الخميس، 25 أبريل 2019

ما هي ثقافة المنظمة ؟



لقد ظهرت ثقافة المنظمة بالتوازي مع تطور الثقافة التنظيمية داخل المنظمة ، فهو مفهوم حديث نشأ في سياق التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي برزت خلال النصف الثاني من القرن الماضي التي تلت ثورة الطلاب بفرنسا سنة 1968م.
يرمز ظهور ثقافة المنظمة إلى "طفرة مفاهيمية" شهدها مجال الموارد البشرية على أرضية أن ما يشكل ثقافة المجتمع يتسلل إلى ثقافة المنظمة ، فهذه الأخيرة تحدد هوية المنظمة وميزاتها من طقوس وتقاليد وعلاقات عمل مما يكسبها بعدا تأسيسيا في مستوى القيم المرجعية حيث يتولد مفهوم الأمن الاجتماعي وقيم الهوية الاجتماعية.
ولاستيعاب دراسة مفهوم الثقافة وللاستفادة منه في حياة العاملين والمنظمات سيتطرق الكتاب في هذا الجانب إلى مفهوم الثقافة وخصائصها وأهميتها وعلاقتها بالعمل وأنواعها ومكوناتها ووسائل تطويرها وتكوينها.
يعتبر مفهوم الثقافة من المفاهيم الشائعة في علم الأنثروبولوجيا حيث تعامل معه علماء الأنثروبولوجيا قبل مائة عام ، ومع ذلك فقد اختلفوا في تحديد معناها ، وفي عام 1952م جمع العالمان الأنثروبولوجيا " الفريد كروبركلايد كلوكهون " ما يقارب من مائة وستة وأربعين تعريفا لمفهوم الثقافة حيث شملت هذه التعاريف حقولا متعددة مثل التاريخ ، علم النفس ، علم الوراثة وبعض الحقول الأخرى.
فيعتقد المختصون من علماء الاجتماع أن المنظمة تدافع عن ثقافتها لأنها الأساس الذي يمكن من تقنين نماذج السلوك ومن ترسيخ القيم المتعارف عليها داخلها ، إذ أن ثقافة المنظمة تمكن الفاعلين من تبرير مواقفهم وإكساب آرائهم بعدا منطقيا.
ومن ثمة تستطيع المنظمة تحقيق ثلاثة أهداف وهي "رفع معنويات الفاعلين ودفعهم إلى العمل وخلق تضامن داخلي في رسم هوية المنظمة بكل وضوح".
كما أن ثقافة المنظمة تشكل تنشئة الفاعلين داخل المنظمة مسارا طبيعيا ، وبصورة عامة فإن التنشئة هي الطريق الذي يمكن الأعضاء السابقين في مجتمع ما من نقل كفاءاتهم ومهاراتهم ومعارفهم إلى الجيل اللاحق حتى يقوموا بأدوارهم على أحسن وجه في مجتمعهم وهذا ينطبق على التنشئة داخل المنظمة.
ينقل الفاعلون القدامى للأجيال القادمة الثقافة التي تضمن لهم المعارف الاجتماعية التي يحتاجونها للقيام بأدوارهم ووظائفهم داخل المنظمة بنجاح ، إن التنشئة توفر للفاعلين الأدوات التي تمكنهم من مواكبة ما يجري في المنظومة التي ينتمون إليها ، وهذا ما يجري أيضا داخل المنظمة لأنها تعلم آليات العمل ضمن الفرق والأقسام وتؤسس العلاقات الاجتماعية وعلاقات العمل كما تطور الكفاءات والمعارف الضرورية للقيام بالمهام الجديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق