الثلاثاء، 9 يناير 2018

النظرة الاقتصادية للتدريب والتطوير



يجب أن نبدأ حديثنا بوعي تام وأذهانِ صافية ومتفتحة على أنه من الملاحظ بأن كافة الشركات تواجه في عالمنا اليوم تداخلات كثيرة في محيط العمل ومتعددة كنتيجة حتمية للعديد من الظواهر السابق ذكرها والتي أدت إلى دخولنا عالماً لا تنطبق عليه القواعد القديمة. وإزاء هذه التداخلات والمنافسة تسعي المنظمات إلي رفع مستوي مهارات العاملين واكتساب عناصر التميز، الأمر الذي يرتكز على العلاقة بين ممارسات الموارد البشرية وأولوية الاستثمار في تطوير واستعمال مهارات هذه الموارد والنتائج الاقتصادية للمنظمات.
ففي إطار التغييرات الهائلة التي نشاهدها اليوم، والتحول من الاقتصاد القائم على الإنتاج P-Economy إلى الاقتصاد القائم على المعرفة K-Economy، وهو ذلك النظام الذي تلعب فيه المعرفة والإبداع والتجديد دورا رئيسا ومتناميا في إحداث وتحقيق النمو والحفاظ على استدامته ، تبرز أهمية التدريب بوصفه العامل الأكثر حيوية وفاعلية في تنمية رأس المال البشري وضمان توافر الموارد البشرية المؤهلة للقيام بجميع المهام والأعمال على اختلاف مجالاتها وتخصصاتها في المنظمات العامة والخاصة على حد سواء.
ويعد التدريب من أكثر الموضوعات التي لاقت اهتماما كبيرا وذلك بسبب الدور الفعال الذي يلعبه في تنمية وتطوير الأداء لكافة فئات القوى العاملة بالمنظمة بشكل خاص والأمم بشكل عام وهو الذي يساعد الأفراد على الوصول لأعلى مستويات الحياة ويفتح أبواب التحديث Modernization.
وحيث إننا نعيش الآن حقبة استثنائية فقد أكد منتدى التنافسية الثاني بالمملكة العربية السعودية عام 2008 على أهمية دور العنصر البشري في تحسين البيئة الاستثمارية ورفع القدرة التنافسية، كما أشار الدكتور مايكل بورتر ، أستاذ الأعمال في جامعة هارفارد ومؤسس مفهوم التنافسية إلى أن: ضعف إنتاجية وتدريب الأيدي العاملة هو أحد أسباب عدم القدرة على التنافس؛ لذلك يجب توجيه وتركيز الاستثمار في مجالات التعليم والتدريب المهني؛ وصولا إلى تأهيل الأيدي العاملة على استخدام التقنيات الحديثة في العمل والإنتاج.
وعلى الرغم من الاهتمام الدولي المتزايد والملحوظ الذي نراه حولنا، إلا أن هناك قصورا شديدا وواضحا في تطبيق التدريب على رأس العمل. ورغم اهتمام الدول الأوروبية بهذا النوع من التدريب وتشجيعها له ودعمها لموظفيها دعما كبيرا في إطار الاستفادة منه، حتى أن بعض هذه الدول تلزم موظفيها بالحصول على دورات تدريبية وعلى فترات منتظمة، إلا أن واقعنا في هذا الجزء من العالم ما زال ينظر إلى التدريب على أنه عبء مالي إضافي ومضيعة للوقت، أو على أنه ترف، وفي الحالات المستعصية يعد الترشيح لدورة تدريبية منحة للموظف يهديها له الرئيس المباشر!!!
أما إذا قمنا بتطبيق الأنموذج الألماني والمسمى: Warehouse Model والذي يهتم بالتدريب الحرفي Apprenticeship فسوف يظهر لنا: أن الشركات التي لديها استراتيجيات تخصصية مرنة تقوم بتنمية أنشطة تدريبية أعلى من الشركات الإنتاجية. لقد أشار الاقتصادي الفريد مارشال إلي القيمة الاقتصادية للتعليم حيث أكد على أن الاستثمار في التعليم البشري من أهم وأكثر أنواع الاستثمارات المالية، كما أكد كارل ماركس بنظرياته على علاقة التعليم بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وأكد على أهمية التعليم والتدريب في زيادة وترقية مهارات العمل. فلم يعد دور الشركات منحصرا فقط في إنتاج السلع، فمع تقلص دور الجامعات والمدارس صار إلزاماً على الشركات أن توالي تنمية القوي العاملة وبناء العقول وتطوير الخبرات الإدارية الضرورية للمنافسة والتميز في زمن العولمة والأسواق المفتوحة.
وخلاصة القول: فإن هناك العديد من النظريات والأفكار الاقتصادية وراء قرارات وبرامج الموارد البشرية الأمر الذي يدعونا إلى إعادة التفكير في ماهية الموارد البشرية.

استشارات موارد بشرية وتدريب
https://hrandtraining.blogspot.com.eg/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق