الاثنين، 8 يناير 2018

الولاء قبل الكفاءة في القيادات الإدارية

    إن مصطلح الولاء لايقتصر على شريحة معينة من البشر إلا أنه يمكن أن يكون أكثر استخداماً في حالة المستويات الوظيفية ومجالات العمل المختلفة ناهيك عن أستخدامه في المجالات السياسية والإعلامية التي يستخدمها المتخصصون بالخطب الرنانة والتي يقصدون فيها التعبير عن مدى تمسك الفرد أوالسكان بوطنيتهم كدليل على رد الجميل للمكان الذي عاشو عليه وآواهم وحقق مصالحهم المعيشية .
    وفي الحقيقة إن مصطلح الولاء يعني في مجال آخر نوع من الإخلاص والوفاء المطلق لولي الأمر مهما كان نوعه ، ففي منظمة معينة على سبيل المثال يلتزم عدد من الموظفين بحسن الأداء لغرض رد الإعتبار لمن وظفهم مادام يحتل منصباً قيادياً في هذه المنظمة ، على أنه نوع من الأخلاص والوفاء له كعرفان بالجميل ، والمحافظة على دوره ومستواه ، وبهذا فولائهم ليس للمنظمة أو تحقيق أهدافها ، بل لمن ضمن لهم العمل وحصولهم على الأمتيازات الوظيفية المتنوعة ، وهذا كله بالطبع بعيد عن مفاهيم توفر الكفاءة والمهارة في العمل .
    إن تغليب سلطة القرابة والصداقة والمحسوبية في إختيار العاملين دون الأعتماد على أسس الكفاءة كمعيار للإختيار سيؤدي الى تقهقر العمل وتخلف مقومات بناء المجتمع العادل ، إضافة الى العوامل السلبية التي سيضيفها هذا الأختيار السلبي الى مستقبل العمل فتثقل عجلته وتؤخرها بسبب نقص الكفاءة والمهارة .
    إن الكفاءة ليست شيئاً من السهل الحصول عليه ، فهي مزيج سحري من التعب والجهد والخبرة وزمن طويل من المعايشة مع الأحداث ، كما إنها كم هائل من التجارب السلبية والإيجابية التي جمعت صاحبها بالتعامل مع العديد من المشاكل والعديد ممن يصنعها ، أو أنها المعرفة من خلال المواكبة لظروف العمل خطوة بخطوة حتى تحصل الخبرة المتراكمة نتيجة ذلك ، وهذا ما يتطلب وقتاً لتحقيقه ، فكم من الظلم إذاً تجاهل صاحب الخبرة والكفاءة ؟ وكيف يمكن تكوين الولاء الحقيقي في أشخاص تم أختيارهم منذ البداية على أسس غيرعادلة ؟
    ويترائى لي بواقعية نوعان من الولاء الوظيفي هما ولاء حقيقي ، وولاء أعمى !!
    إن الولاء الوظيفي الحقيقي في المؤسسات كان ثمرة جهود مضنية دأبت عليها الإدارات المختلفة لتحقيقه في سلوك العاملين ولا شك في أنها قد صرفت الكثير من الجهود والأموال لغرض تحقيقه في أنفس العاملين من أجل الغاية الكبرى وهي أهداف المؤسسة أو المنظمة وأنتشارها بالشكل المطلوب .
    إن الولاء الحقيقي الذي يتحقق في العاملين على نطاق كل المستويات الإدارية أو القيادية في المنظمة ينتج عنه حصول المنظمة على ملاكات وظيفية قادرة على الأستمرار بالعمل وتنميته وتطويره رغم كل الظروف التي قد تمر بالمنظمة ، وهذا الولاء يقاس بمدى التضحية بالمكاسب المتحصلة وقابلية الصبر على بعض الأزمات التي تمر بها المنظمة ، إضافة الى الشيء المهم من هذا كله وهو مدى مقاومة المغريات والعروض التي تقدمها المنظمات المنافسة لغرض استقطاب القدرات الوظيفية والمهارات إليها من بقية المنظمات للأستفادة من خبراتها المتراكمة ومهاراتها الكفوءة في إدارة وتنفيذ الأعمال .
    إن هذا الولاء الذي يصل الى هذه الدرجة من الرقي لا يمكن للمنظمة أن تحققه بسهولة فهو قد نتج بسبب جهود جبارة وذكاء إداري متميز ساعد على الحصول على هذا المستوى من ولاء العاملين وأول ذلك هو الأعتماد على الكفاءات منهم ، فالأحرى بالمنظمة الأهتمام بأصحاب الكفاءة والمهارة والإبداع ورعاية قدراتهم وتنميتها وبالتالي فإن الحصيلة الحاصلة من ولائهم للمنظمة سيكون كرد فعل ذو أمتداد مستقبلي قادر على الصمود ومقاومة رياح المغريات التنافسية التي تعرضها المنظمات الأخرى.
    إن بناء وتأسيس المنظمة على أساس الولاء قبل الكفاءة لا يمكن أن يكون ذا مغزى خصوصاً في عالم أقتصادي متقلب ومنافس ، فما فائدة الولاء وحده فيما لو كانت قدرة العاملين محدودة وليس بينهم من يمتلك قابلية الإبداع وتكوين الخطط الداعمة لمسيرة الأنتاج .
    إن أصحاب العقول الإدارية النيرة قادرين على أن يصنعوا الولاء في نفس كل العاملين معهم ، فمن خلال خطط إدارية ستراتيجية للموارد البشرية وتنميتها والمحافظة على أسس التحفيز والمكافأة لها يمكن للإدارة أن تصنع في العاملين ولاءاً يؤدي أغراضاً متعددة في آن واحد ليحقق أهداف المنظمة ويعزز قدراتها التنافسية وتطورها ونموها بالنسق الصحيح ، ويدفع بالعاملين على بذل الجهود بمستويات تصاعدية من الكفاءة والمهارة والإبداع .

استشارات موارد بشرية وتدريب
https://hrandtraining.blogspot.com.eg/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق