الخميس، 26 أبريل 2012

أهمية العنصر البشري في العملية الإنتاجية

شهد العالم خلال السنوات القليلة الماضية، و لا يزل عددا من المتغيـرات الأساسية و التي طالت مختلف جوانب الحياة المعاصرة، و مست كافة المؤسسات الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية في دول العالم على اختلاف درجتها في التقدم و النمو، كذلك أثرت تلك المتغيرات على هيكل القيم ونسق العلاقات المجتمعية في كثير من دول العالم إلى الحد الذي برر القول، بأنه نعيش الآن "عالم جديد" مختلف كل الاختلاف عن سابقه و الذي سار عبر القرون و في بداية الثمانيات من هذا القرن.
و في خضم هذه التغيرات بدا الاهتمام بالموارد البشرية بتزايد في الإدارات المعاصرة، حيث تبينت الإدارة الدور المهم الذي تقوم به تلك الموارد في المساعدة على تحقيق أهداف الإدارات ، من جانب أخر، فقد شاع استخدام مفاهيم الإدارة الاستراجية ، غيرها من الإدارات الهادفة إلى تحقيق نتائج و أهداف محددة باستخدام الموارد البشرية و المادية و التقنية و من ثم بدا التزاوج و هو أمر منطقي بين إدارة الموارد البشرية و بين الإدارة الإستراتيجية .
وترجع استجابة الحكومات في الدول عامة للتدخل في حماية الموظف ومدى أهمية هذا العنصر في الإنتاج أو العملية الإنتاجية وضرورة العمل على حمايته ورعايته هو وأفراد أسرته، إذ أنه مما لا شك فيه أن الآلة مهما بلغت تطورا في إمكانياتها وقدراتها في العملية . نظرا للأهمية الفائقة للموارد البشرية و قدرتها على المساهمة ايجابيا تحقيق الأهداف ، تولي الإدارة الحديثة اهتماما متناسب بقضايا الموارد البشرية و هذا من زاويتين ، الأولى منها الموارد البشرية في الفكر الايداري الحديث ، و الثانية الفلسفة الجديدة لإدارة الموارد البشرية .
و تنطلق الإدارة الحديثة في اهتمامها بالتنمية البشرية من اعتقاد علمي سليم أن الإنسان لديه طاقات
و قدرتها ذهنية تفوق كثيرا ما يتم استغلاله أو الاستفادة به . فعلا في مواقع العمل المختلفة ، و إن الاستفادة القصوى من تلك القوة الذهنية هي المصدر الحقيقي لتميز الإدارات و قدرتها على تحقيق إنجازات باهرة غير تقليدية و لذلك نجد أن المحور الأساسية في فكر الإدارة الجديدة هو إعطاء الفرصة لموارد البشرية و الاهتمام بها حتى تتمكن من تحويل مفهوم إدارة الأفراد إلى مفهوم إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية من جعل هذه الموارد تمتاز باستراتيجية فعالة على مستوى الإدارات .
إن الحقيقة المهمة التي يركز عليها الفكر الايداري المعاصر أن هذا الجهد البشري لا يمكن أن يصل تحقيق نتائج ذات قيمة بمجرد أن يتوافر ، بل لابد من التخطيط و الإعداد و التوجيه و التنمية المستمرة في إطار نظام متطور لإدارة الموارد البشرية بالتناسق مع استراتيجيات الادارة .
لعل ابرز ما أحدثه المتغيرات و التوجهات العالمية و روافدها الإقليمية و المحلية من تأثيرات جذرية في مفاهيم الإدارة الجديدة ، هو ذلك الانشغال التام و العناية الفائقة بالموارد البشرية باعتبارها حجر الأساس و المورد الأهم الذي تعتمد عليه الإدارة في تحقيق أهدافها . و قد تبلور هذا الاقتناع الكامل بالدور الرئيسي للموارد البشرية في مجموعة الأسس التالية التي يتضمنها هيكل الفكر الإداري الجديد.
إن المورد البشري هو بالدرجة الأولى طاقة ذهنية و قدرة فكرية و مصدر للمعلومات و الاقتراحات و الابتكارات ،و عنصر فاعل و قادر على المشاركة الايجابية بالفكر و الرأي وأشير:
· إن الإنسان إذا أحسن اختيار و إعداد و تكوينه و إسناد العمل المتوافق مع مهاراته و رغباته فانه يكفي بعد ذلك توجيهه عن بعد و بشكل غير مباشر و لا يحتاج إلى التدخل التكميلي من المشرف أو الرقابة اللصيقة لضمان أداءه لعمله .
· إن الإنسان يزيد عطاءه و ترتفع كفاءته إذا عمل في مجموعة ( فريق) من الزملاء يشتركون معا في تحمل مسؤوليات العمل و تحقيق نتائج محددة .
و قد تكاملت لذلك مفاهيم حديثة في إدارة الموارد البشرية تتناول قضايا استثمار الموارد البشرية من متطور شامل و متكامل يعكس كل الإسهامات و الإضافات الايجابية تيارات فكرية متجددة مستمدة من النموذج الفكري الجديد للإدارة المواكب لحركة المتغيرات و ظروف عالم العولمة و التنافسية .
و يتلخص المنطق الأساسي لإدارة الموارد البشرية الجديدة في ضرورة احترام الإنسان و استثمار قدراته و طاقاته بتوظيفه في مجالات العمل الأنسب له ، و اعتباره شريك في العمل وليس مجرد أجير ، و في ذلك فان مفاهيم إدارة الموارد البشرية الجديدة تختلف جذريا عن مفاهيم إدارة الأفراد أو إدارة الموارد البشرية التقليدية .
امتازت الإدارة التقليدية للموارد البشرية بتعاملها مع العنصر البشري على أنه تكلفة يجب تدنيتها وقيد يعرقل طريق الإدارة لتحقيق أهدافها، واتجهت اهتماماتها بالبناء المادي للإنسان وقواه العضلية وقدراته الجسمانية، ومن ثم ركّزت على الأداء الآلي للمهام التي يكلف بها دون أن يكون له دور في التفكير واتخاذ القرارات، أيضا ركزت على الجوانب المادية في العمل، واهتمت بقضايا الأجور والحوافز المالية وتحسين البيئة المادية، واتخذت التنمية البشرية شكل التدريب المهني الذي يركز على إكساب الفرد مهارات ميكانيكية يستخدمها في أداء العمل دون السعي لتنمية المهارات الفكرية أو استثمارها.
وبظهور مجموعة من التغيرات والتطورات والتي نذكر من أهمها: التقدم التكنولوجي، انفتاح الأسواق وتحرير التجارة الدولية والاتجاه نحو العولمة، التحولات السياسية والتوجه نحو الديمقراطية، الانتباه إلى أهمية التعليم والجانب الثقافي وبزوغ عصر المعرفة. كل هذا أدى إلى اشتداد المنافسة وبحث الإدارات عن الحلول التي تلجأ إليها، عندها تم التوصل إلى أن السبيل لاكتساب القدرة التنافسية ومواجهة التحديات يكمن في العنصر البشري وفي النظر إليه كمورد يجب الاستثمار فيه وفرصة يجب الاحتفاظ بها، كما يجب أن تحضى كل القرارات الخاصة به بالاهتمام.
ومن هذا المنطلق تغير دور إدارة الموارد البشرية ولا زال في تغير مستمر حتى تواكب التغيرات البيئة والتنظيمية المختلفة. ولتكون قادرة على إحداث التغيرات اللازمة. فدور مدير الموارد البشرية يجب أن يكون أكثر شمولاً واتساعاً، وأن يتحول من مجرد كونه دور ممارس كردود أفعال لما هو قائم، ليصبح دوراً مبادراً ومحورياً لإحداث التغييرات. بل يجب أن يكون دوراً مشاركاً في إعداد وتطبيق الاستراتيجيات على مستوى الادارة أولاً وعلى مستوى إدارة الموارد البشرية ثانياً.
وبالإضافة إلى أن العناصر البشرية تمثل مورداً أساسياً وعنصراً حيوياً في ظل الظروف الحالية فهي أيضا ميزة تنافسية يمكن للمنظمة تحقيقها من خلال خلقها لموارد بشرية أكثر كفاءة والتزاماً ومهارةً وأكثر جودة، والتي تساعدها على المنافسة من خلال سرعة الاستجابة للسوق، تقديم منتجات وخدمات ذات جودة عالية والمنتجات المتميزة وأيضا من خلال الابتكارات التكنولوجية.
وقد أدّت هذه النظرة المتطورة إلى الموارد البشرية، واعتبارها ميزة تنافسية إلى بروز الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية، ويمكن تعريف الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية على أنها عملية الربط بين إدارة الموارد البشرية والأهداف والغايات الاستراتيجية لتحسين أداء الادارة ولتنمية بيئة ثقافية أكثر مرونة وقدرة على تبني السلوك الإبتكاري.
وهذا يعني أن إدارة الموارد البشرية الاستراتيجية تعمل على تحقيق الأهداف وغاياتها، ويتم ذلك من خلال ترجمة الاستراتيجية العامة إلى استراتيجية تفصيلية ومتخصصة في قضايا الموارد البشرية تتضمن غايات وأهداف وسياسات إدارة الموارد البشرية وتتكامل مع استراتيجيات الإدارات الوظيفية الأخرى.
وإلى جانب كل ما سبق فإنّ الإدارة الحديثة للموارد البشرية تتميز بقيامها بمهام جديدة بالإضافة إلى مهامها التقليدية (والتي نذكر منها: الاستقطاب والتعيين، الترقية، التدريب إلى غير ذلك). فقد أضافت مهمتين هامتين وذات تأثير إيجابي على أداء الموظفين وبالتالي أداء الادارة، وهما تمكين الموظفين والاعتراف بمجهوداتهم ومساهماتهم
يعتبر مصطلح التمكين من المصطلحات الحديثة، وتم ظهوره في قاموس الإدارة الأمريكية. يحتل هذا الإجراء أو الأسلوب في تسيير الموارد البشرية أهمية كبيرة خصوصاً إذا فكرت الإدارة في تطبيق إدارة الجودة الشاملة، وعموما له دور هام في نجاح الإدارات المتوجهة نحو العميل، فهو يساعد على الخلق والإبداع والابتكار لدى الأفراد، وأيضا على اختصار .عمليا هناك تشابه بين التمكين وسياسة أخرى مستخدمة في تسيير الموارد البشرية وهي التفويض، إلا أنهما يختلفان من حيث المبدأ، إذ أن عملية التفويض تعني إعطاء الفرد حق اتخاذ القرارات ولكن ليس دوما وإنما في حالة غياب مسؤولية أو لما ينشغلون بمشاكل أو أعمال أخرى ويكلفونه بالقيام باتخاذ قرار في مسألة أخرى. أما التمكين فهو منح حق اتخاذ القرارات للأفراد المتمكنين أو الذين أثبتوا كفاءتهم ويتمتعون بمؤهلات ومهارات فائقة، وذلك في كل الحالات أي حتى في حالات وجود المسؤولين، كما أن كلاًّ من عمليتي التمكين والتفويض لهما حدود لأنه إذا كان الأمر أو المشكل يتعدى حدود معينة فإن المسؤول هو من سيتكفل بهذا الأمر.إلى جانب دافع الاعتراف بالفرد لقيامه بالبحث عن عمل في مجموعة من الحاجات والرغبات المستترة والتي يعبر عنها بسلوكاته (والمتمثلة في البحث عن العمل) محاولة لإشباعها.
نحن اليوم في عصر عرف بتكنولوجيا المعلومات والاتصال، حيث لا نكاد نلمس أي شئ أو نحسه إلا ونجده ممزوجا بالتقنية، وباعتبار الادارة نظــام مفتوح تؤثر وتتأثر بالمحيط الـذي تعيش فيه، هذا الأخير له عدة متغيرات ومؤثرات، وإدارة الموارد البشرية كأحـد أهم وظائف الادارة تتأثر أكثر من غيرها وتؤثر في بقية الوظائف، وكما نعلم أن الإنسان هو محـور العملية الإدارية ولهذا وجب تطوير قدراته، ومعارفه بمـا يتماشى مع تغيرات المحيط إذا ما أرادت أي ادارة الوصول إلي السبق وتحقيق الميزة التنافسية، وعليه ومن يجب الاعتماد على:
- تكنولوجيا المعلومات كمدخل إستراتيجي في اقتصاد المعرفة.
- إدارة الموارد البشرية والتكنولوجيا الجديدة.
- استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصال في إدارة الموارد البشرية....
وانطلاقا من مصطلح إدارة الموارد البشرية بكل ما يعنيه من مفاهيم وأفكار وتحاليل،فمن كلمة إدارة والتي تعنى تسيير وحسن تنفيذ هذه الموارد،وانطلاقا من هذه النقطة وجب على الإدارة أن تلعب الدور المنوط بها باعتمادها على ما تتوفر عليه من إمكانيات مادية وبشرية ومعنوية وتحسن استغلالها أحسن استغلال،بالإضافة إلى ذلك العمل على مواكبة التطور الذي مس مختلف المجالات وذلك بإدخال أساليب ومناهج وطرق عصرية،وتقنيات حديثة في مجال التسيير الفعّال وتبدأ هذه الخطوات بضرورة التركيز على العنصر البشري باعتباره المورد والركيزة الأساسية لأية عملية إدارية؛من خلال الإمكانيات اللازمة حتى يتسنى له لعب الدور المنوط له مما يستلزم ضرورة تكوينه وتطويره باستمرار هذا من جهة،ومن جهة أخرى ضرورة إدخال تعديلات واعتماد الطرق والأساليب الحديثة،ولعل امتلاك تكنولوجيا المعلومات والاتصال وحسن استخدامها تأتى كخطورة جبارة في هذا المجال.
ولتحقيق أهداف تنمية الموارد البشرية ينبغي ترجمة نتائجه إلى واقع علمي ووضع هذه النتائج موضع التنفيذ الفعلي ، وعلى هذا يجب أن يمنح الدارس بعد تدريبه السلطة أو الفرصة لتطبيق ما توصل إليه من حلول أو اقتراحات بناءة جديدة في مجالات العمل ، وتتمثل الأهداف التي يمكن التوصل إليها من تدريب ما يلي :
· إحداث تغيير في طبيعة الفرد بالشكل الذي يجعله أكثر استجابة للتقويم وأكثر استعداداً لتطويع طبائعه وانطباعاته لصالح الادارة وأكثر قبولاً للتضحية والولاء وأكثر انعطافاً نحو الخير والتسامح
· إحداث تغيير في سلوك الفرد أو تصرفاته مع نفسه ومع الجماعة والادارة .
· أحداث الحوافز التي تحرك دوافع الإنسان وإعطاء كل ما يمكن إعطاءه من ولاء ووقت وجهد للإدارة لتحقق أهدافها عند تحقق غايته في العمل كترقية أو زيادة في الأجر .
· مواجهة التحديات الخارجية للادارة سواءاً في التقدم التكنولوجي أو الآلي في مجالات الإنتاج.
· إعادة توزيع القوى العاملة عن طريق وضع الموظف المناسب في المكان المناسب وهذا يعني الاستخدام الأمثل للموارد البشرية العاملة في المنظمة .
· المحافظة على الموارد البشرية فقد يساعد على تقليل حوادث العمل.
· معالجة مشاكل العمل مثل حالات التغيب أو الانقطاع عن العمل أو معدل دوران العمل أو كثرة الشكاوي والتظلمات .
فإذا ما تحقق هذا يمكننا أن نقول بأن مناهِج إدارة الموارد البشرية ستخطو خطوات إلى الأمام وخاصة بالنسبة لدول العالم الثالث التي تبحث عن نفسها، وهي لا تعلم أنها تملك السِلاح للنهوض وحتى لتحقيق السبق ولا يأتي هذا إلا بالعمل الجاد والمضني

ربنا يوفق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق