهتمام بالموظفين تحديداً ناجم عن جمود حركة الموظفين.

ربنا يوفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق